كيف تتآلف مع النقد
في المقال طريقتين لتعلم تقبل النقد: أولاً: اكتب جملتين على بطاقة بحيث تشاهدها دائمًا، ثانيًا: اجتهد في طلب النقد من الآخرين، وبذلك ستتغير نظرتك عن النقد إلى نظرة إيجابية، وأيضًا سيتأثر الآخرون، وسيفكرون بالنقد الإيجابي وكيفية مساعدة الآخرين ليتطور بدلاً من النقد السلبي.
- التصنيفات: محاسن الأخلاق -
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن كثيرًا منا من يكره النقد، ويشعر بثقله على النفس عند سماعه، ويكون جاهزًا للدفاع عن نفسه عندما يواجه النقد، وكأنه يواجه هجومًا على شخصه أو ذاته، وعليه أن يستعد بأفضل الأساليب والأفكار ليدافع عن منطقه أو أسلوبه. وأيضًا الكثير منا من يتحاشى نقد الآخرين، خشية تحسسهم من النقد أو إيذاء مشاعرهم؛ لذلك فالكثير منا يدرك بأن النقد شيء سلبي نخشاه نحن ويخشاه الآخرون.
ولكن نعود لنفكر كيف السبيل إلى التطوير ومعرفة عيوبنا وتعديلها؟ هل نستطيع أن نرى عيوبنا بأنفسنا كما يراها الآخرون فينا! وإذا عكسنا السؤال: هل الصورة التي نراها في الآخرين، هي نفس الصورة التي يرونها في أنفسهم؟ لابد من الاختلاف؛ وإلا إذا عرفنا كل عيوبنا والطريقة لتعديلها لكنا تخلصنا من هذه العيوب حين وجودها، أو أنها أصبحت عيوبًا قليلة جدًا؛ فلهذا نحتاج إلى النقد، ولكن ليس بالأسلوب الذي ننظر إليه، نحتاج إلى أن نكون إيجابيين في تقبل النقد.
فإذا كنا نقيم نقد الآخرين لنا بشكل سلبي سنصاب بالإحباط، وكلما كانت لدينا نظرة سلبية للنقد فهذا سيزيد من احتمال أن يكون رد فعلنا سلبيًا تجاه أي نقد يوجه لنا، بذلك سنخسر فرصة معرفة تقييم الغير لأدائنا، وأيضًا سيخسر الآخرون فرصة تقييمنا لأدائهم، فلنسعى إلى التآلف مع النقد ونتقبله.
وهاكم طريقتين لتعلم تقبل النقد:
أولاً: اكتب هاتين الجملتين على بطاقة بحيث تشاهدها دائمًا، وستلاحظ الفرق بعد مدة:
"النقد عبارة عن معلومات يمكن أن تساعدني على النمو" و"النقد عبارة عن تعلم المهارات والمعارف الأساسية".
ثانيًا: اجتهد في طلب النقد من الآخرين، لكن لا تطلب النقد من الآخرين بشكل مباشر؛ لأن أغلب الأحيان يفكر الآخرون بالأشياء السلبية عند النقد، لذلك من الأفضل في البداية أن تطلب منهم بعض المقترحات حول كيفية تطوير ذاتك أو تطوير عملك أو تحقيق المزيد من الفاعلية، واحرص على الإنصات لهم والتفكر في نقدهم، بعد ذلك اشكرهم على ذلك. وبذلك ستتغير نظرتك عن النقد، إلى نظرة إيجابية، وأيضًا سيتأثر الآخرون، وسيفكرون بالنقد الإيجابي وكيفية مساعدة الآخرين ليتطور بدلاً من النقد السلبي.
العدل في وصف الآخرين:
وإذا كنا نتحدث عنك كيف تتآلف مع نقد الآخرين لك، فأنت بدورك لابد لك من التآلف مع النقد الصحيح للآخرين بأن تتصف بالعدل في نقدك للآخرين، والأصل في هذه القاعدة قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} [هود:85] والمقصود بالعدل في وصف الآخرين هو: العدل في ذكر المساوئ والمحاسن والموازنة بينهما، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « » ر (واه الترمذي - [2423] - [9/39] وأحمد - [12576] - [26/123 ] وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم [3139]) . فلا أحد يسلم من الخطأ، فلذلك لا ينبغي أن تدفن محاسن المرء لخطأ وقع فيه، كما أن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث؛ ولذلك ينبغي للمسلم إذا وصف غيره ألا يغفل المحاسن لوجود بعض المساوئ، كما لا ينبغي أن يدفن المحاسن ويذكر المساوئ لوجود عداوة أو بغضاء بينه وبين من يصفه؛ فالله عز وجل قد أدبنا بأحسن أدب وأكمله، فقال سبحانه: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} [الشعراء:183].
وإنك لتجد كثيرًا ممن يذم غيره بذكر مساوئه ويغض الطرف عن محاسنه، بسبب الحسد والبغضاء، أو لتنافس مذموم بينهما، ولكن المنصفون هم الذين يذكرون المرء بما فيه من خير أو شر ولا يبخسونه حقه، ولو كان الموصوف مخالفًا لهم في الدين والاعتقاد، أو في المذهب والانتماء؛ فمنهج السلف هو: اعتبار الغالب على المرء من الصواب أو الخطأ، والنظر إليه بعين الإنصاف "مجلة البيان العدد 41ص24 محرم 1413هـ. مقال لـ(هاشم بن إسماعيل)".
وقبل هذا وذاك ليكن غرضك من النقد تبيين السلوك الخطأ رغبة في تعديله من قبل المخطئ؛ لينتشر الخير، وليكون نقدك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنال أجر ذلك من الله تعالى، بدلاً من أن تنتقد فقط لمجرد النقد فتكون من اللمَّازين المؤذين. نسأل الله أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.