يبكي على الشام المضادات الجوية؟!
هل يجرؤ أحد من العرب والمسلمين على أن يقول لا في وجه طغاة الشام وأسيادهم، فيتبرع بمضاد جوي تُوقف عربدة جوية تسرح بها طائرات الروم والفرس والمجوس صباح مساء دون رادع أو سائل
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
هل تُرثي الشام نفسها كما رثى مالك بن الريب التميمي نفسه، فتكون مرثية الشام من عيون مراثي المدن تمامًا كما كانت مرثية مالك من عيون مراثي الشعراء، لا أدري لمَ تذكرتُ ذلك وأنا أقرأ قصيدته هذا الصباح حتى وصلت إلى قوله:
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد *** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
اليوم حين تتطلع الشام حولها وما أصابها من خراب ودمار وحرق وذبح وطعن من الأصدقاء قبل الأعداء يحق لها أن تقول:
تذكرت من يبكي علي فلم أجد *** سوى الخِل الوفي والمضاد الجوي
أينما اتجهت في الشام الذبيحة ستجد أيادي هولاكو وجنكيز خان وأيادي فرس ومجوس، الذين أحرقوا مدنها سابقًا؛ فعاد أحفادهم اليوم ليذكرونا بما فعله أسلافهم من حرق وتدمير ويبدو أن ذلك جزء من ثقافة عبادة النار التي استحالوها إلى استخدامها في حرق البشر والحجر.
العاقل العربي من اتعظ بالعراق الجريح الذي تخلى عنه إخوة يوسف بعد أن ألقوه بالجب، ولكن بجب أكبر أعدائهم التاريخيين وها هم اليوم يتخلون عن الشام ويُسلموها لأكبر أعدائهم وأحقدهم عليهم من فرس وروس، فلا يزالون يظنون أن كلامهم المعسول بالتفاوض والحوار يُجدي، بينما على الأرض يسعون إلى تغيير الجغرافيا وحين لاحت لهم بصيص أمل بتقدم عسكري في منطقة سلمى بالساحل، أعلنوا عن رفضهم المشاركة ضمن وفد معارض موحد وعرضوا وفدين متساويين وفد الرياض ووفد يشكله المحتلون. فتبًا لهم من معارضة يرضى عنها قاتل أبنائها ومدمري بلدهم!
هل يجرؤ أحد من العرب والمسلمين على أن يقول لا في وجه طغاة الشام وأسيادهم، فيتبرع بمضاد جوي تُوقف عربدة جوية تسرح بها طائرات الروم والفرس والمجوس صباح مساء دون رادع أو سائل، هل يتذكر أحد من العرب والمسلمين ما حلّ بالعراق حين تخلوا عنه فوصلت نيران المجوس والروس والمليشيات الطائفية إلى عقر دار العرب والمسلمين ولعل القادم أدهى وأمر، هل من عاقل يوقف بكاء الشام، ليمنع بكاء نفسه غدًا، لكن يبدو أن قدر الشام كما هو قدر الحواضر الكبرى أن تتحمل جراحها وجراح غيرها وذاك قدر الكبار، ولعل في الدرس النبوي عبرة حين رسم لنا نبينا عليه الصلاة و السلام أربعة أصناف بشرية في التعامل مع الشام إما قاتل لها أو من يقاتلها، أو خاذلها أو مخالفها. فأبشروا بالفردانية التي وعدكم بها نبيكم، وهو الذي أثنى عليه الصلاة والسلام على أبي ذر حين قال: "رحمَ اللهُ أبا ذرٍ؛ يمشي وحدَه، ويموتُ وحدَه، ويبعثُ وحدَه" (السلسلة الضعيفة:5531).
د. أحمد موفق زيدان