القنوات الفضائية الإسلامية ودورها في مقاومة العدوان على ثوابت الأمة
ملفات متنوعة
.. والتلفاز في عالمنا الإسلامي لم يقم بما يجب أن يقوم به من
التثقيف، والتوعية، والدفاع عن المسلمين، ودينهم، وأرضهم، وعرضهم بل
على العكس كان له أثر سلبي في حياة المسلم ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله رسول الرحمة والملحمة، وبعد:
يعتبر جهاز التلفاز من أقدر الوسائل المؤثرة على المتلقي المشاهد حين جمع ما بين الصورة الصوت مما جعله يؤثر على حاستي السمع و البصر، حيث ينقل للمشاهد الحدث، وما به من مشاعر وانفعالات، كما قد يعرض التلفاز مشاكل المجتمع، وأفراده مما يجعل الفرد يتفاعل مع المشكلة، وكأنه معها بشكل مباشر مما يساهم في تحقيق الترابط بين أجزاء الأمة مهما كانت كبيرة، ومترامية الأطراف.
والتلفاز في عالمنا الإسلامي لم يقم بما يجب أن يقوم به من التثقيف، والتوعية، والدفاع عن المسلمين، ودينهم، وأرضهم، وعرضهم بل على العكس كان له أثر سلبي في حياة المسلم إذ عرض فيه كل ما هو معارض للقيم الإسلامية، فكان معولًا بجانب المعاول التي تهدم الأخلاق، والقيم الإسلامية.
فقد عرضت تلك القنوات برامج مستوردة بكل ما فيها من قيم، وأفكار مخالفة لديننا وثقافتنا وآمالنا وآلامنا عن جهل حينًا، وتجهيل أغلب الأحيان.
فقد استطاعت القوى الصليبية ومن يدور بفلكهم، غزونا والسيطرة على معظمنا عن طريق عدو جديد قوامه تكنولوجيا المعلومات، والاتصال يلونها، ويشكلها كيفما شاؤوا بألوان زاهية جذابة في إطار من المعلومات الزائفة والأخبار الملتوية، والثقافات المسطحة، بل لم يعد يكتفون بحرب الأفكار، بل سعوا إلى تشكيك الشباب بكل ما هو موروث، وثابت عند أمتنا المسلمة ليسهل استغلالنا، واستعبادنا لنخرج من عبادة الواحد الأحد إلى عبادة القيم الإستهلاكية وطرقها وأساليبها وذاكروها ومن يدور بفلكهم، ويلبس عباءتهم.
بيد أن الأمر قد تغير في هذا العصر بفضل الله تعالى ثم بهمة و عزيمة عدد من رجالات الله إذ تمكن عدد من الغيورين على الدين، و أهله من إنشاء قنوات إسلامية يوصف بعضها بالحسن وبعضها الآخر بالأحسن، بيد أنها على العموم بحاجة إلى الدعم المادي، والمعنوي من أهل العزيمة، والسلطان لتطوير عملها وفقًا لاحتياجات الشعوب الإسلامية، ومنافسة غيرها من القنوات من الفرق الأخرى التي تحاول هدم ما بنى منذ مئات السنين.
فعلى علماء الدين، ورجال الإعلام، والكتاب وغيرهم أن يلعبوا دورًا كبيرًا تعاونيًا فيما بينهم لإنشاء إعلام إسلامي ملتزم بالكتاب والسنة، ووضعهما في مكانهما الصحيح لنصرة هذا الدين و أهله، وإعلاء كلمة الله تعالى، وتربية المسلمين، ومجتمعهم تربية صافية على النهج القويم، وأقدم لهؤلاء الرجال بارك الله فيهم وفي عملهم مقترحات بسيطة لعلها تقوي هذا البناء، و تزيده شأنًا، ومن هذه المقترحات، والأفكار:
1- وضع خطة مستقبلية واضحة المعالم والوسائل رغبة في الوصول إلى نتائج تخدم قضايا الأمة الإسلامية المصيرية (قضية فلسطين، العراق، أفغانستان، الشيشان، عربستان، الفيليبين... إلخ )- كما يجب أن لا ننسى هموم المسلم اليومية بما يتناسب مع مراحل العمر المختلفة، وتحديد ما يقدم لهم من برامج مناسبة، ومنافسة لباقي القنوات.
2- إعادة البناء الإعلامي بناءاً صحيحاً وفق معايير إسلامية، ليكون قادرًا على توجيه الأمة، وتوحيدها، وتذكرها بخاصيتها في هذه الدنيا، والمنهج الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لهم.
3- أن يكون كل ما يقدم، وما يعرض على الشاشات ملتزمة بقضايا الأمة الإسلامية وفق منهج أهل السنة والجماعة، و عقيدتها الصافية، وتاريخها المجيد المليء بالبطولة و الجهاد، وشخصياتها الخالدة التي تركت بصماتها في التاريخ بقلم لا يمكن أن ينحى من كتاب تاريخ الأمم عمومًا و الأمة الإسلامية على وجه الخصوص. كل هذا يدفعنا إلى أن نطالب المهتمين بوضع تصور لطفل مسلم محب لدينه، ومهتم بقضايا أمته، ومستقبلها بصور جذابة الألوان والنصوص ومعبرة، وخيالية ومشوقة فيها البطولة والمغامرة المضبوطة ضمن إطار عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
4- إقامة جهاز تنسيق، وتعاون بين القنوات الإسلامية لصياغة خطط بناء الأمة ومواجهة الأخطار، والعدوان على الدين، والأمة ودولها، وشعوبها.
5- إحداث إدارات خاصة بثقافة الأطفال، والشباب، والمرأة، بحيث تتولى هذه الإدارة التخطيط والتنفيذ والمتابعة.
6- تفريغ عدد مناسب من الكتاب، والمؤلفين، والبحاثة لكتابة ما يجب أن يظهر على الفضائيات من برامج ودروس.
7- دعم القنوات الفضائية الإسلامية بالمال اللازم على شكل أوقاف لديمومة الدعم واستقلاله عن أهل الأهواء والسلطة المنحرفة عن منهج الله تعالى.
8- دعم القنوات الإسلامية بالخبراء الأكفاء والبرامج الهادفة، فالعاملون في الإعلام يجب أن يكونوا من أصحاب العقيدة الإسلامية الصحيحة، والهمم القوية والنفوس الزكية، وهم كثر بفضل الله تعالى.
9- إقامة دورات تدريبية، ودراسية معمقة للمنتجين، والمخرجين، والإعلاميين لمعرفة علوم الشرع، والتاريخ، وتوظيف جميع وسائل الإعلام لخدمة هذا الدين، والدفاع عن أهله ومناصريه.
10- تكوين تخصصات إعلامية إسلامية متكاملة في التحرير، والإخراج، والتمثيل والتصوير، وفنون كتابة النص، والخبر، والإدارة الإعلامية بأقسامها المختلفة، والعمل المكتبي، والعلاقات العامة والتوزيع.
وأخيرًا أناشد أصحاب العلم، والأموال، والنفوذ والسلطان أن يهتموا بالإعلام الإسلامي عمومًا والقنوات الفضائية الإسلامية على الوجه الخصوص لنشر هذا الدين القويم والدفاع عنه و عن معتنقي عقائده الصحيحة في عصر خطير على كل ما هو صحيح ونقي ورباني.
والله المستعان.
المصدر: الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف