اخسأ يا جمال فلن تعدو قدرك
ملفات متنوعة
أما أن موقف الشيخ يصبُّ في مصلحة المتطرفين, فهذه يمكن أن نجعلها
نكتة الموسم ياخفيف الظل, وإن كنت قد أتدخل في بعض شأن أسرتك الداخلي
لأسأل: هل لعائلتك غيرك؟!
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمدلله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيطان الرجيم, وأنه بعد أن أيس من عبادته في جزيرة العرب, رضي في التحريش بين الناس, ومعلوم أن الشيطان لا يأتي بشخصه لكل أحد, بل يمارس هذا الخلق الذميم من خلال جنده وخدَّامه من الجن والإنس, وقد يكون هذا التحريش بين الناس ملبَّساً بلباس النصيحة والغيرة والوطنية, وذلك حتى تقبله القلوب, ولا تستهجنه النفوس.
قرأت ما كتبه جمال خاشقجي, من تحريش رخيص, وتحريض سافر, ضدَّ ماتفضَّل به الشيخ سعد بن ناصر الشثري, حين سئل عمَّا يجب تجاه منكرات جامعة الملك عبدالله, ورأيت وكأن جمال قال للشيطان: "اتركه عليَّ, فأنا كفيل به عنك".
عجباً!!!
أين حرية الرأي يا أدعياء حرية الرأي؟!
أين الحوار يا مهرجي الإعلام؟!
الشيخ قال ما يعتقده, وليس ملزماً أن يقول ماتعتقده أنت, أو ما يعتقده غيرك, وهو بهذا يدلي بدلوه, ولم يعترض على كلِّ ما في هذه الجامعة, بل طالب بأن تكتمل صورتها البهية, بموافقة باطنها لظاهرها, وظااهرها لباطنها, وذلك بأن تكون جامعة علمية كما أراد الملك, وأن تكون جامعة نقيَّة من الاختلاط المذموم, وأي منكر آخر, كما يريد ربُّ الملك, فماذا يضيرك من هذه المطالب يا مدعي الفهم والحرية؟!
الاختلاط شرُّ, وليس لك حجة في كونه كما تزعم نتاج طبيعي, فهذا منطق من سفه نفسه, لأننا يجب أن نُخضع نتاجنا وجميع أحوالنا لشرع الله, وألا نُخضع شرع الله لواقعنا, ولكأني بك وأنت تخاطب الشيخ, وتُنكر عليه نصحه ومحبته للملك, تريد أن توصل رسالة للناس, بأن من سبق الشيخ في إنكار الاختلاط, لايفقهون من الواقع شيئاً, وأنك أنت وحدك من يعرف الأمور بدقائقها وتفصيلاتها.
إن من أبرز من أنكر الاختلاط, وأكَّد أن لها مفاسد وأخطار, هو مؤسس المملكة العربية السعودية -رحمه الله-, ورسالته في هذا لاتخفى, ومما جاء فيها:
"أقبح ما هناك في الأخلاق، ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية، من تدبير المنزل، وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة، الذين هم فلذات أكبادهن، وأمل المستقبل، إلى ما فيه حب الدين والوطن، ومكارم الأخلاق، ونسين واجباتهن الخُلُقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة .
ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا -والله- ليس هذا "التمدن" في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة، أن يرى زوجته أو أحد من عائلته، أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي.
هذه طريق شائكة، تدفع بالأمة إلى هوة الدمار، ولا يقبل السير عليها إلا رجل خارج عن دينه، خارج من عقله، خارج من بيته.
فالعائلة هي الركن في بناء الأمم، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها.
إننا لا نريد من كلامنا هذا، التعسف والتجبر في أمر النساء، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقاً يتمتعن بها، لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة، وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب، فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية، وشرعنا السامي، ما يؤخذ علينا، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي، إذا وجهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثير من الأوروبيين، من أرباب الحصانة والإنصاف.
ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين وسمعناهم يشكون مرّ الشكوى، من تفكك الأخلاق، وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد، وهم يقدرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا، وما جاء به نبينا من التعاليم التي تقود البشرية إلى طريق الهدى، وساحل السلامة، ويودون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه التي يتشاءمون منها، وتنذر ملكهم بالخراب والدمار، والحروب الجائرة.
وهؤلاء نوابغ كتابهم ومفكريهم، قد علموا حق العلم هذه الهوة السحيقة التي أمامهم، والمنقادين إليها بحكم الحالة الراهنة، وهم لا يفتؤون في تنبيه شعوبهم، بالكتب والنشرات والجرائد، على عدم الاندفاع في هذه الطريق التي يعتقدونها سبب الدمار والخراب.
إنني لأعجب أكبر العجب، ممن يدعي النور والعلم، وحب الرقي لبلاده، من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها، ما نوهنا عنه من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كل أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رحمةً وهدى لنا ولسائر البشر.
فالواجب على كل مسلم وعربي، فخور بدينه، معتز بعربيته، ألا يخالف مبادئه الدينية، وما أمر به الله تعالى، بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه، فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة، والعلم الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة، وكل ما من شأنه أن يمس الدين، والسمت العربي، والمروءة، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده، الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة، التي تحث على عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه، ومعنى الإسلام وعظمته، وما جاء به نبينا: ذلك البطل الكريم والعظيم صلى الله عليه وسلم من التعاليم القيمة التي تُسعد الإنسان في الدارين، وتُعلمُه أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن يقوم بأمر عائلته، ويصلح من شأنها، ويتذوق ثمرة عمله الشريف، فإذا عمل، فقد قام بواجبه، وخدم وطنه وبلاده".
فهل كان المؤسس -رحمه الله- متعسفاً جاهلاً متخلفاً؟!
إن الشبخ سعدا, وغيره ممن وقف مناصحاً للملك في هذه المسألة, وغيرها من المسائل, التي تطبلون لها, أو ترونها نتاجاً طبيعيَّاً, أغير على الملك منكم, وأكثر حبَّا له منكم, وأكثر استجابة لقوله منكم, وأكثر سمعاً وطاعة له منكم.
طالبهم الملك بأن يقولوا كلمة الحقَّ لا تأخذهم في الله لومة لائم فاستجابوا.
وطالبكم الملك بأن تكفوا عن نشر صور النساء فأعرضتم وتكبرتم.
طالبهم الملك بأن ينصحوا له, ويبينوا له, فاستجابوا وبينوا.
وطالبكم الملك بأن تتحروا المصداقية, وتنشروا الواقع كما هو, فاقتحمتم أسوار الكذب اقتحاما, وجعلتم من صحيفتكم منارة للتلفيق وتزوير الحقائق.
طالبهم الملك بأن يخدموا دينهم وبلدهم وأمتهم, فاستجابوا وجلسوا لنصح الناس وتعليمهم.
وطالبكم الملك بذلك, ففتحتم أبواب الصحف للتوجهات المشبوهة التي لاتوافق منهج هذه البلاد, وما شهادة سمو النائب الثاني -حفظه الله- عنَّا ضد منهجكم المخزي ببعيدة.
فأي الفريقين أكثر حمية على وطنه, ومحبة لولاته, ونصحاً لقادته, وإصلاحاً في مجتمعه؟!
وثمَّت أمر آخر, فمن أنت حتى تأتي لتفصل في حال هيئة كبار العلماء, وأن هذا لم يتمَّ اختياره بتوصية, وإنما بدعم ورعاية من الملك -حفظه الله-, وكأنك بهذا تمُنُّ عليه, أو تحاول إظهار نفسك وكأنك تملك أسرار البلد, فضلا عن كون هذا القول يحمل في طياته اتهاماُ خطيراً لهذا الصرح العلمي الرسمي, بحيث تحوَّل من كونه مرجعية علمية, إلى دورة تربوية, ومحطة تدريبية, فهذا جاء بمساعدة الملك, ولم يكن يحمل ما يؤهله لبلوغ هذا المنصب, بمعنى أنه ليس أهلا للثقة, وليس هو بالعالم الذي يستحق الأخذ عنه, بل هو جاء بالواسطة ليس غير.
