الوقف ... منطلقات إصلاحية
عيسى صوفان القدومي
هذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ودوره الإصلاحي.
- التصنيفات: التصنيف العام -
يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية؛ كثر خيرها وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر.
وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب.
حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة؛ ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد؛ جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للمساهمة في كل مجالاته ومساراته.
حقائق؛ شهد بها أهل العلم والاختصاص، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية.
في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته " الوقف الإسلامي ودوره الحضاري"، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم.
وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ودوره الإصلاحي:
- الوقف الإسلامي؛ من مآثر الإسلام ومفاخره لما يحققه من إصلاح الفرد والمجتمع، فهو مصدر خير للمجتمع المسلم، وقد حرص الواقفون على تتبع مواضع الحاجات مهما دقت، فوقفوا لها الأوقاف التي من وفرتها وتنوعها – في العهود السابقة - خرجت عن حاجة الإنسان إلى حاجة ما دونه من حيوان ونبات وبيئة.
- الوقف الإسلامي، كان له الدور الأكبر في الإصلاح السياسي والاقتصادي، والإداري، والتعليمي، والاجتماعي، والتنموي، وكان من نتاج مؤسساته إسهاماتها في مراحل الإصلاح في الأمة، وقد ترك الوقف بمؤسساته، ومخرجاته بصمات لا تُمحى في صفحات التاريخ الإسلامي، وكان له الدور الأكبر في المجالات التي تُصلح حياة العباد وحفظ البلاد.
- الوقف الإسلامي؛ شمل في إصلاحه، وتغييره معظم شرائح المجتمع، وضم تحت جناحيه مختلف الطبقات من كل المستويات، وانضوى تحت لوائه المسلمون، وغير المسلمين، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، فقراء وأغنياء، إلى جانب العلماء وطلاب العلم، وصولًا إلى الأمراء والسلاطين، والولاة.
- الوقف الإسلامي عزز الجانب الأخلاقي، والسلوكي في المجتمع، فصد منابع الانحراف، وعالج السلوكيات، والممارسات الخاطئة، والمشكلات الاجتماعية الطارئة ، ونشر الفضيلة، وحافظ على الأسرة – نواة المجتمع - وأعان الشباب على الزواج.
- الوقف الإسلامي؛ له دور فاعل اقتصاديًا واجتماعيًا وعلميًا، وحقق في العهود الإسلامية إنجازات وخدمات لمئات السنين، وأسهم في توفير الحاجيات الأساسية، فقد عاشت الأمة المسلمة بنعمة الأمن الغذائي، بسبب كثرة الأوقاف وبركتها.
- الوقف الإسلامي؛ يمتاز بخصائص تجعله قادرًا على تحمل أعباء توفير الخدمات للمجتمع، بأكفأ الطرق، فهو يخفف الأعباء على الدولة ويحقق التنمية الشاملة، التي لا تتحقق إذا لم يتماسك المجتمع، فللوقف مقاصد سامية ومصالح ملموسة في الحفاظ على المجتمع وإصلاحه.
- الوقف الإسلامي؛ بمؤسساته، ومخرجاته رصد، وعالج التغيرات السلبية في الأسرة والمجتمع، وأوجد الحلول، وعمل على توعية الأسرة من خلال برامج مختلفة لحل المشكلات الناتجة عن تلك التغيرات، وقد عالج المشكلات بما لا تستطيعه مؤسسات الدولة، فهو يسد الثغرات في نواحي الحياة التي لا تنفق عليها الدولة.
- الوقف الإسلامي؛ قدم عبر العهود الممتدة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى عهد قريب نماذج رائعة لمؤسسات وقفية كان لها الدور الأكبر في الإصلاح والتغيير؛ وإصلاح ما أفسد الناس من أمور دينهم ودنياهم، فكان لخطب الجمعة، وحلِق العلم في المساجد، ودروس العلم العامة، دورٌ في تصحيح عقائد المسلمين وأفكارهم.
- الوقف الإسلامي بنجاحاته؛ في الإصلاح والتغيير من خلال المؤسسات الوقفية – في فترات النهضة، والحضارة الإسلامية – كان حافزًا للعمل والاستمرار في وقف الأوقاف، والعمل من أجل إنجاحها، وإيجاد الجديد ليحقق المصالح التي من أجلها شرع نظام الوقف الإسلامي.
- الوقف الإسلامي؛ نظام يدفع للإصلاح الديني والاجتماعي والاقتصادي، والسياسي، والعلمي، ليكون واقعًا متحققًا في الحياة طبقًا لما أمر الله به أو ندب إليه في الكتاب والسنة، فالشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها.