القوميّات.. جاهليّة بغيضة، وولاءٌ للتراب!
أبو فهر المسلم
الحقّ الذي أتَى به الشرعُ والدّين: هو تعظيم الأوطان لا لذواتها وترابها وحدودها وأقطارها.. وإنما لمَا اختلط بها، واحتضَن ترابُها، وقام على أرضها؛ من دينٍ وإسلام، وحِفظٍ للحُرمات والأعيان، وإعلاءٍ لراية الحقّ والإيمان، وتمكينٍ للسُّنة والقرآن، وتحقيقٍ للعدل والإحسان، وتقديم ذلك على التراب والأوطان. فهاهنا فقط .. تُمدَح الأوطان!
- التصنيفات: الولاء والبراء -
تعظيم الأوطان لا لذواتها وترابها وحدودها وأقطارها.. وإنما لمَا اختلط بها، واحتضَن ترابُها، وقام على أرضها؛ من دينٍ وإسلام. هكذا في كلّ بلد من بلاد المسلمين، أصبحَت الشعارات والرّايات:
(مصر الحضارة.. مصر التاريخ.. مصر أولًا وقبل كلّ شيء.. تهون التضحيات لأجل مصر.. نذهب نحن وتَبقى مصر.. كلّه عشان خاطر مصر.. نفتدي مصر بالأرواح والدماء.. مصر لها حقّ علينا.. تراب مصر فوق رؤوسنا وأغلى من أرواحنا.. بلادي لكِ حبّي وفؤادي، أنتِ غايتي ومُرادي... إلخ ).
إن كثرة الحديث، والدَّندنة دومًا، حول أسماء البلاد والأوطان، وإعلاء اسم الوطن فوق كلّ قامةٍ وقيمة، حتى أصبحَت الدُّول والبلادُ والتراب؛ أعظم قيمةً، وأغلى ثمنًا؛ من الأنفس والأموال والدماء والأعراض؛ إن هذه النبرات؛ نبراتٌ خسيسة رخيصة .. ساقطةٌ لقيطة! إنها نبراتُ الحزبية المَقيتة، والقوميّة البَغيضة، والغَربية اللَّعينة!
لا يمتدحُها بحال؛ شرعٌ ولا دين .. ولا سُنة ولا كتاب!
إذ إن هذه النبرات؛ تقتل الولاء الشرعيّ في قلوب المؤمنين، الذي مُقتضاه: نُصرة المؤمن لأخيه المؤمن، في الشرق كان أم في الغرب، وجعْل المسلمين كالجسد الواحد، والروح الواحدة، ورفع شعار الحبّ والبُغض في الله لا غير، وجعْل الولاء على الدّين والإسلام، لا على التراب والأوطان!
فبدلًا من هذا الولاء الشرعيّ .. أصبح الولاءُ للحدود والتراب والأعلام، والأجناس والألوان، والعِرقيات والأوطان، والدُّول والبلدان!
وأصبح الطواغيت شرقًا وغربًا - وهكذا الأحزاب والبرلمانات -؛ يُعلون هذه النبرات القوميّة اللعينة، ويرفعون ألويتَها، ويَلهجون بذِكرها، ويُحاربون ويُسالِمون على نَتنِها، ويَخدعون رعاياهم وشُعوبهم باسمها، ويمكرون بهم تحت ظِلّها!
حتى قدَّس المساكينُ بقاءَ التراب؛ على أرواح الأحباب! فَهان الولدُ على أمّه وأبيه، والأخُ على صِنوه وأخيه، والزوجُ على زوجه وبَنيه، والرجل على أهلِه وذَويه! كلّ ذلك باسم التراب .. ولأجل التراب .. وافتداء التراب!
فلَئِن كان هذا قبيحًا، على لسان الطواغيت وسادَتهم ومَحافلهم؛ فكيف به على لسان شيخٍ، أو عالِم، أو داعية، أو مُصلِح؟!! كيف به على لسان أحزابٍ، تنتسب ادعاءً للدعوة والإسلام؟! لا شكّ أنه أقبح وأطمّ .. وأشنع وأضلّ !
والحقّ الذي أتَى به الشرعُ والدّين: هو تعظيم الأوطان لا لذواتها وترابها وحدودها وأقطارها.. وإنما لمَا اختلط بها، واحتضَن ترابُها، وقام على أرضها؛ من دينٍ وإسلام، وحِفظٍ للحُرمات والأعيان، وإعلاءٍ لراية الحقّ والإيمان، وتمكينٍ للسُّنة والقرآن، وتحقيقٍ للعدل والإحسان، وتقديم ذلك على التراب والأوطان. فهاهنا فقط .. تُمدَح الأوطان!
*ويرضى الله عن شيخ الإسلام، حين قال في رسالة المُرابطة: "فأفضلُ البلاد في حقِّ كلِّ شخص؛ حيثُ كان أبرَّ وأتقَى". فالولاء الحقّ .. إنما يكون لأرضٍ يُوحَّد فيها الله، ويُطاع رسولُه، وهذه حقًّا هي الأرض والبلد، التي مَن قُتل دونها؛ فهو شهيد! أما إذا خلَت البلد عن ذلك وضيّعَته، أو استبدلَت به أضداد ذلك؛ فلا كرامة لوطن .. ولا تقديس لتراب .. ولا قيمة لأرض! والدَندَنة على اسم الوطن - والحالةُ هذه -؛ تدليسٌ وتضليل، خاصَّةً .. إذا أرادها أن تكون كذلك الطواغيتُ وأذنابُهم!
فدَعُوا التسبيح بحَمد الأوطان والتراب، ولا تَغرنَّكم القوميّاتُ البَغيضة، فقد ألقَى شباكهَا .. الماكرون؛ ليَصيدوا ثمينًا.. فاخْذلوهم! وابذلُوا طاقتَكم، واستفرِغوا وُسعَكم؛ في تطهير أوطانكم وتحريرها، من رِقّ الطواغيت وسادَتهم في الداخل والخارج! فإمّا أن تُطهَّر من رجسها .. وإلا فالخيرُ في هَجرها! وإلى الله المآب والمُشتكَى!