اللهــم انصــر طـالبــان

أحمد بن يوسف الدعيج

كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر مأساوية بكل ما في هذه الكلمة من
معنى، ولكن رد فعل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأهوج واعتبار
الحرب على ما يسمى بالإرهاب حربا صليبية هو الذي تسبب في هزيمتهم
لحربهم هذه.

  • التصنيفات: فقه الجهاد -

باختصار شديد أقول أن حرب فيتنام بدأت في عام 1956 بنزاع في فيتنام الجنوبية بين ثوار فيت كونغ والحكومة في تلك الدولة، وتدخلت حكومة فيتنام الشمالية إلى جانب ثوار فيت كونغ واستمرت الحرب إلى عام 1975، وتطورت الأمور وفي عام 1965 تدخلت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مباشرة إلى جانب حكومة فيتنام الجنوبية ضد الشماليين والفيت كونغ، وقصفت وخربت ودمرت وقتلت وشردت واستمر التدخل العسكري الأمريكي إلى عام 1973 أي قبل نهاية الحرب بصورة رسمية بعامين، وتمثلت حصيلة التدخل الأمريكي المروعة بمقتل مليونين من الفيتناميين الشماليين وحلفائهم وثلاثة ملايين جريح واثني عشر مليون لاجئ، وفقد الجانب الأمريكي سبعة وخمسين ألف قتيل وأكثر من مائة وسبعة وخمسين ألف جريح وخمسمائة وسبعة وثمانين أسيراً، ولم تكن النتيجة في صالح الأمريكان الأقوياء على الإطلاق فمن الناحية العسكرية اعتبروا مهزومين شر هزيمة من الفلاحين الفيتناميين الشماليين البسطاء وثوار الفيت كونغ البدائيين، ومن الناحية السياسية تسبب الأمريكان بنكبة سياسية كبيرة لحلفائهم الجنوبيين إذ تمكن الشماليون من ضم دولة فيتنام الجنوبية إلى دولتهم وتشكلت بذلك جمهورية فيتنام الاشتراكية.


يوم الجمعة الماضي أدلى روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي بتصريح ينم عن غباء شديد قال فيه إن حركة طالبان تشكل جزءا من النسيج السياسي في أفغانستان في هذه المرحلة -وكأن سعادته لا يعرف أن حركة طالبان كانت تحكم أفغانستان قبل التدخل العسكري الأمريكي-، وطالبهم إذا أرادوا أن يضطلعوا بدور في أفغانستان أن يلقوا أسلحتهم طبقا لخطة سوف يعرضها الرئيس الأفغاني حميد كارازاي في مؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في لندن الخميس القادم، وبموجب خطة كارازاي فإن مقاتلي طالبان الذين سيقبلون بهذا العرض ويتخلون عن المقاومة سوف يحصلون على أموال ووظائف وضمانات لعائلاتهم.


خطة كارازاي التي أملاها كما هو واضح الأمريكان خطة غبية جدا ستمنى بفشل ذريع ذلك لأنها موجهة إلى مقاتلي طالبان الأشاوس وليست إلى القيادات العليا في الحركة، ومن المؤكد أن الأمريكان المغرورين بقواتهم الكبيرة ما كانوا ليقبلوا بالواقع الذي فرضه جبابرة طالبان الذين يدافعون عن بلدهم لولا الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها بمن في ذلك قوات المارينز أو قوات النخبة كما يصفونهم ونتج عنها مئات التوابيت القادمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان حاملة جثث الجنود الأمريكان الذين يقاتلون في قضية لا يحسن سياسيو بلادهم البلهاء إدارتها.


لقد كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 مأساوية بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ولكن رد فعل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأهوج واعتبار الحرب على ما يسمى بالإرهاب حربا صليبية هو الذي تسبب في هزيمتهم لحربهم هذه، وبدلا من أن يعزلوا القاعدة عن مؤيديها استهدفوا أسود طالبان الذين دحروا أسلافهم وقهروا كل من وطأت قدماه أرض أفغانستان بداية من الأسكندر الأكبر ومرورا بجيوش بريطانيا العظمى التي لا تغرب عنها الشمس ثم قوات الاتحاد السوفييتي السابق وان شاء الله قوات حلف شمال الأطلسي، سوف يخرج الأمريكان وحلفاؤهم قريبا من أفغانستان مدحورين غير منصورين ويتركوا أفغانستان لأبنائها الأفغان يديرون شؤونها مثلما كانوا يديرونها منذ قبل غزو الإسكندر الأكبر.

المصدر: جريدة الوطن الكويتية