حكم اللعن والسب

من مقاصد الإسلام: تهذيب الأخلاق، وتزكية النفوس، ونشْر المحبة والأُلفة والإخاء بين المسلمين؛ روى أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعِثْت لأُتَمِّم صالحَ الأخلاق» [التمهيد:24/33]. ولا شكَّ أن السبَّ واللعن يُورِث الأحقاد والضغائن والعَداوة والبغضاء؛ ولذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53].

  • التصنيفات: مساوئ الأخلاق -

من مقاصد الإسلام: تهذيب الأخلاق، وتزكية النفوس، ونشْر المحبة والأُلفة والإخاء بين المسلمين؛ روى أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعِثْت لأُتَمِّم صالحَ الأخلاق» [التمهيد:24/33]. ولا شكَّ أن السبَّ واللعن يُورِث الأحقاد والضغائن والعَداوة والبغضاء؛ ولذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53].

والسبُّ واللعن من كبائر الذنوب؛ روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبابُ المسلم فسوق وقتاله كُفْر» [صحيح البخاري:6044]. والسب واللعن فيه إيذاء للمؤمنين والمؤمنات، وقد توعَّد الله مَن فعَل ذلك بالعذاب الأليم؛ فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]، ويقول عز وجل: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1].

ومن الأذية للمسلم: سَبُّه بما فيه، وفضْحه وعدم ستره عند زَلَّته؛ روى الترمذي وصحَّحه الألباني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنبرَ، فنادى بصوت رفيع فقال: «يا معشر مَن أسلم بلسانه، ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعيِّروهم ولا تتَّبِعوا عوراتهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورةَ أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومَن تتبَّع الله عورتَه يفضحه ولو في جوف رَحْله» [سنن الترمذي: 2032]، قال: ونظر ابن عمر يومًا إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حُرْمتك! والمؤمن أعظم حُرْمة عند الله منك".

ومن الأذية للمسلم: سبُّ بعض أقاربه أو أحبابه، الأحياء أو الأموات؛ روى الترمذي وصحَّحه الألباني عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبوا الأموات فتؤذوا الأحياءَ» [1982]، وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فإنهم قد أَفْضوا إلى ما قَدَّموا» [6516].

ومن أعظم السب: أن يَلْعَن الرجلُ والديه، روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن من أكبر الكبائر أن يَلْعن الرجلُ والديه، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يَسُب الرجلُ أبا الرجل، فيَسُب أباه، ويَسُب أمه» [صحيح البخاري:5973]قال النووي - رحمه الله - في شرح صحيح مسلم (2: 54): "سبُّ المسلم بغير حقٍّ حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم".

واللعن أشد من السب في الحُرْمة، ثبت في الصحيحين عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعْنُ المؤمن كقتله» [صحيح البخاري:6105]؛ أي: في الإثم، كما قال النووي في شرح صحيح مسلم. وروى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يكون اللعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» [2598].

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "فيه الزَّجْر عن اللعن، وأن مَن تَخلَّق به لا يكون فيه هذه الصفات الجميلة؛ لأن اللعنة في الدعاء يُراد بها الإبعاد من رحمة الله تعالى، وليس الدعاء بهذا من أخلاق المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بالرحمة بينهم والتعاون على البِرِّ والتقوى، وجعلهم كالبُنيان يَشُد بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد، وأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فمَن دعا على أخيه المسلم باللعنة - وهي الإبعاد من رحمة الله - فهو في نهاية المقاطعة والتدابر" انتهى؛ من شرح صحيح مسلم (16: 148).

ومن أعظم السب: سب الصحابة رِضوان الله عليهم؛ لأن الله أمرنا أن نستغفر لهم ذنوبهم فلا معصوم إلا الأنبياء؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]، وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تَسُبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مِثْلَ أُحُد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نَصِيفه» [صحيح البخاري:3673]، وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «آية الإيمان حُبُّ الأنصار، وآية النفاق بُغْض الأنصار» [صحيح البخاري:3784]، وروى أحمد في مسنده بسند صحيح، عن أنس بن مالك، عن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «رأيتُ ما تلقى أمتي بعدي وسفْكَ بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الأمم قبلهم، فسألته أن يُوَلِّيني شفاعة يوم القيامة فيهم، ففعل» [صحيح الجامع:918].

اللهم حسِّن أخلاقَنا، وجدِّد إيماننا، واغفِر لنا ولجميع المسلمين، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.

 

محمد بن علي بن جميل المطري