أعوذ بالله من الجهل والإسفاف, وأعوذ بالله من الحمق, فكم قتل صاحبه, وأعوذ بالله من الطيش والتهور والنزق, فكم هو عدو للإنسان قبل عداوات الأعداء.
أما علمت يا جمال, وأنت تتهجَّم على هذا الشيخ, وتحاول التحريش عليه, وتخاطبه وكأنه أحد أولادك الصغار, أنك بهذا تهين الملك وتزدريه؛ فالشيخ إن كان كما تقول جاء بدعم الملك, فهو لم يخرج عن رغبة الملك, وقال ما يتوافق وسياسة هذه البلاد, ولا عذر لك في كون الملك أكثر حنكة ودراية, فالملك ليس معصوماً, ولا هو نبي مرسل, أو ملك مُنَزَّل, بل هو بشر يصيب ويخطىء, وهو ليقينه بأنه كذلك, وإدراكه أن المنافقين الذين يطبلون لكل أفعاله, ولاينصحون له, لن ينفعوه عند الله شيئا, فتح بابه وقلبه للنصيحة, فهل تُراه يقبل النصيحة في شيء أصاب فيه مثلاً؟!
أما أن موقف الشيخ يصبُّ في مصلحة المتطرفين, فهذه يمكن أن نجعلها نكتة الموسم ياخفيف الظل, وإن كنت قد أتدخل في بعض شأن أسرتك الداخلي لأسأل: هل لعائلتك غيرك؟!
آخر من يتكلم عن دعم التطرف والمتطرفين في نظري هو أنت, واتهامك للشيخ بذلك ولو من وراء وراء, أو تلميحك بأن قوله يَصبُّ في مصلحة أولئك, هذه دعوى سخيفة, لاتصدر إلا من أحمق جاهل, أو حاسد مبغض, لأن إنكار الشيخ هو أول ما يقطع الطريق على المتطرفين, ويفسد عليهم تهمة سكوت العلماء ومداهنتهم, وأنت بجهلك في هذه المسائل تحاول تبرئة ممارسات المطبلين للمنكرات, الساكتين عنها, الذين يعتبر سكوتهم أو تطبيلهم, أكبر مستند وورقة يساوم عليها المتطرفون.
والله إنه لمن السخف والسذاجة, أن تتناول عالماً عبر صحيفتك التي قال عنها سمو النائب الثاني -حفظه الله- ما نصه: "أنتم في صحيفة الوطن لكم توجه سيء ونوايا لا أعرف لماذا تبرزها صحيفتكم... فأرجو أن يتغير هذا التوجه لماهو واجب عليها... أما أن تستكتب الأخبار التي ليس لها أساس من الصحة وحسب أهوائها ضد العقيدة وضد الوطن فهذا لا يليق بأي صحيفة ولابأي مواطن يعمل", وتحاول لمزه والتحريش عليه, وهو محل الثقة والقبول, ومن قبله أبوه وجده, ولهم في حسن السيرة, والنصح والصدق, مواقف لاتبلغها وملء الأرض من مثلك قولاً, فضلاً عن أن تبلغها فعلاً.
والله إني لا أعرف هذا الشيخ إلا من خلال نتاجه, ولم يسبق لي أن قابلته في حياتي, ولكني أجد لزاما عليَّ وقد تطاول الأقزام على مائدته, وارتقى السفهاء سلَّم الاستهانة بمقامه, وركب الأفاكون موجة التأليب عليه, أن أذبَّ عن عرضه, لا سيما أن من عارضه ليس معروفاً بعلم فيشفع له علمه, ولا محمودا في حسن التعامل فيغفر تطاوله ما هو عليه من إحسان سابق.
