(2) نظرتنا لمصاب الكافرين
أبو فهر المسلم
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
الفرح بمصاب الكافرين؛ شرع الله، وسُنّة المُرسلين !
أمّا أدلة ذلك شرعًا ودينًا؛ فأكثر من أن تُحصَر، وأشهر من أن تُذكَر !
فمن القرآن .. قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا }.
فتأمّل .. كيف ذكَّر نبيَّه وصحابته، بمِنّته عليهم ونعمته؛ بإهلاك أعدائهم، والتنكيل بهم !
ولا شكّ أن التذكير بذا؛ أدخل عليهم فرحًا، وأوجب عليهم شُكرًا !
** وتأمّل دعاء موسى على فرعون وقومه:
{ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ }.
فتقبَّل الله دعاءَه، وأجاب سُؤلَه وأخيه: { قد أُجيبَت دعوتكُما }.
فلو لم يكن دعاؤه عليهم بالهلاك مشروعًا، ولا مرضيًّا عند الله، ولا محبوبًا لديه؛ ما تقبّله الله وأجابه !
فكيف لا يُفرَح بمثل ذا .. خاصّةً إذا وقع وتحقَّق ؟!
** بل وتعلَّم من شعيب عليه السلام :
حينما أهلك الله أعداءَه، وعاقبهم بعذابٍ من عنده؛ لم يأسَ عليهم، ولا أخذته بهم شفقة، بل ولم يَستسِغ ذلك .. فقال :
{ فكيف آسَى على قومٍ كافرين } ؟!
فاستنكر حتى مجرّد الأسى على ما أصابهم، وعلّل ذلك؛ بأنهم قوم كافرون .. أفيجوز لنا نحن أن نأسَى ونَشجُب ونُزمجِر ؟!
** وقد أخبر الله عن فرح الكافرين بمصابنا :
{ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا }. ألَسْنا أوْلَى بالفرح في مصابهم ؟!
وأما أدلّة ذلك من السُّنّة :
** فلا أدلّ على ذلك من صوم عاشوراء .. حيث كان صومُه؛ فرحًا وشكرًا لنعمة الله، بإهلاك فرعون وقومه .. مما ترتّب عليه؛ نجاةُ موسى والمؤمنين معه !
وكذلك قُنوته عليه السلام على أعدائه، ودعاؤه على بعضهم كمُضَر، وقوله كما في الصحيح: ( اللهم اشدُد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ).
فاستجاب الله دعاءَه، وفرح المسلمون لذلك فرحًا عظيمًا !
وأمّا سلَف الأمّة وربّانيُّوها :
فهذه سُنَّةٌ مُطَّردة عندهم .. متى بلغَهم مصرعُ كافرٍ أو طاغية، أو هلاك جبّار؛ فرِحوا بذلك واستَبشروا وشكروا الله !
غير مُبالين بكيفية وقوع ذلك، وبأيدي مَن كان، وإنما هو الفرحُ والتشفّي والاستبشار !
** وفي ذلك يقول العزّ بن عبد السلام: ( الظاهر من حال الإنسان، أنه يفرح بمصاب عدوِّه؛ لأجل الاستراحة منه والشماتة به ... ولذلك يتحقق فرحُه وإن كانت المصيبة سماويّة ). قواعد الأحكام
** وأخرج ابنُ سعد رحمه الله :
( عن حمَّاد، قال: بَشَّرتُ إبراهيمَ النَّخَعي بموتِ الحجَّاج؛ فسَجد .. ورأيتُ إبراهيمَ يَبكي مِن الفَرح ). الطبقات
وقد كان النخَعيّ ممّن يُكفّر الحجّاج .. وعلى تقدير عدم كفره ؛
فلإن كان هذا الفرح بمَهلك الجائر .. فكيف بالمُشرك الكافر ؟!