"وهلَك" ... حسنين هيكل!(2)
أبو فهر المسلم
** الكلام على مستواه الشّخصي الدّيني:
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
كان "هيكل" – كما في كتاباته ولقاءاته وكتابات مُؤيديه ومُعارضيه – أحقد ما يكون على الإسلام وأهله، يُحارب الإسلام بما أُوتي من قوّة، تارةً صراحة دون مُوارَبة، وتارةً مُتخفِّيًا وراء عباراتٍ مُنمَّقة.
ومن ذلك – حينما سُئل عن الإسلام في مصر - فقال: "الإسلام لم ينتشر، ولم يتَّحد المسلمون، وأسأل الله ألا يأتي هذا اليوم".
وكذلك قولُه: "في مصر رواسب قاربَت على الانتهاء، من العصر الإسلامي، والعصر التركي، والمماليكي".
وكذلك ادعاؤه: "أنه لا يحبّ الاستشهاد بآيات قرآنية، فى خُطب سياسية. وأوروبا وصلَت إلى الصندوق بعد أن فَصلت الكنيسة عن الدولة.
وهكذا دومًا لا يظهر الإسلام على لسانه ومَقاله؛ إلا مُنتقصًا، ويَتمنَّى اندحاره وزواله.
وأظهر ذلك: حربه الضّروس على الأحزاب والجماعات الإسلاميّة، طاعنًا الإسلام في شخوصهم وشعاراتهم، ولو جُمعت أكاذيبُه على الإسلاميين؛ لملأت مُجلدات.
ومَشهورٌ عنه كذلك أنه كان لا يُصلّي ولا يصوم، ويشرب الخَمر، بل ويستهزئ بكثير من شعائر الإسلام.
وأعظم من ذلك كلّه وأطمّ: أنه كان يُنكر البعث ضمنيًّا، وكذلك يُنكِر حقيقة الجنة والنار، ويَزعم أن ذلك كلَّه مجرّد تخييلات ورموز، لا حقيقة لها، وأنه ليس بعد الموت شيء، وأنه الفناء وفقط.
ففي كتابه "الطريق إلى رمضان"، ذكر حوارًا جرى بينه وبين الطاغوت عبدالناصر، وكان ممَّا دار بينهما –على لسانه-:
"فقال عبد الناصر – لهيكل -: أتعني أن من يفعل خيرًا على هذه الأرض لا يدخل الجنة؟ قلت –هيكل-: لا أدري.. وإنما أظن أن الجنة والنار رموز، قال: ذلك يعني أننا بعد الموت ننتهي وهذا كل شيء؟ قلت: هذا كل شيء".
وقد حكَى "هيكل" مثل ذلك، وكرَّره في كتابه "عبدالناصر والعالَم" في طبعته الانجليزية لا العربية، وأضاف هناك أن "الجزاء –الجنة والنار- ليس النعيم أو العقاب الحسّي الذي يتصوّره البعض".
بل وورد في كتاب "هؤلاء المرضى الذين يحكموننا" لمؤلِّفَين فرنسيين، وهو كتاب يحوي شهادة الأطباء الأوروبيين، الذين حضروا اللحظات الأخيرة في حياة الطاغوت عبد الناصر، أنه عندما "قام الطاقم الطبي الأجنبي بمحاولاته لإنقاذ –عبدالناصر- من النوبة القلبية التي أصابته بُعيد مؤتمر القمة العربي في القاهرة ... أمر –عبدالناصر- باستدعاء الكاتب و الصحفي المصري "هيكل" على وجه السرعة، وجيء بالسيد " هيكل " حيث جرى بينهما الحوار التالي:
هيكل: سلمتك يا سيادة الرئيس
عبد الناصر: محمد .. أنا خائف من بعد الموت ...!
هيكل: - يمسك بيد الرئيس و يمسح عليها -: لا .. لا يا ريس .. ما تخاف أبدًا .. لا يوجد شيء بعد الموت .. هذه كلها أمور رمزية .. إنه الفناء و العدم .. لا تقلق إطلاقاً .. لا جنة ولا نار". انتهى
وهكذا يُسوِّي "هيكل" بين المسلمين والكافرين، إذ العذاب والنعيم في الآخرة لا شيء، وهذا يَعود على الشَّرع بالنَّقض والإبطال، ويحمل الاتهام الصريح لله تعالى وتقدَّس، أنه خلق الخلقَ عبثًا ولهوًا، وهو تكذيبٌ صريح لإخباره تعالى بقوله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ؛ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:35-36].
وقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ؛ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون:115-116].
وقد حكم الله بالكفر على من جَحد آياته، كما توعَّده بالعذاب المهين، وأخبر تعالى بأنه لا أحد أظلم ممن كذّب بآياته.
وهكذا نجد "هيكل" شِعاره كإخوانِه في الكُفر: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ} [الجاثية:24].
