واقع تدريس التاريخ في مدارسنا
خالد فاروق
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
يعد التاريخ أحد العلوم الإنسانية التي لها مكانتها في العملية التعليمية، فالتاريخ سجل لحياة الأمم وتجاربها الماضية يُدون أحداثها في تسلسل وتناسق، ويحاول إبراز الترابط، وإدراك العلاقات بين الأحداث ويفسرها لمعرفة أسبابها ونتائجها، لذا فإن مناهج التاريخ ليست مجرد محتوى نعلمه للطلاب،وإنما هي مادة وطريقة ووسيلة ونشاط يشترك فيه المعلم مع المتعلم لتحقيق أهداف معينة.
لقد شاهدت مناهجنا التاريخية تغيراً كبيراً في العقود الأخيرة، لعل عدم الاكتراث بما يجري من تغيير في مناهجنا التاريخية، وما يحدث من إسقاط لأهم موضوعاتها أوجد خللاً يتحمله الجميع، فلم تأخذ مقررات التاريخ المدرسي حظها من العناية والاهتمام اللازم.
فالمتتبع للمقررات الدراسية في مدارسنا يجد أنها تتجه من سيء إلى أسوأ، وبتفنيد ما ورد بكتب التاريخ من أخطاء، وما وقع فيه مؤلفوها من مخالفات منهجية، نجد ما يلي:
· إغفال الهدف التربوي من دراسة التاريخ، وتجاهل الدروس والعبر المستفادة من الأحداث التاريخية، والادعاء بأن تاريخ الماضي لايفيد الحاضر.
· الاعتماد على مراجع مشوهة للتاريخ الإسلامي، والعزوف عن المراجع الموثقة.
· إحياء النزعات القومية، والنعرات العنصرية، التي كانت بدعم المحتلين.
· اعتبار الدين من اختراع العقل البشري.
· إغفال ذكر الأنبياء، وتمجيد الحضارات الوثنية القديمة.
فليس الهدف من تدريس ودراسة التاريخ مجرد الأحداث، وبخاصة تلك التي تهدم ولا تصلح، لذلك فإن هذا الكم الهائل من المعلومات النظرية التي لا ينبني عليها عمل لا تخدم أمتنا، وإنما تخدم مخططات أعدائنا، فقد اختزلت موضوعات التاريخ الإسلامي في الفتن والصراعات، في حين عُرض التاريخ الأوروبي على أفضل ما يكون.
وغالباً ما يتم تدريس التاريخ في مدارسنا على أنه لا يقدم حلولاً جاهزة من الماضي لعلاج مشكلات حاضرنا – وهذا ادعاء غير صحيح – فالتاريخ يقدم لنا حلولاً جاهزة للتطبيق من خلال تدبر السنن والسير والتجارب.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، في جميع المراحل الدراسية يتم تدريس حياة إخناتون – في التاريخ المصري القديم – على أنه أول موحد في التاريخ، وأول من نادى بالوحدانية في العقيدة، وإنما هو وثنية تجعل العبادة لوثن واحد هو قرص الشمس بدلاً من مجموعة من الأوثان، والمعلوم أن أول من وحّد الله وعبده من البشر هو آدم ( عليه السلام )، وإخناتون عاش بعد عصر نبي الله يوسف ( عليه السلام )، ويوسف الكريم كان موحداً مسلماً، داعياً إليه، فكيف يكون إخناتون أول من نادى بالوحدانية في العقيدة؟، وكيف يُدرس هذا وغيره كثير في مدارسنا لأبنائنا؟.
هذا غيض من فيض، فما ورد في كتب التاريخ الدراسية من أخطاء يؤكد أنها امتداد لما ورد في كتابات المستشرقين ومن يسير على دربهم الذين يتسترون وراء لافتة البحث العلمي، وغالبهم مضللون للعلم والمنهج وطرق البحث.