الأزهر والسقوط في التبعية في حرب النقاب؟

ممدوح إسماعيل

في بلاد المسلمين بين الحين والآخَر، تظهر على السَّطح موجةُ عداءٍ
للحِجاب أو النِّقاب، وللمرأة المسلمة...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


هدفٌ قديمٌ وجديدٌ لكلِّ أعداء الإسلام ومَن في قلوبهم مرض.

وفي بلاد المسلمين بين الحين والآخَر، تظهر على السَّطح موجةُ عداءٍ للحِجاب أو النِّقاب، وللمرأة المسلمة؛ ونظرًا لضعف بعض المؤسَّسات الدينيَّة، وارتمائِها تحتَ أقْدام الحكومات العلْمانيَّة التي تختار شخصياتها وقياداتِها، تقدِّم المؤسَّسات الدينيَّة كلَّ يوم قرابينَ للنُّظُم والحكومات لضمانِ بقائِها في مناصبِها على حساب أحْكام الشَّرع الإسلامي، وأخطر ما يقدَّم من قرابين هو ما يخصُّ الأسرة المسلمة، فهي الهدَف الدَّائِم لكلِّ مخطَّطات أعداء الإسلام، فتشرع القوانين المخالِفة لشرْع الله، ويلوي المنتسِبين للمؤسَّسات الدينيَّة الرَّسْمية الأدلَّة الشرعيَّة لخدمة أهداف الحكومات، ويتعرَّض الحجاب والنِّقاب لحملات ضارية من العلْمانيِّين والليبراليِّين، ويستغلُّون كلَّ كلِمة تحقِّق أغراضَهم الخبيثة من شيخٍ أو عالِم، فينفخون فيها ويعظِّمونَها مع أنَّهم لا يعترِفون بقيمة الشُّيوخ ولا العلم.

ومؤخَّرًا في أحد المعاهد الدينيَّة أثار شيخ الأزهرِ حربًا على فتاةٍ صغيرة - زهرة في مقتبَل العمر - في معهد ديني؛ لأنَّها ترتدي النقاب، وعندما نقِف مع الواقِعة نقِف مع موقِفٍ افتقدَ لكلِّ المعاني التَّربويَّة، وأسقطتْ فيه عمدًا كلّ القِيم والحقوق، فالشَّيخ هو شيخ الأزْهر المحترَم بمكانتِه العالية، وعمره 81 عامًا، والمكان معهد ديني وليس معهد "باليه"، وعلى الطَّرف الآخر فتاةٌ في معهد لتلقي العِلْم الديني، تُحبُّ ربَّها وتتشوَّق للالتِزام بكلِّ أمرٍ لله ولرسولِه.


فقد صرَخ شيخُ الأزْهر في الفتاة الصَّغيرة يأْمرها بِخلع النقاب، وأنَّ النِّقاب عادة، وأنَّ الشَّيخ أعلمُ مِن الَّذين خلَّفوا الفتاة.

وقدِ استغلَّ أنصار الفوْضى والانْحلال الواقعةَ، وعظَّموا كلام الشَّيخ، وكان لافتًا دخول بعْض النَّصارى معهم في زفَّة التَّأييد والتَّطْبيل لنشْر الغَواية والضَّلال.

وقدْ أثارتِ الواقعة تساؤلاتٍ عديدةً بين النَّاس: لمصلحة مَن يُشارك الأزهر في حرْبٍ مفتعلة على النقاب، في الوقت الَّذي تنتهك فيه الفضيلة والعفة علنًا، ويُدعى إلى السُّفور والعري ليْلَ نهار، والأزهر ساكتٌ لا يتكلَّم؟!


وكان لافتًا أنَّ كلام الشَّيخ قد استخدم واستغلَّ لهدْم سور الكرامة الَّذي تتحصَّن به الفتاة والمرأة المسلمة ضدَّ الذِّئاب التي انتشرتْ في كلِّ شارع وكل حارة، يدعمها طابور طويل من مواقع الإباحيَّة على شبكة الإنترنت، وقنوات العهْر وأفلام فناني الإسفاف والرَّذيلة، وترعاهم وتؤجِّج شهواتِهم الخمور وتِجارة المخدّرات التي انتشرت في بلاد المسلمين بدون رادع.

