في الضفة.. الاستيطانُ يحوِّلُ موسمَ الحصاد إلى رماد
ملفات متنوعة
.. وقد ازْدادت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربيَّة، حيث تتمُّ
سرقة محاصيل الزيتون والقمح، وكذلك الاعتداء على الأهالي، ناهيك عن
سرقة الأراضي لصالح سيطرة الاستيطان ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الخميس 04 جمادى الآخرة 1430 هـ - الموافق 28 مايو 2009 م
يمثِّلُ موسم الحصاد لدى المُزَارِع الفلسطيني فَصْلًا من المعاناة، جرَّاء اعتداءات المستوطنين بحرق الحقول والمَزارع.
وتشهد القرى الفلسطينيَّةُ بالضفة الغربية القريبة من المستوطنات ـ
في كلِّ عام ـ حرقَ محاصيلِ القمحِ والبذور، وكذلك حقولٍ مزروعةٍ بشجر
الزيتون واللوزيات.
وتتركَّزُ الاعتداءاتُ في محافظة الخليل ونابلس وقلقيلية وبيت لحم؛ حيث تنتشر عشرات المستوطنات التي يسكنها اليهود المتطرفون.
فإلى الجنوب من نابلس أشعل يهود من مستوطنة يتسهار القريبة من بلدة
بورين، النيران في حقول المُزارعين الفلسطينيين؛ ممَّا أدى إلى إحراق
العشرات من الدونمات الزراعية المزروعة بالقمح والشعير.
وفي هذه الأيام، يبدأ المُزارع الفلسطيني بحصد النَّبات يدويًّا؛ بسبب جغرافيَّة المكان الجبليَّة، مما يستهلك وقتًا أطولَ في حصادها.
ويقول مراد (55عامًا): منذ ثمانية أشهر أَنْتَظِرُ لحظةَ الحصاد،
لكي أَجْنِيَ الثمارَ وأبيعَها، إلا أن قُطْعَانًا من المستوطنين
المسلحين أشعلوا النيران في محصول القمح اليابس أصلًا، مما سهَّل سرعة
اشتعاله وعدم القدرة إخماد النيران المُضْرَمَةِ فيه.
ويضيف: ورغم أنِّي منذ ساعات الصباح الباكر أتواجدُ بالحقل، لكي أمنَعَهم من إحراقه، إذ أنَّ هذا أمرٌ متوقَّع من قِبَلِ المستوطنين، إلا أنَّ مسلحين منهم قاموا بضربي، أمام جنود الاحتلال القريبين من الموقع، وأشعلوا النيران بالحقل.
ويقول المزارع عماد، من مدينة الخليل: يهود مستوطنة كريات، أشعلوا
النيران بالحقل؛ بحجة أنها تُعيق حركتهم خلال التَّنَقُّل بين الحقول
متنزهين، حيث أحرقوا أكثر من 60 دونمًا من القمح وأشجار العنب.
ويمضي يقول: نخشى التواجُد بكل الأوقات في الحقل؛ حيث إن المستوطنين لديهم الاستعدادُ لقتْلِنَا دون مُحَاسِبٍ ولا رَادِع.
ويضيف: يهدِف المستوطنون إلى تكبيد المُزارع الفلسطيني خسارةً عالية في كل عام، فهم يعلمون أنَّ هذه الأرض هي مصدر رزقنا الوحيد، وبإتلاف المحصول يكونون قد تسببوا في إيذاء عائلات فلسطينية عديدة.
من جانب آخر، يقول المزارع عبد الكريم محمود: إنَّ المستوطنين
يهدفون بعمليات حرق المَزْرُوعَات، إلى إبعاد المُزارع عن أرضه
وهَجْرِهَا؛ ففي كل عام تُحرَق المزروعات، ويتكَبَّدُ المُزارع
الخسارةَ دون تعويض، ممَّا يدفعه إلى هجرها، ومن ثمَّ تكون الفرصة
سانحةً ومقدَّمَةً على طبق من ذهب للمستوطنين لاستغلالها والاستيطان
بها؛ بحجة أنها أرض بور، غير مستغلَّة.
وإلى جانب حاجز حواره القريب من نابلس شمال الضفة الغربية، يقع سهل حواره، الذي يزرع بالحبوب، حيث أصبح منذ بداية انتفاضة الأقصى مسرحًا لحرق المزروعات. قام أحد مستوطني ايتمار بحرث قطعة من الأرض غيرِ مزروعة؛ بحجة أنها أرضٌ غيرُ مستغلَّة، واستغلها منذ ثلاثة أعوام، وسط تصادم مع أهالي الأرض، لكنه وبالقوة، وإمام جنود الاحتلال بالحاجز المذكور، يستغل الأرض لصالحه.
ويشتكي المُزارع الفلسطيني من قلة الدعم من قِبَل المؤسسات
الإغاثية والرسمية الفلسطينية، مما يدفع بالكثير من المزارعين إلى هجر
أراضيهم، مما يهدد بمُصادرتها والاستيطان عليها.
من جانبه، بيَّنَ غسان دغلس، مسئول ملف القرى بمحافظة نابلس، أنَّ هذا الوقت هو موسمُ الحصاد للفلسطينيين، وهو أيضًا، موسم الحرائق للمستوطنين؛ حيث يقوم المستوطنون بإشعال النيران في الحقول والمزروعات.
وقال: إنَّ مِنْطَقَةَ نابلس تُعتبر من أكثر مناطق الضفة الغربية
تأثُّرًا بهذه الاعتداءات؛ لكونها تحيط بها مستوطنات يهودية ودينية
متطرفة يُمْعِنُ مغتصبوها في إيذاء الفلسطينيين، وتعتبر أيضًا بلدات
تل وجيت وصرة وعورتا وبورين وبرقة من أكثر القرى التي تعاني.
وأوضح دغلس أنَّ المستوطنين يقومون بهذا السلوك سنويًّا، حتى يتركَ المُزارِعُ الفلسطينيُّ أرضَه بورًا، وبالتالي تصبح السيطرة عليها بسهولة من قِبل المستوطنين.
وبيَّن أنَّ الحواجز العسكرية وضَعْفَ الإمكانيات التي تمتلكها
طواقم الدفاع المدني لإخماد النيران، يؤدي إلى إتلاف الحقول التي
تشتعل بها النيران بشكل كامل.
وأشار دغلس إلى أن المستوطنين استخدموا اليوم تكتيكًا جديدًا في
هجماتهم؛ بحيث يقامون بإشعال النار في منطقة، معيَّنة وبمجرد التأكُّد
من تحرك سيارات الدفاع المدني والإطفاء إليها يعْمَدون للانتقال إلى
منطقة أخرى، وإشعال النار فيها؛ بُغية إِرْبَاك مركز الإطفاء.
وقد ازْدادت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربيَّة، حيث تتمُّ سرقة محاصيل الزيتون والقمح، وكذلك الاعتداء على الأهالي، ناهيك عن سرقة الأراضي لصالح سيطرة الاستيطان التَّوَسُّعِي في الضفة، بعد فوز اليمين المتطرف في إسرائيل في الانتخابات الأخيرة.