[08] فبما رحمة من الله لنت لهم
أم هانئ
فمن ألين من الحبيب فؤادا، وأملك لشغاف القلوب ودادًا؟
- التصنيفات: السيرة النبوية - محاسن الأخلاق -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سبق منا الإشارة إلى كيفية تعبيره عليه السلام، بجميل أفعال كرام، وبصريح من أطايب الكلام، لما يُكِّن من رائق مشاعره لأمه وزوجه وذريته عليهم جميعا من الله السلام، قد سنّ بذلك لأتباعه إلى يوم القيامة سنة، فليقتدِ بسيرته - لزامًا- كل من أراد الجنة، فلله كل الحمد على رحمته بخلق والمنة.
قلنا: ليست المحبة محض تعبير بألفاظ وكلمات، ولكنها مواقف تُعاش تُعاين فيها مشاعر حسان رائقات، يتبادل فيها الخلق فيما بينهم فيض من الرحمات. أما الآن: (4) كيف جعل بحسن خلقه قلوب أصحابه تهوي إليه، تطوف نفوسهم وقلوبهم برائق وداد وفائض حب تغدقه عليه، فملك بجميل رحمته عليهم من النفوس جماعها، وتعمق بكريم عشرته لهم حتي مسّ من القلوب شغافها. وهاكم باقة ضيّاعة من أطايب صحيح الأحاديث، تفيض بأعطر ذكرى لخلق عالٍ رائق نفيس.
أولاً: بأبي أنت وأمي يامثل النقاء، أسمى خلق الله سريرة وصفاء:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « » حسّنه الشيخ: أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد [5/286].
ثانيًا: مؤدب بلا تحريج:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: « »صححه الوادعي في: الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين [1612].
ثالثًا: معلم يتلطف في تعليمه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « » حسنه الوادعي في: الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين [1341].
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «
رابعًا: مداعب متقرِّب لطيف:
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح البخاري [3373]).
خامسًا: معبر عن حبّه برائق قاله وجميل فعاله:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « » (صحيح البخاري [3786]).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: «
» (صحيح البخاري [3799]).سادسًا: وعلى أولاد أصحابه الكرام يعطف، يداعبهم يتودد إليهم برقة يتلطف:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: « » (صحيح مسلم [286]).
عن أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلى قميص أصفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنه سنه. قال عبد الله: وهي بالحبشية: حسنة، قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعها. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي. قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر، يعني من بقائها (صحيح البخاري [5993]).
عن محمود بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه قال: «
» (صحيح البخاري [77]).عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «
» (صحيح مسلم [2329]).سابعًا : يشارك بفيض حنانه أيتامهم فيبكي لبكائهم يشاطرهم أحزانهم يواسيهم في مصابهم:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: « » (صححه الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين [842]). فمن ألين من الحبيب فؤادا، وأملك لشغاف القلوب ودادًا؟
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «
» (صحيح البخاري [6085]).يا من له الأخلاق ما تهوى العلا*** منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل*** يغرى بهن ويولع الكرماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى*** وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذاعفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب *** هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزة *** تعرو الندىوللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته *** فجميع عهدك ذمة ووفاء
ولما ينتهي سِمط الكلام، عن نبينا وصحبه الغرّ الكرام، يُتبع.