ثمَّ - يا فضيلة شيخ الأزْهر - أيُّهما أوْلى وأوْجب أن تعترِض عليه: الفتاة الزَّهرة الصَّغيرة التي تُحبُّ الإسلام والالتزامَ بتعاليمِه بحسب علمِها، أم النسوة اللاتي يتبارين كلَّ يوم في حرْب الإسلام، مثل نوال السعداوي وإيناس الدغيدي؟!


وقد أدَّى كلام شيْخ الأزهر إلى بعْض البلبلة بين النَّاس، وتساءَلَ كثيرٌ من عوامِّ المسلمين: هل حقًّا النقاب فرضٌ؟، وقال البعض: "إنَّه ليس بفرض"، وقال البعض: "إنَّه عادة".

ولكن المثير أنَّه قبل الواقعة بشهرين، وزير الأوْقاف يترك كلَّ أعداء الإسلام وحرماته التي تُنتهَك ويُصْدِر كتابًا بعنوان: (النقاب عادة وليس عبادة) .

وفي أوروبا ساركوزي فرنسا يَمنع النقاب في فرنسا.

لذا يقول البعض: إنَّ ما حدث سقوط في بحر التبعيَّة الذي لا شاطئ له؛ حرصًا على الدُّنيا والمناصب.

لذلك أقول لكل الانتِهازيين، صائدي الفتن، محبي الشَّهوات والرَّذيلة والفساد، من عبيد الغرْب من العلْمانيِّين والليبراليِّين والإباحيِّين والمتأمركيِّين: لا تفْرحوا كثيرًا، بل ابْكوا كثيرًا؛ فكَم من مرَّة أطْلقتُم شرارة تِلك الحرْب ولكن خاب مسْعاكم، وضلَّ طريقُكم، وازداد الخير ومتبعو الفضيلة والتمسُّك بالحجاب والعفاف.

ولا يفوتني الإشارة إلى أنَّه مازال في الأزْهر شيوخٌ كثيرونَ يتمسَّكون بالحقِّ.

ومع تلك الواقعة وما ترتَّب عليْها كان ينبغي أن أتوقَّف مع التَّاريخ والحكمة والشرع؛ حتى يستبينَ الجاهل ويتَّعظ المتردِّد، ويُفيق الغافِل، ونرجُم الانتهازيِّين عبيد الغرْب أحجارًا بالحقِّ.


وقفات مهمة:

الحقيقة أنَّ المسلمين لم يعرِفوا التبرُّج حتَّى القرن التَّاسع عشر، وكانت النِّساء المسلِمات منتقبات، وكلُّ الصُّور القديمة تُظْهِرهنَّ بالبرقع، ولكنَّ المحتلَّ الصَّليبيَّ الإنجليزيَّ كان يُريد تقْويض أرْكان الأمَّة، فاحتِلال الأرْض لا يُغني عن احتِلال العقول وتأْجيج الشَّهوات؛ لهدْم كيان التماسُك الإسلامي، وقد بدأ مخطَّط مسلسل التبعيَّة لفوْضى الغرْب وإباحيَّته في أوائل القرْن العشرين، عند بداية سُقوط الخلافة الإسلاميَّة في تركيا، ومع احتِلال الإنجليز للكثيرِ مِن بلاد العالم الإسلامي، ورحلات التَّغريب التي سُمِّيَت البعثات التَّعليميَّة، ومنْها ومن المدارِس التَّبشيريَّة ظهر الطَّابور الخامس المؤمِن بأفكار الغرْب ويَحمل أسماء إسلاميَّة، وكان المخطَّط واضحًا، فأهمُّ ركن في المسلمين هو البيْت المسلم، وركْنه الأساسي هو المرْأة، وإذا فسدتِ المرْأة أفسدت كلَّ شيء.

