فن إخماد الأفكار

تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن عقل الإنسان يتعرض يوميًّا لما بين خمسين إلى ستين ألف فكرة، تزداد مع بعض الأشخاص لتصل ما يقارب مائة ألف فكرة

  • التصنيفات: موضوعات متنوعة -

ترددتُ كثيرًا قبل كتابة هذه الأسطر؛ خوفًا من أن يتبادر إلى ظنِّك أنني أقصِد أن تقوم بإيقاف دماغك وعقلِك عن التفكير، ولكن القصد عكس ذلك تمامًا، تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن عقل الإنسان يتعرض يوميًّا لما بين خمسين إلى ستين ألف فكرة، تزداد مع بعض الأشخاص لتصل ما يقارب مائة ألف فكرة، وتقل عند البعض لتصل إلى أقلَّ من ذلك بكثير، ومن يلاحظ نمط الحياة اليوم سوف يلفِت انتباهَه بشدةٍ حجمُ التسارع في حياتنا، مما أدى بالمقابل لتسارع الأفكار ودخولها إلى أدمغتنا بشكل قسري تبعًا لذلك، وسوف يلاحظ تأثيرها الشديد على طريقة تفكيرنا، مما أصاب الكثيرَ منا بالتشتت والنسيان وفقدان التركيز تمامًا عن كثير من أعماله ومهامه اليومية.

إذًا ما الحل؟
الحل هو إخماد هذا السيل الجارف من الأفكار بطرق يصِفها العلم اليوم بالضرورات الملحة؛ وذلك لإعادةِ التوازن والتركيز لحياتنا، ولعل من أهم ما يمكن عرضه هنا للمساعدة بهذا الخصوص ممارسة رياضة التأمل، والخلوة مع النفس والهدوء والسكينة، والتنفس العميق، ولو لفترات قليلة يوميًّا، حيث يساعد ذلك بشكل جيد على إطفاء وطرد هذه الأفكار بطريقة ممنهجة.

وعندما شرعت بكتابة هذه الأسطر ورد على ذهني قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي يرويه الإمامان البخاري ومسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه، وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك" (أخرجه البخاري في صحيحه: رقم3، ومسلم في صحيحه:رقم160)، وتعجبتُ من هذا الأمر الذي أمر الله عز وجل به الأنبياء والمرسلين، لا بد أن له سِحرًا وتأثيرًا عجيبًا في أداء مهامهم الموكلة إليهم، وأي مهام؟ حيث تبدأ مع ممارسة هذه العادة وغيرها من عادات التأمل والسكينة حركة الأفكار بالبطء، وتخف سرعتها، وينخفض صوتها وضجيجها من أدمغتنا، كما وتمنح الشخص سلامًا داخليًّا عالي القيمة والتأثير على حياته اليومية، ومن ثم يبدأ في الدخول في دائرة الاستنارة، التي تخوِّلُه أداء رسالته على أكمل وجه بإذن الله، وبما أن ظروفنا اليوم تغيرت بشكل جذري فيمكن أن يمارسَ الشخص عددًا من العادات أيضًا التي سوف تساعده بدون شك على خفض وتيرة هذه الأفكار إلى أقصى حد ممكن، ومنها:
- قيام الليل.
- جلوس التشريق: وهو: الجلوس من بعد صلاة الفجر لحين شروق الشمس.
وغيرها من الممارسات التي تناسب ظروف وطبيعة كل شخص.

معلومة:
المخ البشري تمر عليه يوميًّا آلاف الأفكار؛ لذا من الصعب سماعُ صوت القلب.. وأحد الحلول لهذا الأمر هو ممارسة إحدى رياضات التأمل.

خاطرة:
في عمق الصمت تجد جميع الأجوبة هناك (الحكيم الصيني أوشو).

المراجع:
- ترجمة كتاب قوة الآن "The Power Of Now" - "ايكهارت تول".
- ترجمة كتاب صوت السكينة silence speaks ايكهارت تول".

 

محمد بن عبد الله الفريح