وقفة على أعتاب الفلوجة
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
لا تيأسي، فلرُبَّ يومٍ قادمٍ *** بالنَّصر، تبصر فجرَه عيناكِ
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية - الشعر والأدب -
فلُّوجة العَزَمات هَشَّ ثراكِ *** طَرَبًا إلى ما أنشدتْه خُطاكِ
أشعلْتِ قافيةَ الإباءِ فلم يَعُدْ *** للشعر فينا موقعٌ لولاكِ
وفتحت نافذةَ الجهاد فأشرقتْ *** منها على أرض العراقِ رُؤاكِ
فلُّوجةَ الهِمم الكبيرةِ، هكذا *** رسمتْ لنا طُرُقَ العُلا قَدَماكِ
لمَّا سرى المحتلُّ في جنح الدُّجى *** ما كان يعلم أنَّه سيراكِ
هو لا يرى في البحر إلا وجهَه *** متناسيًا ما فيه من أسماكِ
أعماه سِرْبُ الطائراتِ فما رأى *** ما في الفضاءِ الرَّحْب من أفلاكِ
وَهِمَ العدوُّ، فسار في طرق الرَّدى ***وغزاه جيشُ الذُّلِّ حين غَزَاكِ
لم يدرك المحتلُّ أنَّ رياحَه *** ساقت سفائنَه بكفِّ هَلاكِ
لكأنني بالرِّيح تحمله إلى *** وادٍ سحيقٍ، كلَّما آذاك
فلُّوجةَ العَزَماتِ، تكفي وقفةٌ *** كشفتْ قناعَ الظالمِ الأفَّاكِ
إنا لَتُؤْلمنا دماؤكِ حينما *** تجري بلا حقٍّ، ونارُ أساكِ
ويكاد يحرقنا لهيبُ جراحنا *** ولظى المدامع حينما نلقاكِ
ونرى من الغاراتِ صورةَ ما نرى *** في غزَّةٍ من قصفها الفتَّاكِ
سهمٌ من الإرهاب أسودُ قاتمٌ *** في ظُلْمةِ الليلِ البهيمِ رماكِ
صنفانِ من أتباع إبليسَ الذي *** ما زال يعصي مالكَ الأملاكِ
لا يرحمون نداءَ شيخٍ واهنٍ *** وصُراخَ أرملةٍ، وطفلٍ باكي
واللهِ، لو وجدوا تآلُفَ أمتي *** سَدًّا، لما سلبوكِ قَطْرَ نَداكِ
وجدوا الطريقَ ممهَّدًا فتقدَّموا *** حتى أشارت بالوقوفِ يَداكِ
حّدَّثْتِهم بحديثِ مَنْ لا يبتغي *** حربًا، فما فهموا حديثَ حِجاكِ
فوقَفْتِ وقفةَ مَنْ يصُدُّ عدوَّه *** عن داره، وحميتِ منه سناكِ
أوَّاه يا فلُّوجةَ العَزَماتِ من *** قومٍ يرونَ البُؤْسَ حين طواكِ
وَهَنَتْ عزائمهم فأشجع فارسٍ *** فيهم، نهاه المعتدي فنهاكِ
ما زال يشرب كأسَ ذُلٍّ، لو رأى *** منكِ القبولَ بشُرْبها لسقاكِ
أوَّاه منهم يشرحون صدورَهم *** فَرَحًا بلُقْيا من يَهُزُّ حِماكِ
يتغافلون، كمن يغمِّض عينه *** ويسير في الأحجار والأشواكِ
فكأنهم لم يُبصروكِ جريحةً *** وكأنهم لم يسمعوا شكواكِ
ما زال فيهم من يرى في المعتدي *** أملًا، فإنكِ في الهوى وشراكِ
فلُّوجةَ العَزَماتِ لستِ رخيصةً *** فجهادُكِ الميمون قد أغلاكِ
أنا ما دعوتُكِ يا أبيَّةُ، إنما *** صدقُ المحبة في الفؤاد دعاكِ
لا تيأسي، فلرُبَّ يومٍ قادمٍ *** بالنَّصر، تبصر فجرَه عيناكِ