إضافة إلى أن الشيخ وغيره ممن أنكروا ما رأوه في هذه الجامعة, لم ينكروا التعليم والبحث ولم يعارضوه, بل هم من أكثر الداعين إليه, والمنادين به, وأن تستغني هذه البلاد بنفسها -بعد توفيق الله- عن غيرها, وتتصدَّر الدول في التقدم والبحث, وتكون رائدة في هذا المجال, لكن من خلال النوافذ السليمة, والوسائل الآمنة, وليس من خلال نافذة الاختلاط التي لا يخفى فسادها وخطرها.
إنني على ثقة تامة أن أدعياء التغريب لايهمهم التقدم العلمي في هذه الجامعة, بقدر ما يهمهم النتاج الطبيعي كما يُقال, وذلك من خلال الاختلاط, وإلا فهذا الغرب الذي نحن عالة عليه في كثير من أمرنا, بدأ يصرخ من جحيم الاختلاط, ويصطلي بنيران ويلاته.
والله إنه ليتملكك العجب, حين تجد بعض التافهين, الذين يدفعهم الانبهار ببعض المنجزات الغربية, ثم يطالبون بتقليده في كل شيء, ولا يقتصر سعيهم للأخذ بالنتاج الإيجابي, بل يبغون حلوها ومرَّها, ويطالبون بالبيضاء والسوداء.
إذا كان الغرب تقدَّم في مكتسباته المادية, فقد هوى في قاع الانحطاط الأخلاقي, وإذا كان أنجز الصناعات المتقدمة, فقد تمرَّغ في وحل التشتت والضياع الأسري.
نعم هو صنع الطائرة والمدفع, والقنبلة والراجمة, وصنع المحطات والمولدات, وصنع حضارة علمية كبيرة, لكنه يقبل رسميا بالفاحشة, وبلغت نسبة الجريمة الأخلاقية فيه إلى أعلى مستوياتها.
قرأت قبل مدة خبرا عن فتاة غربية, عرضت نفسها للراغبين بأعلى سعر, وذلك للمنافسة في تحصيلها, حيث بلغت واحدا وعشرين سنة ولا زالت عذراء, فأي انحطاط هذا, وأي سوء هذا!!
يا جمال:
والله -ثقة به- لن تبلغ ما أردت, ولن يتحقق لك ما تمنيت, أتدري لماذا؟!
لأنك سلكت مسلكاً لا ينطلي على خبراء السياسة ودهاقينها, فالولاة -حفظهم الله- لا تنطلي عليهم مثل تلك الأساليب الفجة الرخيصة, وهم يعرفون دوافع الشيخ وما عنده, وهو حين فال ما قال, أعرف بالمصلحة منك, وأكثر حكمة ودراية, ومناصحته العلنية للقائمين على الجامعة, لا تلغي كونه يناصح الملك -حفظه الله- بينه وبينه, فبين الأمرين فرق لا يبلغه جهلك, ولا يحيط بمثله قصر نظرك.
بل أنا على يقين أن موقف الشيخ هذا سيجعله من حيث لم يُرد, أكثر قرباً, وأعظم قدراً, لأنهم أدركوا فيه الغيرة والنصح, وعلى هذا جرى أسلافه فنعموا برفيع المنزلة والشرف.
لقد كان الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- , من أكثر العلماء نصيحة, وصدعاً بالحق, ومازاده ذلك إلا علوا وتقريبا, ومثله تلاميذه من بعده, رحم الله الأموات, وبارك الله في الأحياء منهم جميعا, وذلك لأن سياسة الدولة تعلم ما تنطوي عليه صفحة المحتسبين من الصدق والشفافية والوضوح, أما المهرجون المتزلفون فهم كالعلكة المحلاَّة, ترمى في النفاية ساعة تغيَّر طعمها, فهي إنما استخدمت لغرض, انقضت حين انقضى.