وكانتْ شرارة الفتنة بِخلع الحِجاب من هُدى شعراوي، وكتاب قاسم أمين (تحرير المرأة)، وتصْعيد كل داعٍ للفِتنة والتبرُّج، وسوف نُبْحر في مقالِنا هذا مع شرْع الله وتعاليمِه؛ كي نعرِف: هل النقاب عادة أم عبادة؟، ونعرِف لماذا الحرْب على النقاب؟، وكيف وصلْنا في سقوطِنا في بئر التبعيَّة؟، والبداية بسؤال هام، وهو: لماذا يخطِّط أعداء الإسلام ضدَّ الحجاب بالذَّات؟


من حكمة الخالق - سبحانه وتعالى - وأنَّه العليم: أنْ خلق في الإنسان شهوةَ الفرْج، وجعلَها قويَّة ولها سُلطان ورغبة، والحِكْمة من ذلك هو المحافظة على النَّسل والتَّكاثُر وإعْمار الأرض، فإذا ثارتْ هذه الشَّهوة كانت أشدَّ الشَّهوات عصيانًا على العقل، فلا تقْبل منه صرفًا ولا عدلاً، إلاَّ مَن حفِظَتْه تقواه لله، وعصمه الله - عزَّ وجلَّ - بتوْفيقِه، فإذا تُرك النَّاس لدواعي شهواتِهم فسدتِ الأعْراض واختلطت الأنساب، وانتشرت الأوبِئة والأمراض.


والنَّاظر في حياة الأوربيِّين ومَن تبِعَهم يَجد انتِشارَ أوْلاد الزِّنا، والأمراض والجرائِم الجنسيَّة بشتَّى أشكالِها المقزِّزة، والإحصائيَّات في ذلك لا تُحْصى، منها ما نشرتْه مجلَّة التايمز كالآتي:

- 75% من الأزْواج يَخونون زوجاتِهم، ونسبة أقلّ من الزَّوجات يخنَّ أزواجِهِنَّ في أوروبَّا والولايات المتَّحدة.

- 90% من غير المتزوِّجات يُمارِسْن الزِّنا في أوروبَّا والولايات المتَّحدة.

- عدد حالات الإجْهاض الجنائي غير الطبِّي وصل إلى 50 مليون طفلٍ في العالَم، رغْم انتِشار استِخْدام وسائل منْع الحمل.

- الأطْفال بدون آباءٍ نتيجة الزِّنا يبلغون 12.5 مليون طفلٍ في الولايات المتَّحدة.


ويوجد في حياتِهم من المفاسِد ما هو أبْشع من ذلك، لكنَّ أعداء الإسلام من المنافقين المتلوِّنين بأسماءٍ كثيرة لا يستحْيون، وإذا ما انتشر التبرُّج والعرْي فسد المجتمع وضعُف، وسهل على أعدائِه قيادتُه بالشَّهوات والغواية، وهزيمته في أي معركة، والمتأمِّل في أحْوال العرب والمسلمين يعرِف كيف انْهزموا اجتماعيًّا وأخلاقيًّا قبل الهزائم السياسيَّة والعسكريَّة.

لذا؛ فإنَّ المرْأة المسلِمة اهتمَّ بِها الإسلامُ بِما يصون عفَّتها، ويَجعلها عزيزة الجانب ساميةَ المكانة، ولم يَمنعْها الشَّرع من العِلْم والمساهمة في رفْعة مُجتمعِها، بل والمشاركة في الجهاد.


لكن أحاطَها بسياجٍ من الضَّوابط والقيود في ملبسِها وزينتِها وعلاقتِها بالرجال، وكان ذلك سدًّا لذريعة الفساد والافتِتان بها، والخالق - سبحانه - وضَّح في قُرآنِه أنَّ النَّاس زيِّن لهم حبُّ الشَّهوة من النساء؛ فقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [سورة آل عمران: 14].

ولذا؛ نرى الشَّرع الحنيف قد نَهى عن التبرُّج وتوعَّد فيه بأسوأ مصير؛ فقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «صِنفانِ من أهل النَّار لَم أرَهُما: قومٌ معهم سياطٌ كأذْناب البقَر يضْرِبون بها النَّاس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهنَّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخُلن الجنَّة ولا يجدْن ريحها، وإنَّ ريحَها لتوجَدُ من مسيرة كذا وكذا» [أخرجه مسلم رقم (2128)].


ونرى الشَّرع الحنيف قد حرَّم الزِّنا، وبيَّن لنا الشَّرع الحنيف أنَّ ظهور الفاحشة فى قومٍ حتَّى يُعلنوا بها سببٌ لانتِشار الأوبِئة والأمراض المزمنة، وسبب لوقوع العذاب والنكبات على المجتمع، وما انتشار الإيدز في المجتمعات غير الإسلاميَّة ببعيد عن هذا الحديث.

