الحج من الموسوعة الفقهية

ملفات متنوعة

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان
بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟
قال: حج مبرور» [رواه البخاري]

  • التصنيفات: فقه الحج والعمرة -

التعريف: الحج بفتح الحاء ويجوز كسرها، هو لغة: القصد، حج إلينا أي قدم، وحجه يحجه حجا: قصده. ورجل محجوج أي مقصود. هذا هو المشهور
وقال جماعة من أهل اللغة: الحج: القصد لمعظم.
والحج بالكسر: الاسم. والحجة: المرة الواحدة، وهو من الشواذ، لأن القياس بالفتح.


تعريف الحج اصطلاحا:

هو قصد موضع مخصوص (وهو البيت الحرام وعرفة) للقيام بأعمال مخصوصة وهي الوقوف بعرفة، والطواف، والسعي عند جمهور العلماء، بشرائط مخصوصة.


الحكم التكليفي للحج:

فرض عين على كل مكلف مستطيع في العمر مرة، وهو ركن من أركان الإسلام، ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة والإجماع.

• أما الكتاب: فقوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران :97].
فهذه الآية نص في إثبات الفرضية، حيث عبر القرآن بصيغة "ولله على الناس" وهي صيغة إلزام إيجاب، وذلك دليل الفرضية، بل إننا نجد القرآن يؤكد تلك الفرضية تأكيدا قويا في قوله تعالى "ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" فإنه جعل مقابل الفرض الكفر فأشعر بهذا السياق أن ترك الحج ليس من شأن المسلم، وإنما هو شأن غير المسلم.

• وأما السنة فمنها حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» [رواه البخاري].
وقد عبر بقوله "بني الإسلام.." فدل على أن الحج ركن من أركان الإسلام.

وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:« أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا . فقال رجل: أكل عام يا رسول الله! فسكت. حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم. لوجبت. ولما استطعتم » [رواه مسلم].

وقد وردت الأحاديث في ذلك كثيرة جدا حتى بلغت مبلغ التواتر الذي يفيد اليقين والعلم القطعي اليقيني الجازم بثبوت هذه الفريضة.

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب الحج في العمرة مرة على المستطيع، وهو من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة بكفر جاحده. (المغني 3/217)


فضل الحج:

تضافرت النصوص الشرعية الكثيرة على الإشادة بفضل الحج، وعظمة ثوابه وجزيل أجره العظيم عند الله تعالى. قال الله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 27،28].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حج لله، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» [رواه البخاري].

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار، من يوم عرفة. وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة» [رواه مسلم] ومعنى يدنو: يتجلى عليهم برحمته وإكرامه (قلت أيضا وعلى صفة الدنو حقيقة من غير تشبيه ولا تكييف لقوله تعالى: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيء وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى11]).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» [صححه الألباني].

وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحجاج والعمار وفد الله» [قال الألباني حسن لغيره].
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم» [رواه المنذري وضعفه الألباني].
وعن عائشة رضي الله عنها، قلت: «يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور» [رواه البخاري].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: «أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله . قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور » [رواه البخاري].


حكمة مشروعية الحج:

شرعت العبادات لإظهار عبودية العبد لربه ومدى امتثاله لأمره، ولكن من رحمة الله تعالى أن أكثر هذه العبادات لها فوائد تدركها العقول الصحيحة وأظهر ما يكون ذلك في فريضة الحج.

وتشمل هذه الفريضة على حكم جليلة كثيرة تمتد في ثنايا حياة المؤمن الروحية ومصالح المسلمين جميعهم في الدين والدنيا منها:

• أن في الحج إظهار التذلل لله تعالى وذلك لأن الحاج يرفض أسباب الترف والتزين، ويلبس ثياب الإحرام مظهرا فقره لربه، ويتجرد عن الدنيا وشواغلها التي تصرفه عن الخلوص لمولاه، فيتعرض بذلك لمغفرته ورحماه، ثم يقف في عَرفة، ضارعا لربه حامدا شاكرا نعماءه وفضله، ومستغفرا لذنوبه وعثراته، وفي الطواف حول الكعبة البيت الحرام، يلوذ بجناب ربه، ويلجأ إليه من ذنوبه ومن هوى نفسه ووساوس الشيطان.

• أن أداء فريضة الحج يؤدي شكر نعمة المال، وسلامة البدن، وهما أعظم ما يتمتع به الإنسان من نعم الدنيا، ففي الحج شكر هاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الإنسان نفسه وينفق ماله في طاعة ربه والتقرب إليه سبحانه، ولا شك أن شكر النعماء واجب تقرره بداهة العقول، وتفرضه شريعة الدين.

• يجتمع المسلمون من أقطار الأرض في مركز اتجاه أرواحهم، ومهوى أفئدتهم، فيتعرف بعضهم على بعض، ويألف بعضهم بعضا، هناك حيث تذوب الفوارق بين الناس، فوارق الغنى والفقر، فوارق الجنس واللون، فوارق اللسان واللغة، تتحد كلمة الإنسان في أعظم مؤتمر بشري اجتمعت كلمة أصحابه على البر والتقوى وعلى التواصي بالحق بالصبر، هدفه العظيم ربط أسباب الحياة بأسباب السماء.

لخصه محمد الحجي