بقي أمر مهم, وهو أن محاولة الربط بين حكمة القيادة, وتطبيق الشريعة, وبين وجود المنكر, ليست من طرق الأسوياء, فإن أدنى من في رأسه مسكة عقل, يدرك أن المجتمع مهما بلغ في حكمته, وتطبيقه لأمر ربه, فلن يكون مجتمعا ملائكيا, فهذا مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وقع فيه من المخالفات ما لا يخفى, وهذا يعني بوضوح أن وجود المنكر, لا ينافي الحكمة, بل الذي ينافيها هو إقراره وتسويغه, ولهذا كان للوزراء والمستشارين والعلماء منزلة كبيرة في الإسلام, من حيث بيانهم لما يجب شرعاً, وتحذيرهم للحاكم مما لا يصلح فعله.
إن محاولتك تجيير كلام الشيخ على أنه اتهام لحكمة الملك -حفظه الله-, أو مشاورته للعلماء, أو ما شابه ذلك, محاولة ساذجة, هي من عمل الشيطان, وإلا فعلى قاعدتك هذه, فإن كل ما أفتى به العلماء قديما وحديثا, مما يقع في هذه البلاد من المخالفات الشرعية, اتهام للحاكم وتأليب عليه.
كنت أظن أنك ستكون أول المرحبين بقول الشيخ, لا لأنه يوافق رغباتك, فأنا أعلم أنك تكره قوله, بل لأن السياسة -لو كنت تفقهها- تتطلب أن تثني على موقفه, لا سيما وأنت ترى أن مؤسسات الدولة العلمية والشرعية, متهمة في الخارج بعدم قول كلمة الحق, وإذْ بك بغباء, تُكرِّس هذا المفهوم, وتؤكد للعالم أن الإعلام السعودي, يريد للعالم أن يكون تبعاً, وألاَّ يقول مايراه مخالفا لما يعتقده شرعاً.
يا جمال:
أعلم أنك بسيط, ولو كنتَ في بيتك, وفي معزل عن عوامل التأثير, لعذرتك وما عذلتك, ولما كلفت نفسي عناء سطر واحد, لكني أدرك أنك تُدفع للمواجهة؛ لأن من خلفك أجبن منها, ولهذا فخطابي ليس إليك, بل لمن تمترس بك, وجعلك بوقا له.
إن خلفك الشيطان, الذي يريد الاختلاط , ويفرح به, ويشغب على المنكرين له, فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وإن عدتم عدنا, وما هي من الظالمين ببعيد.
ولكن لعلي أعود قريبا لأتناول شغبك على قناة المجد, مسترجعاً حديث فهمي هويدي حول جلستك مع اليهودي في اجتماع.........
اللهم عليك بالفجرة المنافقين, والخونة الليبراليين, والرجس العلمانيين.
اللهم اهتك سترهم, وزدهم صغارا وذلا, وأرغم آنافهم, وعجل إتلافهم, واضرب بعضهم ببعض, وسلط عليهم من حيث لا يحتسبون.
اللهم اهدِ ضال المسلمين, وعافِ مبتلاهم, وفكَّ أسراهم, وارحم موتاهم, واشفِ مريضهم, وأطعم جائعهم, واحمل حافيهم, واكسُ عاريهم, وانصر مجاهدهم, وردَّ غائبهم, وحقق أمانيهم.
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا, ومعينا ونصيرا, اللهم سدد رميهم, واربط على قلوبهم, وثبت أقدامهم, وأمكنهم من رقاب عدوهم, وافتح لهم فتحا على فتح, واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر, وأخس من البعر, وأوثقه بحبالهم, وأرغم أنفه لهم, واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه, والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل.
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا.
اللهم أصلح الراعي والرعية.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا, واحفظ عليها دينها, وحماة دينها, وورثة نبيها, واجعل قادتها قدوة للخير, مفاتيح للفضيلة, وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا, وتعينهم إن تذكروا, واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له, ناهين عن المنكر مجتنبين له, ياسميع الدعاء.
هذا والله أعلى وأعلم, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سليمان بن
أحمد الدويش
المصدر: صيد الفوائد