اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا في غزة!

ملفات متنوعة

النظام المصري لا يشعر أصلا بما يحدث في غزة، إن السادة المسئولين في
حكومة مصر قد اعتادوا على محاصرة الغلابة من المواطنين بالأسعار
المولعة والضرائب التي لا ترحم ..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


هل صعب على نظام الرئيس مبارك إلى هذه الدرجة، أن يفرق بين خصومته مع حماس وبين طريقة تعامله مع أطفال ونساء قطاع غزة؟
هل ما فعله هذا النظام وهؤلاء الوزراء في الشعب المصري منح قلوبهم قسوة لا تلين أمام صور الحصار والأطلال وفكرة الأطفال التي تعاني من سوء التغذية داخل أرض فلسطين؟

لا تفسير آخر يمكن أن يتقبله العقل سوى هذا، أن النظام المصري لا يشعر أصلا بما يحدث في غزة، أن السادة المسئولين في حكومة مصر قد اعتادوا على محاصرة الغلابة من المواطنين بالأسعار المولعة والضرائب التي لا ترحم والمرتبات التي تطير بعد أول خمسة أيام في الشهر، ولذلك لم ترق قلوبهم حينما أخبروهم أن هناك أطفالاً ونساءً في غزة لا يجدون الطعام والدواء، لم تدمع عيونهم حينما قالوا لهم إن هناك في غزة أطفالا بلا مأوى، وأوجاع بلا مستشفيات، لم يصِبهم الخجل في مقتل وهم يشاهدون الأجانب يستميتون من أجل أن تصل غزة لقمة زيادة أو شريط برشام إضافى..
لم يتأثروا بأي من هذا لأنهم في مصر صنعوا بأيديهم تلك الحالة، بل وأكثر منها، انظر للعشوائيات وطوابير المرضى أمام شبابيك التأمين الصحي، والعشرات الذين يفترشون أسفل الكباري، والمئات الذين ينتحرون بسبب فشلهم في توفير وجبة عشاء أو كسوة الشتاء..

انظر لهؤلاء وسوف تجد إجابة على كل الأسئلة التي تحيرك في شأن تجاهل الدولة لقطاع غزة وحالتة التي تصعب على كل الكفار.. حتى بتوع قريش.


لا تفسير للجدار الفولاذي، ولا تفسير للمعبر الذي يفتحونه على استحياء، ولا تفسير للعراقيل التي يضعونها أمام القوافل الأجنبية سوى هذا الكلام السابق، هؤلاء يا عزيزي خاصموا الرحمة منذ زمن، وفضوا تعاقدهم مع الإنسانية من فترة، ولا تعجبهم فكرة قضاء حوائج الناس.

هؤلاء يا عزيزى لا تنقبض قلوبهم حينما تسمع آذانهم أو تشاهد عيونهم آثار الحرب والحصار على القطاع الفلسطيني الفقير، ولا تتخيل أن هناك يوما سيأتي في المستقبل وينصلح حالهم.


لحظة من فضلك.. لا تتخيل أننا نختلف عنهم كثيرا، فنحن نشبهم بشكل أو بآخر، وهل هناك دليل أكثر من استيرادنا لمجموعة من النشطاء الأجانب بهدف تنظيم قافلة لمساعدة أهل غزة، لم تأت قافلة من الرياض أو تونس أو الجزائر، ولم يزحف المئات من محافظات مصر وحواري بيروت ودمشق وشوارع الكويت وقطر من أجل مساعدة غزة، سبقنا مجموعة من عجائز وشباب أوربا ليس فقط بالمال والغذاء والدواء، بل بالاستعداد لمواجهة ذل المعاملات الرسمية وسخافة الموافقات الأمنية، والتظاهر ليل نهار أمام كل باب قد يفتح لهم بابا نحو أطفال غزة الجياع.

لم يفعلها السادة أعضاء كفاية الذين اكتفوا بالهتاف ضد التوريث، ولم يفعلها الإخوان الذين فضلوا الجلوس بجوار مكتب الإرشاد لحين رؤية الدخان الأبيض ومعرفة أبوهم القادم، ولم تفعلها الأحزاب لأن أمن الدولة لم يسمح لرؤسائها بذلك..


أما نحن فقراء هذا الوطن وبسطاؤه فلا نجيد التجمع ولا التجمهر ولا التحرك، ولا نستطيع أن نجمع لأهلنا في غزة رغيف عيش من هنا وكيس سكر من هناك إلا بموافقة أمنية، والأمن لن يمنح لنا موافقة إلا بمزاجه..

ولهذا يبقى الدعاء هو سلاحنا الوحيد، يشعرنا بالخجل أحيانا وبالضعف أحيان أخرى، وبالكسوف حينما نشاهد الأوروبيين وهم يتظاهرون على سلم نقابة الصحفيين بدلا منا..
وحتى لو قررنا التظاهر فقد أكدت التجارب أننا لا نجيد إجبار الحكومة على شىء، ربما لأن نفسنا قصير أو ربما لأن حكومتنا بجحة أكثر من اللازم..


فماذا نفعل إذن؟ هل ننتظر أم نزيد حصتنا من الدعاء، أم نبدأ بإصلاح القاعدة حتى نستطيع الوصول إلى الرأس؟

أم أظل أنا وغيري نكتب وتظلوا أنتم تقرأون؟

.. لا أملك إجابة واضحة على أي علامة استفهام سابقة ولكن مجرد طرحها يشعرني بالراحة، وكأني أنجزت جزءا من مهمتي.


المصدر: محمد الدسوقي رشدي