إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
أبو الهيثم محمد درويش
- التصنيفات: التفسير -
المشركون أشد الناس ضلالاً و أبعدهم عن الله تعالى و مغفرته .
صرفوا أعمالهم لغير الله و أشركوا معه غيره و لم يخلصوا له دينهم فتارة يعبدون عجلاً و تارة صنماً و تارة حجراً و تارة قبراً حتى و الله من البشر من عبد الفئران .
و الأعجب أنك لو سألتهم من خلقهم ليقولن الله فعقولهم لا تقر إطلاقاً أن الصنم الحجري أو القبر أو حتى الفأر هو من خلقهم .
و بالرغم من ذلك جعلوهم شركاء لله تعالى و صرفوا لهم ما يصرف لله و بعضهم يظن أنه لو صرف بعض العبادة لله و البعض لغيره فقد نجا و والله ما نجا و إنما استدرجه الشيطان و أوقعه في الحضيض المحض .
فالله وحده هو المستحق للعبادة كل العبادة (الظاهرة و الباطنة / الأقوال و الأفعال ) أعمال القلوب و الجوارح و الألسنة .
كلها لا تصرف إلا لله فلا عبادة لغيره و لا اتباع لغير منهجه و شريعته و لا طاعة في معصيته .
قال تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} [النساء 116] .
قال السعدي في تفسيره :
الشرك لا يغفره الله تعالى لتضمنه القدح في رب العالمين وفي وحدانيته وتسوية المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا بمن هو مالك النفع والضر، الذي ما من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم إلا هو، الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، والغنى التام بجميع وجوه الاعتبارات.
فمن أعظم الظلم وأبعد الضلال عدم إخلاص العبادة لمن هذا شأنه وعظمته، وصرف شيء منها للمخلوق الذي ليس له من صفات الكمال شيء، ولا له من صفات الغنى شيء بل ليس له إلا العدم. عدم الوجود وعدم الكمال وعدم الغنى، والفقر من جميع الوجوه.
وأما ما دون الشرك من الذنوب والمعاصي فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفره برحمته وحكمته، وإن شاء عذب عليه وعاقب بعدله وحكمته،
أبو الهيثم