لماذا تقتل يا زيد؟!

نبيل بن علي العوضي

.. أمثال هذا (النصراني) المنصف كثيرون ولكن المشكلة أن قادة الغرب
اليوم بدؤوا يستبعدونهم ويقربون المتطرفين اليمينيين ويتأثرون
بأفكارهم ولهذا دارت رحى الحملة الصليبية الجديدة ضد الإسلام
والمسلمين.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

عندما تحدثت في برنامج (بكل صراحة) عن الحملات الصليبية الجديدة وذكرت أمثلة فقط لما يفعله الغرب اليوم من اضطهاد ومحاولات تهجير للمسلمين من أراضيهم، لم أرد بكلامي أن الغرب كله هكذا بل هم كما وصفهم الله في القرآن {لَيْسُوا سَوَاءً} [سورة آل عمران: 113]، فمنهم أئمة الكفر الذين لا يقبلون إلا بقتل جميع المسلمين أو تحويلهم إلى دينهم {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [سورة البقرة: 217]، ومنهم الذين يخفي بغضه وكرهه للمسلمين في قلبه، ومن شدة بغضه للمسلمين فإن هذا البغض يظهر على لسانه أحيانا بغير إرادته {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [سورة آل عمران: 118]، ومنهم المنصف العاقل الذي لا يكره المسلمين ولا يحبهم ولكنه مع هذا لا يرضى بظلمهم، وربما دفع الظلم عنهم.


(توني بلير) رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ادلى بتصريحات خطيرة قبل أيام مع القناة الأولى في التلفزيون البريطاني ذكر فيها أنه لا علاقة لأسلحة الدمار الشامل في حرب بريطانيا للعراق، إنما كان الدافع في التوجه للحرب مع العراق هو "في إطار المعركة الأوسع دائرة حول الإسلام"!!، وأضاف أن: "إيمانه الكاثوليكي أعطاه القوة للتمسك بذلك القرار وشد أزره"!!، فهو - أي (بلير) - يصرح بأن القضية هي معركة كبيرة حول الإسلام ولا علاقة للأمر بقوانين الأمم المتحدة أو أسلحة دمار شامل أو غيرها من المبررات التي كانوا يخدعون بها الشعوب عبر وسائل إعلامهم!!


وعلى النقيض من تصريح (بلير) هناك مقابلة جميلة موجودة على موقع (You Tube) باللغة الألمانية ومترجمة بالعربية بعنوان (لماذا تقتل يا زيد؟) وهذه المقابلة لأحد أهم مديري الإعلام الألماني واسمه (تود نهوفر) الذي مكث فترة طويلة في العراق ينقل أحداثه ويعيش مع أهله وأَلَف على إثره كتابا سماه (لماذا تقتل يا زيد؟) ، المقطع الموجود على الإنترنت أنصح بمشاهدته لأن هذه الشخصية الألمانية الشهيرة تتكلم بما في قلوبنا بل ربما كان أفصح منا، ولا أظن أكثر مفكرينا وعلمائنا يستطيعون أن يكونوا مثله في الجرأة والصراحة، يبدأ المقطع بقصة حقيقية شهدها (تود نهوفر) للشاب العراقي (زيد) وأخيه (كريم) ويصور الوحشية الأمريكية في التعامل مع المدنيين وكيف يتحولون إلى مقاومين للاحتلال رغما عنهم.


ويحاول هذا (النصراني) المنصف أن يوضح للعالم الفرق بين ما فعله المسلمون خلال العقود الماضية باسم القاعدة وما فعله الغرب، ويقول بأن القاعدة قتلت خمسة آلاف من المدنيين الغربيين خلال عشرين عاما، وهؤلاء ليسوا مجاهدين بل لا يحسبون عليهم، أما الأمريكان فقد قتلوا في العراق وحدها مليوناً ومئتي ألف مدني بريء، ويصف الأمريكان بـ (الغطرسة التي لا يمكن تصورها) ويؤكد هذا الإعلامي الألماني الشهير بوجود العنصرية ضد الإسلام والمسلمين من السياسيين الغربيين، ويقول بأننا صنعنا كذبة الحياة بأننا الصالحون ونحن نمد يد المساعدة للغير والعكس هو الصحيح!!؛ فالغرب كما يصفه سيطر على العالم ليس من أجل قيمه النبيلة فهذا كله كذب، فالمسلمون لم يذبحوا أربعة ملايين من البشر في الحملات الصليبية، وليسوا هم الذين قتلوا (50) مليون إنسان أثناء الاستعمار، والمسلمون لم يقتلوا (70) مليونا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولم يقتل المسلمون ستة ملايين يهودي.. كل هذا كان حصيلة (عدوان العالم الغربي)!!.


ويكشف الإعلامي (المنصف) اللعبة السياسية والإعلامية التي يلعبها الغرب في حربهم في أفغانستان والعراق ويذكر بعض الحوادث (المخزية) وكيف تتعاون أجهزة الإعلام العالمية مع ما يحدث في العراق وأفغانستان بما يخدم سياسة الغرب فقط وهو لا يظهر الحقيقة أبدا، بل يوضح كيف يتلاعب الأمريكان بأجهزة الإعلام لنشر أكاذيبهم في العراق وبأمثلة وأرقام وحقائق.


أمثال هذا (النصراني) المنصف كثيرون ولكن المشكلة أن قادة الغرب اليوم بدؤوا يستبعدونهم ويقربون المتطرفين اليمينيين ويتأثرون بأفكارهم ولهذا دارت رحى الحملة الصليبية الجديدة ضد الإسلام والمسلمين، ولكن مهما فعلوا وصنعوا فإن في المسلمين أبطالا ورجالا سيذودون عن حماه، وجند الله لابد إنهم هم الغالبون ولو بعد حين، {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران: 140].