[6] المطلب الرابع: مدة مكثه في الأرض، وأتباعه، ونهايته
يمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً - كما جاء في الحديث اليوم الأول يطول، ويكون طوله طول سنة، والثاني كالشهر، والثالث كالجمعة في طوله، وبقية أيامه كأيامنا المعتادة.
- التصنيفات: أشراط الساعة -
مكثه في الأرض:
يمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً - كما جاء في الحديث اليوم الأول يطول، ويكون طوله طول سنة، والثاني كالشهر، والثالث كالجمعة في طوله، وبقية أيامه كأيامنا المعتادة.
روى مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه سؤال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن مدة مكث الدجال في الأرض فقالوا: "وما لبثه في الأرض؟"، قال: « »، قلنا: "يا رسول الله: فذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟"، قال: « »، قال النووي معلقاً على هذا الحديث: "قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: « »".
وقد يخالف حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه حديث أبي أمامة رضي الله عنه عند ابن ماجه، وابن خزيمة، والحاكم: « ».
وقد اختلف العلماء في تأويل حديث أبي أمامة هذا، فمنهم من قال: هو كناية عن اشتغال الناس بأنفسهم من الفتن، حتى لا يدروا كيف يمضي النهار، فيكون مضي النهار عندهم كمضي الساعة، والشهر كاليوم، والسنة كالشهر، ومنهم من قال: بل هو على ظاهره.
أما عن المخالفة بين حديث النواس بن سمعان الذي ذكر أن مدة مكث الدجال أربعون يوماً، وحديث أبي أمامة الذي قال أربعين سنة، فاختلف الجواب عن اختلاف الحديثين، فمنهم من مال إلى الترجيح، فعلى هذا حديث النواس بن سمعان رواه الإمام أحمد في المسند، ومسلم في صحيحه، والترمذي في سننه، فهو أقوى؛ لأنه أصح فيقدم عليه.
ومنهم من مال إلى الجمع، وطريقه أن أيامه أربعون سنة، وتسمى السنون أياماً مجازاً، كما يقال: أيام بني أمية، ثم إن أول أيام السنة الأولى كسنة، وثانيها كشهر، وثالثها كجمعة، وباقي أيامه كأيامنا. ثم تنتقص أيام السنة الثانية حتى تكون السنة كنصف سنة، وهكذا إلى أن تكون السنة كشهر، والشهر كجمعة، والجمعة كيوم حتى يكون آخر أيامه بحيث يصبح أحدهم على باب المدينة، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي، فتكون السنة الأولى مشتملة على مقدار سنين من سنينا، وسنوه الأخيرة مقدار سنة من سنينا.
ولكن يلاحظ ما في هذا الجمع من التكلف، ولقد جزم ابن حجر في الفتح أنها أربعون يوماً؛ إذ حديث أبي أمامة ضعيف، كما تقدم، أما عن مقدار الصلاة في ذلك اليوم، والذي سأل عنه الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يفهم من سؤالهم أنهم فهموا أن الأمر على ظاهره، وحقيقته، وأن الأيام تطول حقيقة لا مجازاً ولا كناية، فسألوه وقالوا: "يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟"، قال: « »[1].
قال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم، شرعه لنا صاحب الشرع، وقالوا: ولولا هذا الحديث، ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام، ومعنى اقدورا له قدره أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم، فصلوا الظهر، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر، وكذا المغرب والعشاء والصبح، ثم الظهر، وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة فرائض كلها مؤداه في وقتها، وأما الثاني الذي كشهر، والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه، والله أعلم (شرح مسلم للنووي بتصرف يسير).
من هم أتباع الدجال:
1. اليهود: في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »".
2. الكفار والمنافقون: في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »".
3. جهلة الأعراب، وضعاف الإيمان عموماً: ففي الحديث: « ».
4. من وجوههم كالمجان المطرقة: ففي حديث أبي بكر رضي الله عنه: « »[2].
5. النساء: ففي حديث ابن عمر قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم « »[3].
6. الخوارج :عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "« »، قال ابن عمر: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « »"[4].
7. القدرية المكذبون بالقدر: قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن المكذبين بالقدر: "هم أسباب الدجال، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال"[5]، وروي مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عن الذين يقولون لا قدر: « »[6]، فأتباعه هم أكثر الناس ضعفاً في الإيمان، وضعفاً في العلم، وأكثرهم حباً في الدنيا، وزينتها من مال وطعام، وقلة صبر على فقده.
نهاية المسيح الغواية على يد مسيح الهداية:
بعد أن يمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وبقية أيامه كأيامنا، تكون نهايته حينما ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، والمسلمون حينذاك معتصمون في المسجد الأقصى يعدون العدة، والعتاد لمقاتلة الدجال، فحينها يأتي عيسى عليه السلام، ويصلي معهم صلاة الفجر، ثم يأمر بأن تفتح أبواب المسجد ليلاقي الدجال وأتباعه، وحينما يراه الدجال يفر منه، ثم يدركه عيسى عليه السلام بباب (لد) في شرقي فلسطين فيذوب الدجال كما يذوب الملح عند رؤيته لعيسى عليه السلام إلا أن عيسى عليه السلام يمسكه ويقتله بيده، ولا يتركه ينذاب حتى لا تكون فتنة أخرى للناس، ويعتقدون اختفاءه، بل يقتله ويريهم دمه، وبهذا تنتهي هذه الفتنة العظيمة.
ففي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: « ».
-------------------------------------
[1] (صحيح مسلم الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ [2937]، سنن الترمذي الْفِتَنِ [2240]، سنن أبي داود الْمَلاَحِمِ [4321]، سنن ابن ماجه الْفِتَنِ [4075]، مسند أحمد [4/182]).
[2] (رواه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء من أين يخرج الدجال [9/90] عارضة الأحوذي).
[3] (م: مسند أحمد [7/1902]، [برقم 5353]، تحقيق أحمد شاكر، وقال: "إسناده صحيح").
[4] (سنن ابن ماجه، المقدمة، باب في ذكر الخوارج [1/61]، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه [1/34]).
[5] (كتاب الشريعة للآجري [1/322]، والأسباب: جمع سبب، وهو ما يتوصل به إلى غيره، انظر القاموس المحيط [123]، النهاية في غريب الحديث [2/297]).
[6] (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لعبيد الله بن بطة العكبري [2/98]، وقال محقق الكتاب: "إن إسناد الحديث ضعيف، إلا أنه حسن لغيره").