حظر المآذن في سويسرا.. نعيب عدونا والعيب فينا
ملفات متنوعة
سوف نخالف الرأي السائد فنؤكد أن المشكلة في عمقها مشكلة وعي إسلامي
يجري العمل لتزييفه ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
سوف نخالف الرأي السائد فنؤكد أن المشكلة في عمقها مشكلة وعي إسلامي
يجري العمل لتزييفه وفق خطط وبرامج طال عليها الأمد، وكادت تحقق غرضها
الإجرامي!!
فمنذ قرن من الزمان، يتواصل الضخ الهائل من خلال وسائل الإعلام ، التي ظل التغريبيون يحتكرونها، لإقناع عامة المسلمين، بأكبر أسطورة في التاريخ الإنساني الأرضي، ألا وهي أن الغرب لا يهتم بمسائل الدين بالكلية، وأن الصليبية باتت إرثاً مندثراً، بعد أن ثارت الشعوب الأوربية على هيمنة القسس والرهبان على شؤون البشر هناك، فانتهت سيطرتهم الفكرية والسياسية على الجمهور العريض، وأصبح الدين شأناً شخصياً لا يؤثر في التوجهات السياسية إزاء المخالفين في المعتقد. وتمضي الخرافة فتزعم أن الغرب أضحى متسامحاً تجاه غير النصارى، الذين شنوا في الماضي حملات استئصال شرسة ضد المسلمين واليهود والوثنيين، بل إنهم سبق لهم أن خاضوا واجهات دموية في ما بينهم بحسب المذهب النصراني : بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس.
وكانت الغاية الخبيثة من عمليات غسل الدماغ تلك غاية مزدوجة، يهدف
شقها الأول إلى أن يصدّق المسلمون أن الغرب تحرر من صليبيته، لكي
تتمكن النخب المتغربة التي تستبد بحكم أكثر البلدان المسلمة، من
الانسياق وراء قيم الغرب الفاسدة(بحسب مقولة طه حسين:بخيرها وشرها،
حلوها ومُرِّها. . )وكذلك تنفيذ مصالحه الأحادية باسم التعاون المشترك
والمنافع المتبادلة. أما الشق الثاني فهو تسويغ العلمانية المفروضة
بالقوة على الأمة، بينما نشأت العلمانية في أوربا بقبول شعوبها !!
والحقيقة أن الجزء الصحيح اليتيم في الخرافة المذكورة، يتمثل في لا مبالاة الغرب بمواقف النصرانية ورجالاتها في شؤونه الداخلية ليس غير، ولا سيما بعد أن تخلص من المسلمين في الأندلس، ثم من اليهود عبر النازية وأشباهها، بإقامة كيان غاصب لهم فوق أرض فلسطين فتخلص من وجودهم وأنشأ دويلة لتمزيق أمتنا في الوقت نفسه. وفي الدنيا الجديدة-أستراليا والأمريكتين-استأصل الغزاة البيض السكان الأصليين فما بقي منهم سوى قلة بائسة محاصرة في شبه معتقلات غير إنسانية.
لكن الغرب في سياساته الخارجية بعامة ونحو المسلمين بخاصة، فإنه برهن عن رسوخ الروح الصليبية الحقود أينما حل وأينما ارتحل. وهنالك وثائق غربية جمة تثبت أن الغزاة العلمانيين كانوا يؤازرون حملات التنصير بكل ما أوتوا من طاقة!!
وحتى يومنا هذا، يلحظ المراقب الموضوعي دخول دول أوربية عدة إلى
الاتحاد الأوربي، في حين منع القوم تركيا من الولوج-وهي أسبق من
الأعضاء الجدد في الاتحاد في عضوية حلف الناتو بل كان هؤلاء قبل ربع
قرن أعضاء في حلف وارسو المناوئ مثل بلغاريا ورومانيا والمجر. . .
-
أما محرقة الشعب البوسني على أيدي المجرمين الصرب، وتحت سمع أوربا وبصرها-وخيانة بعض عسكرها رغم ارتدائهم ثياب قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة-، أما هذه المحرقة الفظيعة فهي تُغْني العاقل عن التماس مزيد من الشواهد.
إن الاستفتاء السويسري على حظر بناء المآذن صفعة قوية لأساطيل
المطبلين المتغربين، فهو دليل قطعي على أن كراهية الإسلام في الغرب
ليست هامشية تقتصر على أحزاب يمينية صغيرة، فأكثرية السويسريين هي
التي اختارت التعبير عن ضغائنها بالرغم من تحذيرات العقلاء هناك من
الأضرار التي سوف ترتد على الاقتصاد السويسري.
وهؤلاء على شناعة بغضائهم الجلية، أقل شراًّ من المنافقين الذين يريدون منا أن نمضي في تصديق أباطيلهم عن إنسانيتهم وموضوعيتهم وحيادهم المكذوب بين الديانات وتسامحهم مع مخالفيهم في الاعتقاد. فالمطلوب من المسلمين بعد اليوم أن يُسكتوا الناعقين الأفاقين الذين يرومون منا أن ننخدع بما نسمع وأن نُكَذّب بما نراه رأي العين.
ولولا الله ثم وسائل الاتصال الحديثة من فضائيات وإنترنت، لما زال
احتكار التغريبيين لوسائل الإعلام وهيئات التعليم، ولكان في وسعهم
المراهنة على خديعة بعض الناس بعض الوقت أو كله، أو اللعب على كل
الناس بعض الوقت. فالحمد لله، والكرة الآن في مرمى العلماء والدعاة
وأصحاب الأقلام الشريفة، لكي يقولوا كلمة الحق، فوسائط البلاغ أصبحت
أفضل من ذي قبل بما لا يترك فرصة لأي مقارنة.
15/12/1430 هـ