مَكمَن الداء عند الأفراد والجماعات !
أبو فهر المسلم
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
مَكمَن الداء وأُسُّ البلاء، عند الأفراد والجماعات !
قال ابن تيمية رحمه الله، في الصَّفدِيَّة:
( والإنسانُ قد يَعتقد صحةَ قضيةٍ من القضايا، وهي فاسدة ! فيحتاج أن يَعتقد لوازمَها، فتَكثُر اعتقاداتُه الفاسدة ).
قلتُ :
وهذا منشأ ضلال فِرقٍ لا تُحصَى، وجماعاتٍ شتَّى، وأعلامٍ وأعيان !
وخذ مثالًا على ذلك: اعتقاد المداخلة والجاميّة ومُقدّسي الحُكّام، فهؤلاء أصَّلُوا أولًا أصلًا فاسدًا، واعتقدوا صحّته، والْتزَموا لوازمَه. وهو: اعتبار ولاية هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير الشريعة و يحاربون الشريعة و المطالبين بها و المدافعين عنها ، ولاية شرعيّة، تترتَّب عليها آثارُها !
وبالتالي .. سحَبوا عليهم جميع نصوص وحقوق الحاكم الشرعيّ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، سواءً بسواء !
فالْتزَموا على ذلك الْتزامات فاسدة .. منها :
* وجوب السمع والطاعة لهؤلاء الطواغيت، وتأويل كلّ مخالفاتهم للشّرع، والْتماس المَعاذير لهم؛ وإن خرجوا عن الملّة !
* تجريم مُنابذتهم الأمر ولو سرًّا، وحُرمة الخروج عليهم ولو بالكلمة !
* تبديع وتفسيق كلّ من خالفَهم في هذا الأصل الفاسد، ولو كان عالمًا فاضلًا مُبَـرِّزًا !
* تسويغ استحلال طواغيتهم، دماء المسلمين تقتيلًا وتذبيحًا وإعدامًا، وكذا الأموال والأعراض.. بحُجّة "وإن ضرب ظهرَك وأخذ مالَك" !
* تمييع جميع المسائل الشرعيّة الأصيلة، كالولاء والبراء، وتولّي الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين، وتعطيل شعيرة الجهاد،
ومحاربة أهلها، حتى جعلوا المجاهدين هم الخوارج، بل وجاهدوهم مع طواغيتهم جنبًا إلى جنب؛ كما في اليمن وليبيا !
بينما الْتزموا السّكوت عن انتهاك حُرمات المسلمين ومُقدّساتهم هنا وهناك، والتسليم بسَنّ القوانين الوضعية، وتنحية شريعة ربّ البريّة .. كلّ هذا ليُحاولوا الاتساق مع أصلهم الفاسد، وعدم الوقوع في التناقض زعموا - زورًا وبهتانًا - !
* حتى وصل بهم المطاف، إلى اعتقاد صحّة ولاية كلّ حاكم ورئيس دولة، ولو كان سكّيرًا عربيدًا، بل ولو كان كافرًا صليبيًّا .. فبعضهم صرّح بصحة ولاية "شنودة" الهالك، إذا تغلّب، والسابقون منهم رأَوا وجوب السمع والطاعة لـ "بول بريمر" بالعراق !
فكثُرَت اعتقاداتهم الباطلة، من حيث يشعرون أو لا يشعرون .. كلّ ذلك بناءً على أصلٍ فاسد، وقاعدةٍ باطلة، وانحرافٍ وغُلُوّ !
وكانت النتيجة الطبيعية :
* انتفاخ هؤلاء الطواغيت وعلوّهم، وترسيخ ممالكهم وعروشهم،
وجُرأتهم على دين المسلمين وحُرماتهم، بعدما أمِنُوا على أنفسهم ومصيرهم، وضمنوا صكوك الغفران، متأوّلين: اعْملوا ما شِئتم !
* واستُعمل أمثال هؤلاء المُضلّين - طوعًا وكرهًا رغبًا ورهبًا -؛ ليكونوا أداةً فقط لتشريع وتسويغ مخالفات هذا الطاغوت، وحماية مُلكه، وتلاعبه بالدّين وأهله، وصدّ كلّ محاولة لمنابذته ونقض عرشِه !
وعلى أمثال هؤلاء وأصلهم وقاعدتهم ؛
فقِسْ كلّ صاحب منهجٍ منحرف، وطائفةٍ ضالّة، قديمًا وحديثًا .. !
فلا تَرى أصل الانحراف والخروج عن العَدل والسلامة؛ إلا بسبب أصلٍ فاسدٍ أصَّلوه، ثم اضطُرُّوا إلى الْتزام كثيرٍ من اللوازم الباطلة، لئلَّا يقعوا في التناقض والتعارض؛ فكثُرت اعتقاداتهم الفاسدة !
وسبيل السلامة :
صَحِّح أصولَك، وثبِّت قواعدَك، ورسِّخ عقائدَك .. ثم انطلِق !
فمِنك البداية .. وعلى الله التمام !