هل نسينا؟ للكون رب

ملفات متنوعة

لعل الخلق ضِعافهم وأقويائهم، وصالحهم وطالحهم، وبرهم وفاجرهم، لعل
الجبابرة والأكاسرة والطغاة، أن لهذا الكون رب يدبره !

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -


في خضم الأحداث الجسام التي يصلح اليومي منها ليكون أحداث قرن كامل من القرون الماضية، وأمام استعلاء الغرب الذي يكره ويعادى ويحارب كل ما هو مسلم حتى لو كان قطعة قماش على وجه امرأة أو شكل هندسي اسمه مئذنة، وأمام فجاجة ووقاحة الطابور الخامس الذي فاق سيده الغربي في كراهية تباشير الصحوة حتى أرغم الطالبات على خلع النقاب فلما ارتدين الكمامات التي جعلتها وزارة الصحة ملزمة أمرهن الطابور الخامس بخلع هذه الكمامات، وأمام الشعور بالهزيمة والقهر الذي يغمر جماهير هذه الأمة، أمام طغيان الطواغيت واستكبار الجبابرة وفرعنة الفراعين الذين ظنوا أن هذا الكون بلا رب يحاسب ويعاقب ويجازى، أخذه شديد، وعقابه أليم، يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، بلغ من عزته وقوته وقهره أنه يهلك أعدائه الأشد استكبارا بالهواء والماء والقمل والضفادع فيا لقوته ويا لحقارتهم وهوانهم عليه.


لعل الخلق ضِعافهم وأقويائهم، وصالحهم وطالحهم، وبرهم وفاجرهم، لعل الجبابرة والأكاسرة والطغاة، لعل المقهورين المحرومين اليائسين نسوا في خضم الحياة المادية القاتلة والأسباب التي صارت أوثاناً تعبد من دون الله أن لهذا الكون رب يدبره، يحكم فلا معقب لحكمه، ويقضى فلا راد لقضائه يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، له في هذا الكون سنن كونية، وفى النهاية يطوي الله -عز وجل- السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار.


ستموت الفتاة التي أجبرت على خلع نقابها وتجتمع مع من أجبرها على خلعه عند ربه وربها، وسيموت الذين يسلمون المسلمون للحصار، وسيموت المحاصرون وستنهار الجدران سيموت السجين والسجان والظالم والمظلوم والقاتل والمقتول وسيجتمع الجميع عند ربهم ليحكم بينهم، هذه هي القصة وتلكم هي الحكاية بعيداً عن التفاصيل والخطط والمعارك والانتخابات والمناصب والدماء والقوانين والكراسي.


فإلى الظالمين أقول اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير يوم يجمعكم ليوم الجمع لا ريب فيه اعملوا ما شئتم فيوماً ما سيذهب كل شيء وستعودون إلى رب هذا الكون فيالها من عودة وياله من مصير.


وإلى المقهورين أقول: والله ليتمن الله هذا الأمر فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون، معكم سلاح لا يهزم، وتئوون إلى ركن شديد، فاخلصوا لله في الدعاء، وإياكم والمخالفات فمنها نؤتى وهى أس الهلاك، يا أهل غزة عليكم بالدعاء فلن ينجيكم سواه ولو توكلتم عليه لرزقكم كما يرزق الطير، لا تهتموا بالأنفاق ولا بالجدار ولا بشيء إلا استرضاء مولاكم، والله ثم والله ثم والله لن يساعدكم إلا الله ولن ينجيكم أحد سواه قوموا له ضارعين أذلاء منكسرين، أطلقوا حملة للعودة إليه، وارفعوا شعار: الذنوب هي الجدار الذي حال بيننا وبين نصر الله لنا، إياكم أن يتعلق قلبكم إلا به، إياكم أن تسألوا غيره أو تثقوا إلا به أو تسلموا أمركم لأحد سواه، إن الأنفاق لا ترزق، وقوافل المساعدات لا تهب الحياة.


إلى كل هؤلاء أقدم هذا الأثر العجيب العظيم الفريد الغريب الرهيب المزلزل التاريخي غاية السلوى وتمام البشرى وبالغ الوعيد، أيها المستضعفون أيها المقهورون هذا ربكم يتكلم عنكم، أيها الجبابرة والفراعنة هل سمعتم الجبار غاضباً؟

فاسمعوا إذاً :
عن وهب بن منبه: «قال الله لموسى: انطلق برسالتي، فإنك بسمعي وعيني، إن معك يدي وبصري، وإني قد ألبستك جنة من سلطاني لتستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جندي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري، وعثَّرته الدنيا عني حتى جحد حقي، وأنكر ربوبيتي، وزعم أنه لا يعرفني، فإني أقسم بعزتي لولا القدر الذي وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار، فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دمرته، وإن أمرت البحار غرَّقَته، ولكنه هان علي وسقط من عيني، ووسعه حلمي واستغنيت بما عندي، فبلِّغْه رسالتي، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي، وذَكّْره أيامي، وحذره نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقل له فيما بين ذلك قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يرد عنك ما ألبسته من لباس الدنيا، فإن ناصيته بيدي ليس ينطق ولا يطرف ولا يتنفس إلا بإذني، وقل له أجب ربك فإنه واسع المغفرة، وقد أمهلك أربعمائة سنة في كلها أنت مبارزه بالمحاربة تسبه، وتتمثل به، وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء، وينبت لك الأرض، لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب، ولو شاء الله أن يعجل لك العقوبة لفعل، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم. وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما تحتسبان بجهاده فإني لو شئت أن آيته بجنود لا قبل له بها لفعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة -ولا قليل مني- تغلب من الفئة الكثيرة بإذني. ولا تعجبنكما زينته، ولا ما مُتع به، ولا تمدا إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا، وزينة المترفين، ولو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة ليعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكني أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما، وكذلك أفعل بأوليائي، وقديماً ما جرت عادتي في ذلك، فإني لأذودهم عن نعيمها وزخارفها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة، وما ذاك لهوانهم عليّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم في دار كرامتي سالماً موفوراً لم تَكْلُمْه (لم تجرحه) الدنيا، وأعلم أنه لا يتزين لي العباد بزينة هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا، فإنها زينة المتقين عليهم منها لباس يعرفون به من السكينة والخشوع، وسيماهم في وجوههم من أثر السجود، أولئك أوليائي حقاً حقاً، فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلل لهم قلبك ولسانك، واعلم أنه من أهان لي ولياً أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة، وبادأني وعرَّض لي نفسه، ودعاني إليها، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أفيظن الذي يحاربني أن يقوم لي؟ أم يظن الذي يعاديني أن يعجزني؟ أم يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني؟ وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أَكِلُ (لا أترك) نصرتهم لغيري». (رواه ابن أبي حاتم)

وختاما لا تنسوا، للكون رب.

[email protected]

المصدر: خالد الشافعي