وذلك لاشكّ بالإجماع، خروجٌ عن عقيدة المسلمين، الذين يَعتقدون في جميع أخبار القيامة والآخرة، أنها حقٌّ على ظاهرها، لا أنها تخييلات أو رموز، كما نصّ على ذلك ابن حزم رحمه الله، فقال:
"وأن كلّ ما في القرآن من خبرٍ عن نبيٍ، أو عن المعاد ... فعَلى ظاهره، لا رمز في شيء من ذلك، ولا باطن ولا سرّ، وكذلك كلّ ما فيه من أمور الجنة من أكلٍ وشربٍ ... وعذابٍ في النار بالزقوم، والحميم، والأغلال...فكلُّه حقّ ... فمن خالف شيئاً من هذا؛ فقد خرج عن الإسلام، لخلافه القرآن والسُّنن والإجماع". الدُّرَّة فيما يجب اعتقاده
بل ونقل القاضي عياض، الإجماعَ على كفر من اعتقد مثل ذلك، فقال في كتابه الشِّفا:
"وكذلك من أنكر الجنة، أو النار، أو البعث، أو الحساب، أو القيامة؛ فهو كافرٌ بإجماع؛ للنَّص عليه، وإجماع الأمة على صحة نَقْله متواترًا. وكذلك من اعترف بذلك ولكنه قال: إن المراد بالجنة والنار، والحشر والنشر، والثواب والعقاب؛ معنى غير ظاهره، وإنها لذّات روحانية، ومعانٍ باطنة، كقول النصارى والفلاسفة ... وزَعم أن معنى القيامة: الموت أو فناء محض ... فمُضمن مقالاتهم: إبطال الشرائع، وتعطيل الأوامر والنواهي، وتكذيب الرسل، والارتياب فيما أتوا به".
**ومن أعظم مَساوئِه الدّينية كذلك، وممّا يُبين حقدَه ليس على الإسلاميين فقط، بل على الله الكبير جلّ جلاله: أنه مَن دافَع ونافَح وتبنَّى نَشر رواية "أولاد حارتنا" أو "موت الإله" للمُرتدّ الأثيم "نجيب محفوظ".
هذه الرواية التي انتهى فيها "نجيب" إلى أن:
"الشيوعي المُلحد الذي قتل الله؛ هو المصلح الأخير للبشرية، وهو الأمل الذي سيقود العالم إلى يوم الخلاص".
وأن توراة موسى، وإنجيل عيسى، وقرآن محمد – عليهم الصلاة والسلام -؛ بنَصّ كلامه: "أحلام ضائعة .. قد تصلح ألحانًا للرباب، لا للمعاملة في هذه الحياة".
ومع هذا الكفر البيِّن الصَّريح .. ما كان من رجال الأزهر وقتها، إلا أن ثارَت ثَورتهم، وقاموا بانتفاضة عارِمة، مُنكرِين لمَا كتبَه "نجيب"، وأظهروا حربًا شعواء على الرواية وكاتبها.
فما كان من رئيس تحرير الأهرام وقتئذٍ "هيكل"، إلا أن انبرى لثورة علماء الأزهر على هذا الرواية، وأبدى احتجاجه الشديد اللهجة على ردود فعل العلماء، وشجّع "نجيب" على مواصلة نَشر روايته في الأهرام، ولم يعبأ بما أبداه علماء الأزهر، من غَضبةٍ لله تعالى ودفاع عن شرع رسوله الكريم، بل لَم يَعبأ حتى بما حملَته تلك الرواية الملعونة، من الكُفر الصريح، والسَّب الفصيح، والانتقاص القبيح، في حقّ الله جلّ جلاله، سبحانه وتعالَى عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.
وكما انتصرَ هيكل "لنجيب"، كذلك انتصر لكثير من الخَونة والعُملاء وجواسيس الغزو الفكري، المُحاربين للإسلام وأهله، كأمثال "سلامة موسى" أحقر مَن كتب في مصر في القرن العشرين، وأكثر من اجترأ على الإسلام والعُروبة.
في الوقت الذي راح يُحاربُ فيه شيخَ العربية "محمود شاكر" رحمه الله، حينما انبرى "شاكر" لصدّ هجوم "الصليبيّ الجاسوس لويس عوض" على الفُصحى، وحَملته الشَّعواء على العربيّة، يَدعمه "هيكل" بما أُوتي من قوّة، في مَكرٍ جديد بالإسلام وأهله، وتضييع لهُويّته، وتمزيق لثقافته، فاسْستأسد "شاكر" رحمه الله، لصدّ عدوانهم اللَّعين، والذي كلَّفه السّجن والتعذيب والتنكيل.
وهكذا جعل "هيكل" من الأهرام؛ وكرًا للمُلحدين، وسيفًا غاشمًا على المسلمين، وحربًا شاملةً على المِلَّة والدّين، مُحاربًا الأمة وعلماءها، في دينها وعقيدتها ووحدتها، وهُويّتها وعربيَّتها .. مواليًا لليهود والصّليبيّن والطواغيت الخائنين، على الإسلام والمسلمين.
فأيُّ كفرٍ إن لم يكن هذا هو الكفر ؟! وأيّ ردَّة إن كان ثَمّ إسلام؛ إن لم تكن هذه هي الردَّة ؟! وأيّ مَكرٍ بالدّين وأهله؛ إن لم يكن هذا هو المَكر ؟!
** وختامًا .. !
فبمَهلِك الطُّغاة ومَصرعِهم؛ فليَفرح المؤمنون:
أخرج ابنُ سعد رحمه الله، في كتابه الطبقات: "عن حمَّاد، قال: بَشَّرتُ إبراهيمَ النَّخَعي بموتِ الحجَّاج؛ فسَجد، ورأيتُ إبراهيمَ يَبكي مِن الفَرح".
فكيف بمَصرع هذا الطاغوت، المُحارِب للهِ ورسولِه والمؤمنين.. ؟! وما هو في الحجّاج إلا كتُرابٍ يَعلق بنِعاله.!
فَرِحَتْ بمَصْرَعِكَ البَرِيَّةُ كُلُّها *** مَن كَان منها مُوقنًا بمعَادِ
لم يَبْقَ منكَ سِوَى خَيَالٍ لامِعٍ *** فوق الفِرَاشِ مُمَهَّدًا بوِسادِ