لماذا تركوني و انفضوا؟
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: مساوئ الأخلاق - أخلاق إسلامية -
يتعجب: لماذا انفضوا من حولي؟ لماذا لا يحبون التعامل معي؟
ويالها من نهاية لو طال به العمر وطال اتصافه بتلك الصفات؛ ساعتها سيكون السؤال: لماذا تركوني وحيداً وأنا في أشد الحاجة لهم ولمؤانستهم؟
إنها قسوة القلب والغِلظَة والفَظَاظَة: أخلاق تنفِّر بين القلوب، وتشيع الكَرَاهِية والبَغْضَاء.
قبل أن تسأل تلك الأسئلة هل راجعت نفسك وأدركت صفاتك؟
قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
قال القرطبي في تفسيره: "والفظ الغليظ الجافي. فظظت تفظ فظاظة وفظاظا فأنت فظ. والأنثى فظة والجمع أفظاظ. وفي صفة النبي عليه السلام ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق؛ وأنشد المفضل في المذكر:
وليس بفظ في الأداني والأولى *** يؤمون جدواة ولكنه سهل
وفظ على أعدائه يحذرونه *** فسطوته حتف ونائلة جزل
وقال آخر في المؤنث:
أموت من الضر في منزلي *** وغيري يموت من الكظه
ودنيا تجود على الجاهلي *** ن وهي على ذي النهى فظه
وغلظ القلب عبارة عن تجهم الوجه، وقلة الانفعال في الرغائب، وقلة الإشفاق والرحمة، ومن ذلك قول الشاعر:
يبكى علينا ولا نبكي على أحد *** لنحن أغلظ أكبادا من الإبل
ومعنى لانفضوا لتفرقوا؛ فضضتهم فانفضوا، أي فرقتهم فتفرقوا؛ ومن ذلك قول أبي النجم يصف إبلا:
مستعجلات القيض غير جرد *** ينفض عنهن الحصى بالصمد
وأصل الفض الكسر؛ ومنه قولهم: لا يفضض الله فاك.
والمعنى: يا محمد لولا رفقك لمنعهم الاحتشام والهيبة من القرب منك بعد ما كان من توليهم".