الاستهداف العلماني لرموز سنة بنغلادش
لم يعد الإسلام السياسي –إن صح التعبير– هو المستهدف فحسب من قبل الحكومات العلمانية في العالم، بل يبدو أن المسلم السني –أي مسلم– بات هدفًا للحملة الشرسة التي يقودها أعداء الإسلام ضد أتباع هذا الدين الحنيف، فهو الوحيد الذي تُلصق به تهمة "الإرهاب" في العالم، وتُنشأ التحالفات العسكرية ضده، رغم أنه الضحية الأولى "للإرهاب" العالمي الممارس ضده من قبل العلمانية والنصيرية والبوذية والرافضية المجوسية.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
يبدو أن الحرب العلمانية الصليبية -بالتحالف مع الصهيونية والمجوسية- التي تشنها ضد الحركات والجماعات الإسلامية الكبرى في بلاد المسلمين قد بلغت حدًا لم تعهده من قبل، حيث أضحت هذه الحرب معلنة وشرسة وشاملة، خصوصًا بعد ثورات ما يسمى "الربيع العربي"، التي أظهرت فساد وعدم صلاحية ما يسمى "العلمانية" لحكم بلاد المسلمين، وأكدت توق الشعوب الإسلامية أن تحكمها الشريعة الإسلامية الغراء، حيث أعطت هذه الشعوب أصواتها للتيار الإسلامي في صناديق الانتخابات.
وإذا كان الغرب لم يطق رؤية الإسلام يحكم بلاد ما يسمى "الربيع العربي"، فاستخدم أزلامه وأتباعه للانقلاب على تلك الثورات وإعادة البلاد إلى التبعية الغربية العلمانية من جديد، فمن باب أولى ألا يسمح للتيار الإسلامي أن يصل إلى حكم الدول غير العربية كبنغلادش وغيرها من دول جنوب شرق آسيا.
ومن هنا لا تكاد تجد حركة أو جماعة أو حزبًا إسلاميًا سنيًا في أي بلد في العالم إلا وقد مُورس بحقه الإقصاء من الحياة السياسية أولًا، تمهيدًا لحملة اعتقالات طالت معظم الأتباع والمنتسبين، وصولًا إلى تصفية الرموز والشخصيات البارزة، وليس انتهاء بقرار الحل ومصادرة الأموال والممتلكات بتهمة "الإرهاب" التي أضحت تهمة خاصة بالمسلمين دون غيرهم -على ما يبدو- عالميًا.
وعلى الرغم من أن بنغلادش دولة تقطنها غالبية إسلامية بامتياز، حيث يبلغ المسلمون فيها حوالي 90% من عدد السكان، إلا أنها ما زالت تحت حكم الأحزاب العلمانية المدعومة من الهند الهندوسية منذ استقلال بنغلادش عن باكستان عام 1971م.
ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الحملة الممنهجة التي شنتها الحكومات العلمانية المتتابعة ضد الجماعة الإسلامية في بنغلادش، ولم تخرج حكومة رابطة حزب "عوامي" العلماني الذي أدت زعيمته الشيخة حسينة العام الماضي اليمين الدستورية لرئاسة الحكومة للمرة الثانية على التوالي بعد انتخابات قاطعتها المعارضة وشابتها أعمال عنف عن هذا النهج، بل ربما يمكن القول بأنها الحكومة الأكثر استهدافا للجماعة الإسلامية، حيث ابتدعت عام 2010م محكمة تسمى "جرائم الحرب الدولية" للنيل من التيار الإسلامي عمومًا، و للقضاء على رموز الجماعة الإسلامية المعارضة على وجه الخصوص.
ومنذ ذلك التاريخ وحكومة حسينة العلمانية تنفذ كل فترة حكمًا أو أكثر من أحكام الإعدام بحق أحد رموز الجماعة الإسلامية، والتهمة جاهزة: ارتكاب جرائم حرب خلال حرب الاستقلال عن باكستان عام 1971م.
وكان من آخر من استهدفتهم الحكومة العلمانية في بنغلادش: علي إحسان محمد مجاهد الأمين العام لحزب "الجماعة الإسلامية"، الذي تم تنفيذ إعدامه في ساعة متأخرة من ليل السبت الأحد بعد أن رفض الرئيس عبد الحميد طلبه في الحصول على عفو، وبعد أن رفضت المحكمة العليا الأربعاء الماضي الطعن النهائي الذي تقدم به، وهو ما يؤكد مساعي الحكومة العلمانية هناك للإسراع في إجراءات تصفية رموز التيار الإسلامي، في محاولة لطمس هوية شعبها المسلم، وقمع أي معارضة للحكومة العلمانية الحالية.
لم تخرج تهمة "مجاهد" الملفقة ضده عن تهم أمثاله من رموز الجماعة الإسلامية الذين أعدموا من قبله، فقد ألصقت الحكومة العلمانية به خمس تهم من بينها "التعذيب" و "قتل مثقفين وأفراد من الأقلية الهندوسية" خلال حرب استقلال بنغلادش عن باكستان، ليتأكد أن "المحكمة" اصطُنعت خصيصًا لتصفية المعارضين وعلى رأسهم: رموز الجماعة الإسلامية.
لم ترتكب الجماعة الإسلامية في بنغلادش ولا رموزها أي جريمة تستحق الأحكام الجائرة التي تصدرها محكمة حكومة حسينة العلمانية، وإنما ذنبها الوحيد أنها كانت في ذلك الوقت تعارض الاستقلال عن باكستان، باعتبار أن ذلك سيصب في مصلحة الهند الهندوسية المتربصة بالإسلام والمسلمين.
لم يعد الإسلام السياسي –إن صح التعبير– هو المستهدف فحسب من قبل الحكومات العلمانية في العالم، بل يبدو أن المسلم السني –أي مسلم– بات هدفًا للحملة الشرسة التي يقودها أعداء الإسلام ضد أتباع هذا الدين الحنيف، فهو الوحيد الذي تُلصق به تهمة "الإرهاب" في العالم، وتُنشأ التحالفات العسكرية ضده، رغم أنه الضحية الأولى "للإرهاب" العالمي الممارس ضده من قبل العلمانية والنصيرية والبوذية والرافضية المجوسية.
د. زياد الشامي