45- خواطر بـين الفضـل والعــدل.

أم هانئ

هل يستطيع المرء أن يحيا بين الناس بالعدل ؟
وإذا كنت بائعا تبيع للخلق بالرجحان تحسن فتثقِّل الميزان، - ثم تذهب لتشتري فيعدل من أحسنت إليه مساويا لكفتيه؛ فهل لك أن تغضب؟

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق - مساوئ الأخلاق -

( أ ) هل مُنِعْتَ حقا أم مُنِعْتَ فضلا؟
- انظر وتأمل متى يحق لك أن تغضب؟
- إذا مُنعت حقا لا فضلا .

قال السعدي في تفسيره للآية:28 من سورة النور: ({وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} [النور:28] أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال...) انتهــى .
فقبل أن تغضب وجه السؤال إلى نفسك:  هل مُنِعْتَ حقا أم مُنِعْتَ فضلا ؟

(ب) هل نستطيع الحياة بالعدل؟
هل يستطيع المرء أن يحيا بين الناس بالعدل؟
فيؤدي الحق الذي عليه و يقابلونه بإعطائه ما له؟
أم أن الواقع يضطر المرء إلى الإحسان، إن أراد لنفسه العيش مع من حوله بسلام؟
والسؤال: لم هو مضطر إلى الإحسان؟
لأن بعض حقه لا بد مهضوم بين الأنام
يؤكد هذا واقع الحياة التام. 

( ج ) من نطالب بالإحسان؟!
سلمنا أن المرء مضطر إلى الإحسان.
فمن السَّفه أن يتوقع أن يجزيه من حوله على إحسانه بمثله.
فكثير من الناس يستدل إذا لم يلقَ جزاء إحسانه بمثله، بقول ربه جل شانه : {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن:60] .

أمثلة من الواقع المعيش:
- إذا كنت بائعا تبيع للخلق بالرجحان تحسن فتثقِّل الميزان.
- ثم تذهب لتشتري فيعدل من أحسنت إليه مساويا لكفتيه.
* فهل لك أن تغضب؟
- لا
- ومن منا لا يفعل ...؟

- إذا أقرضت ذا حاجة ملحة مضيقا على نفسك.
- من أجله رجاء تفريج كربه.
- ثم ذهبت في شدة حاجتك إليه تستقرضه مما لديه.
فأبى متعللا بأن ذلك شاق عليه.
* فهل لك أن تغضب؟
-لا
- ومن منا لا يفعل ...؟

فأول ما ينطق به اللسان في مثل ذلك المقام:
{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن:60] .
وهذا من الخطأ في الاستدلال والخلط في المقصود بالأقوال
- فأنت أنت من يؤمر بالإحسان جزاءً لمن قدمه إليك.
وانتبه إلى أن الآية لم تسق لتطالب من أحسنت إليه أن يرده إليك.
بل لبيان إحسان الإله في مقابلة من خاف مقام سيده ومولاه:
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، ذَوَاتَا أَفْنَانٍ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن: 46-60].