وأمر الله بغضِّ البصر وحِفْظ الفرْج عمَّا حرَّم الله، وشرع الاستئذان وفرَض الحجاب على النساء؛ فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59].


ممَّا سبق يتبيَّن لكلِّ ذي لُبٍّ عاقل أنَّ الحجاب والعفَّة وقاية من الوقوع فى المفاسد، وعجبًا لأولئِك المادّيِّين يتكلَّمون عن الطّبِّ الوقائي ويهْرعون إلى التَّطْعيم وقاية من الأمراض، وشيطانهم يبعدُهم عن الوقاية من الرَّذيلة؛ لأنَّه حبَّب إليْهم الفاحشة والغَواية، فيحبون أن يُشاهِدوا المرأة عارية كي ينغمِسوا في شهواتهم.


وننتقِل إلى وقفةٍ أُخرى مهمَّة مع أولئِك الذين يقولون: إنَّ النِّقاب ليس من الإسلام، سواءٌ بِجهلٍ أو بقصدِ التَّبعيَّة لأسيادهم في الغرب الصليبي، نقول لهم: هذا دينُنا وهذه أدلَّتنا من القُرآن والسنَّة أصل التَّشريع، إذا كانوا يؤمِنون بمرجعيَّة القرآن والسنّة:


- أدلَّة النقاب، والعلماء الَّذين يقولون بفرضيَّته يعتبِرون أنَّ النِّقاب هو الحجاب الشرعي: وجوب ستر الوجه والكفين:


أوَّلا القرآن الكريم:


الدَّليل الأول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].


1- سبب نزول الآية:

وذلك أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمَّا بنَى بزينبَ بنت جحش - رضي الله عنها - جلس أصحابُه عنده فأطالوا الجلوس، فتهيَّأ للقيام والخروج، ومعه أنس - رضي الله عنْه - لكي يقوموا، فلم يفعلوا، فعل ذلك أكثرَ من مرَّة حتَّى خرجوا، فأنزل الله هذه الآية، فيقول أنس: فضرب بيني وبينه سترًا، والستر هو الحجاب الَّذي حجَب أنسًا - رضي الله عنه - عن زوجات النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.


2- أقوال بعض أهل العلْم من المفسِّرين في الآية:

ابن جرير الطَّبري يقول: "وإذا سألتم أزواجَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونساءَ المؤمنين اللواتي لسْنَ لكم بأزواجٍ متاعًا، فاسألوهنَّ من وراء حجاب، يقول: من وراء ستر بينكم وبينهنَّ" (جامع البيان، 22 /39).

القرطبي يقول: "في هذه الآية دليلٌ على أنَّ الله تعالى أذِن في مسألتهنَّ من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يُستفْتَين فيها، ويدخل في ذلك جَميع النساء بالمعنى، وبما تضمَّنتْه أصول الشَّريعة من أنَّ المرأة كلَّها عورة، فلا يجوز كشْف ذلك إلاَّ لحاجة؛ كالشَّهادة عليْها، أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عمَّا يعرض وتعيَّن عندها" (الجامع لأحكام القرآن، 14 /227) .


ابن كثير (المجلد 3 ص 55): "أي: وكما نهيتكم عن الدُّخول عليهنَّ، كذلك لا تنظروا إليهنَّ بالكلّيَّة، ولو كان لأحدِكم حاجةٌ يُريد تناوُلَها منهنَّ، فلا ينظر إليهنَّ ولا يسألهنَّ حاجة إلاَّ مِن وراء حجاب".

الشنقيطي صاحب (أضواء البيان، 6 /584) : "واعلمْ أنَّ مع دلالة القرآن على احتِجاب المرْأة عن الرجال الأجانب قد دلَّت على ذلك أيضًا أحاديثُ نبويَّة، فمن ذلك ما أخرجه الشَّيخان من حديث عقبة بن عامر - رضِي الله عنْه -: «أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: إيَّاكم والدخولَ على النِّساء، فقال رجُل من الأنصار: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت»، فهذا الحديث دليلٌ واضح على منْع الدخول عليهنَّ وسؤالهنَّ متاعًا، إلاَّ من وراء حجاب؛ لأنَّه مَن سألهنَّ متاعًا لا من وراءِ حجابٍ فقد دخل عليهنَّ".


