ليس كل الظن إثمًا
أم هانئ
من لم يُعرف باجتناب الشبهات لم يَسلم لقول من يطعن فيه، ومن لم يَتَوَقَّ الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه
- التصنيفات: محاسن الأخلاق - مساوئ الأخلاق -
في يوم ما حدث حادث ما لقوم فشكّوا في أحدهم، لأنه كثيرًا ما تلبس بمثل ما حدث من مصاب لهم، فأخذ يبكي يشكو إلى الله من القوم وظلمهم، صارخًا يسأل القوم عن برهان يثبت شنيع قولهم: "اتقوا الله، إن بعض الظن إثم" كذا أخذ يكرر على أسماعهم.
ثم تبين أنه بريء؛ فزاد عويلاً متغيظاً على أعيانهم، فندم القوم واستغفروا ربهم؛ على سوء ظنهم، وكربوا كربًا عظيمًا على شنيع ذنبهم.
وكنت مع القوم حاضرة، ولبرهة تلبس الأمر عليّ حتى أتتني خاطرة وقعت في قلبي واضحة نيرة مسفرة، قلت: "مهلاً مهلاً يا قوم، لم يحرم الله كل الظن؛ ذلك أن بعضه ليس بإثم، فإذا كان المحل قابلاً لسوء الظن، لا يترفع عن الشبهات والظلم، فلا ريب يرتفع عمن ظن سوءًا الإثم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الألباني، إرواء الغليل، رقم:[2075]، وقال: صحيح).
» (وقال بعض أهل العلم: "قوله: « » بالهمز بوزن استفعل من البراءة، أي: برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، لأن من لم يُعرف باجتناب الشبهات لم يَسلم لقول من يطعن فيه، وفيه دليل على أن من لم يَتَوَقَّ الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه، وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة" ا.هـ (1)
فيا قوم: لا إثم ولا ظلم ؛ فقد كان أهلاً لسوء الظن.
فلك الحمد اللهم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- نقلا عن ابن حجر / الفتح / ج1 / شرح حديث رقم: 52 /، كتاب: الإيمان / باب: فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ.