من المصادر المفقودة في تفسير ابن عطية الأندلسي (ت: 542) / تفسير الزهراوي (ت 431)

مساعد بن سليمان الطيار

إن فكرة جمع التفاسير المفقودة فكرة لطيفة، وهي تختلف بحسب نوع هذه التفاسير؛ إذ ليس كل تفسير يفيد جَمْعُه.
وتختلف التفاسير بحسب أهميتها، وبحسب نوعيَّتها، ومدى عنايتها بعلم من العلوم.

  • التصنيفات: التفسير -

إن فكرة جمع التفاسير المفقودة فكرة لطيفة، وهي تختلف بحسب نوع هذه التفاسير؛ إذ ليس كل تفسير يفيد جَمْعُه.
وتختلف التفاسير بحسب أهميتها، وبحسب نوعيَّتها، ومدى عنايتها بعلم من العلوم.

ومن ذلك أن في جمع بعض التفاسير المسنِدة؛ كتفسير آدم بن أبي إياس (ت: 220) فوائد؛ منها:
1 ـ معرفة شيوخ آدم الذين نقل عنهم التفسير.
2 ـ معرفة حال أسانيد تفسير آدم.
3 ـ معرفة طبقات المفسرين الذين نقل عنهم آدم.
4 ـ إعطاء صورة تقريبية لحال تفسيره.
هذا وقد يظهر لك غير هذه الفوائد حال البحث والنقيب.

وأما التفاسير المتأخرة؛ كتفسير الزهراوي (ت 431) فجمعها يُظهر لك شيئًا من عناية المؤلف بأنواع المعلومات التي اعتنى بذكرها في تفسيره؛ إذ المتأخرون يتوسعون في ذكر المعلومات المتعلقة بالآية من علوم العربية ومن الفقه وغير ذلك.

فمن هو الزهراوي، وما حال تفسيره؟
الزهراوي: نسبة إلى الزهراء(1).

وقد ذَكرتْ ترجمتَه عددٌ من المصادر، منها: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار (3: [321-322]). قال: "عَليّ بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد الحاسب من أهل الزهراء وَسكن غرناطة. يكنى أَبَا الْحسن، وَيعرف بالزهراوي أَخذ عَن أَبِيهِ سُلَيْمَان بن مُحَمَّد وَأبي الْحسن الْأَنْطَاكِي وَأبي عبد الله الرباحي وَأبي بكر الزبيدِيّ وَأبي سُلَيْمَان عبد السَّلَام بن السَّمْح وَغَيرهم من مشيخة قرطبة.

وَكَانَ عَالمًا بالهندسة وَالْعدَد غلب عَلَيْهِ علم ذَلِك وشارك فِي فنون مِنْهَا الطِّبُّ.

وَله كتاب فِي تَفْسِير الْقُرْآن فِي عدَّة أسفار، وَكتاب آخر فِي الْمُعَامَلَات عَليّ طَرِيق الْبُرْهَان، وتواليف غَيرهمَا.
وَله رحْلَة حجَّ فِيهَا، وَأمَّ فِي صَلَاة الْفَرِيضَة بالجامع الْقَدِيم من غرناطة، وأقرأ هُنَالك الْقُرْآن وَالْفِقْه والعربية وَغير ذَلِك مِمَّا كَانَ يُحسِن.

روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بن قعنب، وَأَبُو عُثْمَان سعيد بن عيسي الْأَصْفَر وَكَانَ يُقَال لَهُ: القصري؛ لِأَنَّهُ وُلد بقصر عَطِيَّة باللجِّ من أقاليم طليطلة- وَأَبُو بكر المصحفي، وَغَيرهم.
ذكره ابْن بشكوال بِأَقَلّ من هَذَا".

توفي الزهراوي عام 431 للهجرة.

وتفسيره هذا رواه عنه أبو عبد الله محمد بن الحسن بن قَعنَب الأسدي الغرناطي، وعنه أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف، المعروف بابن الباذش الغرناطي (ت: 528)(2).

ثم نجده أحد مصادر ابن عطية الأندلسي (ت: 542)، وعنه نقل كل من اعتمد على تفسير ابن عطية، ولا نكاد نجده في مصدر آخر غير تفسير ابن عطية.

وقد نقل عنه أكثر من مائة نقل، يصدرها -غالبًا- بقوله: "قال الزهراوي"، أو "وحكى الزهراوي"، إلى غير ذلك من العبارات.

ويظهر مما نقله ابن عطية (ت: 542) عن الزهراوي (ت:431)؛ أن تفسيره كغيره من كتب التفسير، فنجد فيه:
1 ـ بعض الآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير وفي غيره.
2 ـ آثار عن الصحابة والتابعين في التفسير.
3 ـ إعراب القرآن.
4 ـ عربية القرآن من بيان مفردات وتصريف ألفاظ.
5 ـ ذكر القراءات القرآنية وتوجيه ما يحتاج إلى ذلك.
6 ـ أسباب النزول، ومن نزل فيهم الخطاب.

وعلى هذا، فهو كتاب على جادَّة كتب التفسير، لكن هل كان للعلوم الدنيوية التي برز فيها أثرٌ في كتابه هذا؟!
هذا ما لا يمكن الإجابة عليه بالنفي ولا بالإثبات؛ إذ ابن عطية لم ينقل أي شيء يدل على ذلك، وعدم نقله لا يعني عدم وجوده، ولن يحُلَّ هذا السؤال إلا وجود مخطوطات الكتاب، وبالله التوفيق.


_____________________
(1) قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحِميرى (ت: 900هـ) في كتابه الروض المعطار في خبر الأقطار (ص:295 ): "الزهراء: مدينة في غربي قرطبة بناها الناصر عبد الرحمن بن محمد، كذا قالوا، ولا أدري أهي الزاهرة المتقدمة الذكر"(ص: 283)، أو غيرها.
وبينها وبين قرطبة خمسة أميال.
وكانت قائمة الذات بأسوارها ورسوم قصورها، وكان فيها قوم سكان بأهاليهم وذراريهم، وكانت في ذاتها عظيمة، وهي مدينة فوق مدينة، سطح الثلث الأعلى على الحد الأوسط، وسطح الثلث الأوسط على الثلث الأسفل، وكل ثلث منها له سور، فكان الحد الأعلى منها قصوراً يعجز الواصفون عن وصفها، والحد الأوسط بساتين وروضات، والحد الأسفل فيه الديار والجامع.
ثم خرب ذلك كله وأصابه ما أصاب قرطبة وغيرها من بلاد الأندلس، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
(2) هو أبو أحمد ابن الباذش صاحب كتاب الإقناع في القراءات السبع (ت: 540). 

المصدر: موقع الشيخ مساعد بن سليمان الطيار