وقال - رحمه الله -: "وإذا علمت بما ذكرنا أنَّ حكم آية الحجاب عامٌّ، وأنَّ ما ذكرْنا معها من الآيات فيه الدلالة على احتِجاب جَميع بدَن المرأة عن الرِّجال الأجانب، علمت أنَّ القُرآن دلَّ على الحجاب".

الدليل الثاني: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة الأحزاب: 59].


أقوال بعض أهْل العلم من المفسِّرين في الآية:

ورد أثرٌ عن ابن عبَّاس - رضي الله عنه - في هذه الآية، في إسناده كلامٌ ولكن يعضد بغيره، قال: "أمر الله نساءَ المؤمنين إذا خرجْن من بيوتهنَّ في حاجةٍ أن يغطِّين وجوهَهنَّ من فوق رؤوسهنَّ بالجلابيب، ويبْدين عينًا واحدة".

كما ورد أثرٌ حسن عند الطبري عن قتادة - من أئمَّة التابعين - في الآية قال: "أخذ الله عليهنَّ إذا خرجن أن يقنّعن على الحواجب، ذلك أدْنى أن يعْرَفن فلا يؤْذَين، وقد كانت المملوكة إذا مرَّت تناولوها بالإيذاء، فنهى اللهُ الحرائرَ أن يتشبَّهن بالإماء".

القرطبي: "لمَّا كانت عادة العربيَّات التبذُّل، وكنَّ يكشِفْن وجوههنَّ كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعيةً إلى نظَر الرجال إليهنَّ وتشعُّب الفكرة فيهنَّ - أمر الله رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يأمرهنَّ بإرْخاء الجلابيبِ عليهنَّ إذا أردْنَ الخروج إلى حوائجهنَّ، فيعلم الفرق بينهنَّ وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهنَّ" (الجامع لأحكام القرآن: 15 /243) .

قال السيوطي: "هذه آية الحِجاب في حقِّ سائر النِّساء، ففيها وجوب ستْر الرَّأس والوجْه عليهنَّ" (عون المعبود: 4 /106) .

الألوسي قال: "والظَّاهر أنَّ المراد بمعنى "يدنين عليهنَّ"؛ أي: على جَميع أجسادهنَّ، وقيل: رؤوسهنَّ أو على وجوههنَّ؛ لأنَّ الَّذي كان يبدو منهنَّ في الجاهليَّة هو الوجه" (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: 22 /88) .

الشنقيطي في (أضْواء البيان): "فقد قال غيرُ واحدٍ من أهْل العِلْم: إنَّ معنى {يدْنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ} : أنَّهن يسترن بِها جميعَ وجوههنَّ ولا يظهر منهنَّ شيء إلاَّ عين واحدة تُبصر بها، وممَّن قال به ابنُ مسعود وابنُ عبَّاس وعَبيدة السلماني وغيرُهم" (أضواء البيان: 6/ 586) .

وقال الزمخشري في (الكشاف): "يرْخينها عليهنَّ ويغطِّين بها وجهَهنَّ" (الكشاف عن حقائق التنزيل: 3 /274).

أبو بكر الرَّازي الحنفي: "وفي هذه الآية دلالةٌ على أنَّ المرأة الشَّابَّة مأمورة بستْر وجهِها عن الأجنبيِّين، وإظْهار الستر والعفاف عند الخروج؛ لئلاَّ يطْمع أهل الريب فيهنَّ" (أحكام القرآن: 3 /371) .

البيْضاوي: "يغطين وجوهَهن وأبدانَهنَّ بِملاحفهنَّ إذا برزْن لحاجة" (أنوار التنزيل وأسرار التأويل: 2 /280) .

الحافظ ابن حجر قال في قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]: يغطين وجوههُنَّ، ثمَّ ذكر رواية عائشة أنَّ نساء المهاجرات الأُول لمَّا أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شققْنَ مروطهنَّ فاختمرْن بها، وصفة ذلك أن تضع الخِمار على رأسِها، وترميه بالجانب الأيْمن على العاتق الأيسر وهو التقنُّع (فتح الباري: 8 /490) .


شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد ذكر في جوابِه واستنباطِه من معاني سورة النور قال: "وأمر الله بإرْخاء الجلابيب لئلاَّ يعرفنَ ولا يؤذَين، وقد ذكر عَبيدة السَّلماني وغيره: أنَّ نساء المؤمنين كنَّ يُدنين عليهنَّ الجلابيب من فوْق رؤوسهنَّ؛ حتَّى لا يظْهر إلاَّ عيونُهنَّ لأجل رؤية الطَّريق، وثبتَ في الصَّحيح أنَّ المرأة المُحْرِمة تُنْهَى عن الانتِقاب والقفَّازين، وهذا ممَّا يدلُّ على أنَّ النِّقاب والقفَّازين كانا معروفَين في النِّساء اللاتي لَم يحرمن، وذلك يقتضي ستْر وجوههنَّ وأيديهنَّ، وقد ثبت في الصَّحيح: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمَّا دخل بصفيَّة قال أصحابُه: إن حجَبَها فهِي من أمَّهات المؤمنين، وإن لَم يحجبها فهي ممَّا ملكتْ يَمينه، فضربَ عليْها الحجاب، وإنَّما ضرب الحجاب على النِّساء لئلاَّ ترى وجوههنَّ وأيديهنَّ" (مجموع الفتاوى: 15 /370) .


ابن قيم الجوزية، قال: "وإنَّما نشأت الشُّبهة أنَّ الشَّارع شرع ذلك للحرائِر أن يستُرنَ وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ" (القياس في الشَّرع الإسلامي: ص 69) .

والأدلَّة كثيرة من القُرآن وتفسيره، نكتفي بما قدَّمنا.


ثانيًا: الأدلَّة من السنَّة: كثيرة لا تُحصى، أكتفي هُنا بتطبيق الصَّحابيَّات للحُكْم الشَّرعي بالنِّقاب:
عن صفيَّة بنت شيبة: أنَّ عائشة - رضِي الله عنها - كانت تقول: لمَّا نزلت هذه الآية: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] أخذنَ أُزُرهنَّ فشققْنها من قبل الحواشي فاختمرْن بها [رواه البخاري] (فتح الباري: 8 /489)، ورواه البخاري من طريقٍ آخَر معلَّقًا عن عائشة قالت: يرْحَم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، شققْنَ مروطهنَّ فاختمرْنَ بها، قال الحافظ ابن حجر (فتح 8): قوله فاختمرْنَ: أي غطَّين وجوههنَّ، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسِها وترْميه بالجانب الأيْمن على العاتِق الأيسر، وهو التقنُّع.

ووجْه الاستِدْلال: هو فعل الصحابيَّات - رضي الله عنهنَّ - وسرعة استجابتِهنَّ لأمر الله، وتفسير كلِمة "خُمرهنَّ" بستْر الوجْه، وعن فاطمة بنت المنذر - رحِمها الله - قالت: "كنَّا نخمِّر وجوهَنا، ونحن محْرِمات مع أسماء بنتِ أبي بكرٍ - رضي الله عنْهما" [أخرجه الإمام مالك في الموطأ (1 /328)، والحاكم (1 /454) وصحَّحه ووافقه الذَّهبي].

وفي هذا دليلٌ على أنَّ عمل النِّساء في زمَن الصَّحابة - رضي الله عنْهم - كان على تغطِية الوجوه من الرِّجال الأجانب، وأنَّ هذا الأمر كان عامًّا في النِّساء، لا في زمَن الصَّحابة فقط؛ بل فيما بعدهم أيضًا.


فعل أسماء - رضي الله عنها -:

عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنْهما - قالت: "كنَّا نغطي وجوهَنا من الرِّجال، وكنَّا نَمتشِط قبل ذلك في الإحرام" [أخْرجه الحاكم (1 /454) وقال: صحيحٌ على شرْط الشَّيخيْن].

حديث أم عطية - رضي الله عنها -:

في صحيح مسلم: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمَّا أمَر بإخراج النِّساء إلى مصلَّى العيد، قلنَ: يا رسول الله، إحدانا لا يكونُ لها جلباب، فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لتُلْبِسها أختُها من جلبابِها» .

ووجه الدلالة: أنَّ المرأة لا يَجوز لها الخروجُ من بيتِها إلاَّ متحجِّبة بِجلبابِها السَّاتر لجميع بدنِها، وقد تكلَّمنا في معنى الجلْباب فيما سبق.

عن أنس - رضِي الله عنْه - في قصَّة زواج رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من صفيَّة - رضِي الله عنْها -: «فقال المسلمون: إحدى أمَّهات المؤمنين أو ممَّا ملكتْ يمينه؟ فقالوا: إن حجَبَها فهِي من أمَّهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي ممَّا ملك يَمينه، فلمَّا ارتَحل وطَّأ لها خلْفه ومدَّ الحجاب بيْنها وبين النَّاس» [رواه البخاري، ومسلم رقم (1365)].


الخلاف في فرضيَّة الحجاب والنقاب:

لا خلاف على أنَّ الحجاب فرضٌ، ولكنَّ الخِلاف بين بعْض العُلماء في فرضيَّة النِّقاب أم أنَّه سنَّة مؤكَّدة أم فرضٌ في حال الفِتْنة؟ ولكن لا يُختلف مطلقًا على أنَّه من تعاليم الإسلام، وليْس عادة؛ بل البعض يذْهب إلى نسْخ حكْم الحجاب بالنقاب.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في تفسير ابن عبَّاس: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، فقد ذهب إلى وقوع النَّسخ في مراحل تشْريع الحجاب، فقال: فابنُ مسعودٍ ذكر آخِر الأمرين، وابن عبَّاس ذكر أوَّل الأمرين (مجموع الفتاوى: 22 /110) .

قول العلامة عبدالعزيز بن باز: "وأمَّا ما يُروى عن ابن عبَّاس - رضِي الله عنْهُما - أنَّه فسَّر: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوجْه والكفَّين، فهو محمولٌ على حالة النِّساء قبل نزول آية الحجاب، وأمَّا بعد ذلك فقد أوْجب الله عليهنَّ ستر الجميع، وقد نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة وغيرُه من أهل العِلْم والتَّحقيق، وهو الحقُّ الذي لا ريْب فيه، وتقدَّم قولُه تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}، ولَم يستثْنِ شيئًا، وهي آيةٌ محْكمة فوجب الأخْذ بها والتَّعويل عليْها، وحمل ما سواها عليْها، والحكم فيها عامٌّ في نساء النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وغيرهنَّ من نساء المؤمنين" (رسالة في الحجاب والسفور ص19) .


شبهة أخيرة: دعوى أنَّ الحجاب خاصٌّ بزوْجات النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

للجواب على ذلك من وجوه:

الأوَّل: أنَّ الحكمة من سؤالهنَّ من وراء حجابٍ هي طهارة القلوب؛ كما قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ، ونساء المؤمنين كنساء النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في احتِياج إلى هذه الحِكْمة؛ إذًا فالعلَّة مشتركة وعامَّة، إذْ ليس أحدٌ من المسلمين يقول: إنَّ غيرَ أزْواج النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - نساء المؤمنين لا حاجة لتزكِية قلوبهنَّ وقلوب الرِّجال من الرِّيبة منهنَّ، فلا عليهنَّ ألاّ يسألن من وراء حجاب، وكيْف تؤمر أمَّهات المؤمنين بالحِجاب وهنَّ أطْهر النساء قلوبًا، وأعظمهنَّ فضلاً وقدْرًا في قلوب المؤمنين، ولا تُؤْمر غيرُهنَّ بالحجاب ممَّن هنَّ أقلُّ إيمانًا وفضلاً وشرفًا؟!


فغيرهنَّ أوْلى بهذا الأمر، وعلى هذا فعموم علَّة الحجاب دليلٌ على عموم حكْم الحجاب لجميع نساء المسلمين.

الثاني: قول النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إيَّاكم والدخولَ على النِّساء، فقال رجُل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت»؛ أخرجه البخاري من حديث عقبة بن عامرٍ الجهني - رضي الله عنْه - (9 /242).

ففي هذا الحديث دليلٌ واضحٌ على منْع الدخول على النِّساء وسؤالهنَّ متاعًا إلاَّ من وراء حجاب، وتحذير النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من دخول الرِّجال على النساء دليلٌ صحيحٌ على أنَّ قولَه تعالى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} عامٌّ في جَميع النِّساء؛ إذْ لو كان حكمُه خاصًّا بأزْواجِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لما حذَّر الرِّجال هذا التَّحذير البالغ العامّ من الدُّخول على النساء.


الثَّالث: قول النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لا تنتقِب المرأة المحْرِمة ولا تلبس القفَّازين»؛ أخرجه البخاري رقم (1838) من حديثِ ابن عُمر - رضِي الله عنْهما - فالخِطاب هنا عامٌّ لجميع نساء الأمَّة، وهذا الحكْم خاصٌّ بالمرأة المحْرِمة لا تنتقِب؛ أي: لا تغطِّي وجهَها إلاَّ إذا احتاجتْ - عند مرور الرِّجال مثلاً - فتغطِّيه بشيءٍ غير النِّقاب، كأن تسدل عليْه شيئًا كما كانت أسماء - رضِي الله عنْها - تغطِّي وجهَها وهي محرمة.


كما يُفْهم من الحديث أنَّ غير المحْرِمة تنتقِب، وإنَّما يعرَف الشَّيءُ بضدِّه، ويفهم منْه أيضًا أنَّ النِّقاب كان معروفًا.

ويبقى أن أقول: إنَّ شيخ الأزهر الحالي نفسَه في تفسيره المسمَّى (التفسير الوسيط للقرآن الكريم، طبعة دار المعارف (جـ 11 ص 245)) ينتصِر لستر البدن كلِّه بما فيه الوجه؛ ففي تفسيره لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [سورة الأحزاب: 59]، يقول: والجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوبٌ يستُر جَميع البدن، تلبسه المرأة فوق ثيابِها، والمعنى: يا أيها النبي، قُل لأزواجك اللائي في عصمتِك، وقل لبناتِك اللائي هنَّ من نَسْلك، وقُل لنساء المؤمنين كافَّة، قل لهنَّ: إذا ما خرجنَ لقضاء حاجتهنَّ، فعليهنَّ أن يَسدلن الجلاليب عليهنَّ، حتَّى يسترن أجسامهنَّ سترًا تامًّا من رؤوسهنَّ إلى أقدامِهن؛ زيادة في التستُّر والاحتشام، وبعدًا عن مكان التهْمة والريبة.


قالت أم سلمة - رضي الله عنها -: "لمَّا نزلتْ هذه الآية خرج نساء الأنْصار كأنَّ على رؤوسهنَّ الغربان من السَّكينة، وعليهنَّ أكسية سُود يلبسْنَها". اهـ.

لتبقى الحقيقة أنَّ الشَّيخ يناقض الشَّرع ونفسَه طاعة للسلْطان والمنصِب.


وأخيرًا:

أُهدي كلَّ المتربِّصين وأعداء الإسلام المتشدِّقين بالحريَّة والكلمات الجوْفاء، عَبيد الأرض والشَّهوات - كلماتِ الشَّيخ الشعراوي - رحِمه الله - لجريدة (الأخبار) في 1 -4 -1994 عندما سُئِل عن الحجاب والنِّقاب فقال - رحِمه الله -: "وعجيبٌ أيضًا وغريبٌ أمرُ هؤلاء وهم في رفضِهم للحجاب والنِّقاب يرفعون شعار الحريَّة الشَّخصيَّة!!، ونَحن نسألهم: أهناك حريَّة بلا ضوابط تَمنع الجنوح بها إلى غيرِ الطَّريق الصَّحيح؟، وأيَّة حريَّة تلك التي يُعارضون بها تشريعات السَّماء؟، هذه الحريَّة التي تضيِّق الخناق على المحجَّبات، وتترك الحبْل على الغارب للسَّافرات فَيُحرضن على الجريمة بعد الافتتان!!، وحسْبُنا من سوابق الخطْف للفتيات، واغتصاب المائلات المميلات، حسبُنا من ذلك دليلاً على حكمة الله البالغة فيما شرع مِن ستر، إنَّ هؤلاء يُحاولون التدخُّل في صميم عمل الله، ويريدون أن تُشَرِّع الأرْض للسَّماء، وخسئوا وخاب سعيهم". اهـ.

المصدر: موقع الألوكة