"الجسر البري" بين مصر والعربية السعودية
عبد المنعم منيب
"الجسر البري" بين مصر والعربية السعودية يفسر سر مساندة الملك سلمان للسيسي.
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -
كل الأموال التى اتفق الملك سلمان على إغداقها على مصر الآن يفسرها اتفاقية علنية واحدة من عشرات الاتفاقات العلنية، التى أبرمها مع مصر/ السيسي، وهى اتفاقية الجسر البرى بين مصر والسعودية.
وهذا الجسر البري بين مصر والسعودية كانت هناك مباحثات حوله بين البلدين منذ بداية عهد مبارك منذ أكثر من ٣٠ عاما، ولكن السعودية كانت تعرقل تنفيذ هذا الجسر لأن آل سعود كانت لديهم عقدة من الاحتلال المصرى للجزيرة العربية، أيام محمد على، عندما أنهى الدولة السعودية الأولى عام ١٨١٨ واحتل عاصمتها الدرعية، وظلت هذه العقدة السعودية تمنع إقامة الجسر البرى بين مصر والسعودية اتفاقية رغم فوائده الاقتصادية الضخمة خوفا من أن يسهل تدفق قوات مصرية لتحتل السعودية، إلا أن البيئة الاستراتيجية فى المنطقة تغيرت بتعاظم القوة الإيرانية ونجاحها فى التوسع بالمنطقة بعد سقوط صدام بالعراق فسيطرت إيران على حكام العراق الجدد بجانب سوريا ولبنان، وسيطر أتباعها الحوثيون على اليمن.
لقد كانت إيران ضعيفة ولم يستطع صدام الصمود ضدها عسكريا إلا بدعم خليجى أمريكى أوروبى روسي و"مصري"، وهذا الأخير هو الأهم فى الصراع العسكرى حاليا بالمنطقة، كان المستشارون العسكريون المصريون يشاركون بالتخطيط لجيش صدام فى الحرب العراقية الإيرانية فى مرحلتها الثانية وحتى نهايتها، وتكرر رفع حالة الاستعداد العسكرى المصرى وإعداد قوات للنقل الفورى جويا وبحريا كلما هددت مجريات المعارك بإيقاع هزيمة مؤثرة ما فى إحدى جبهات العراق، وكانت قطع غيار السلاح وذخائره تتدفق يوميا من المصانع المصرية إلى العراق، ومن هنا ففى ظل تصاعد التهديد العسكرى الإيرانى للسعودية علانية، وبكل سفور، فإن ما يهم العقل الاستراتيجى لآل سعود الآن هو حماية مستقبل مملكتهم ضد التهديد الإيرانى المعلن.
إن أكبر وأقوى جيوش المنطقة بالترتيب هى إسرائيل وتركيا ثم مصر ثم إيران، فاتفاقات أمنية وعسكرية سرية مع مصر وجسر برى يضمن سرعة نقل القوات البرية (المدرعات والمشاة الميكانيكى والقوات الخاصة)، التى هى عنصر الضعف السعودى فى مواجهة قدرة إيرانية فى هذا المجال.. مثل هذا الأمر يؤمن المملكة استراتيجيا ضد الخطر الإيرانى العلنى والحقيقى المتصاعد.
هكذا يفكر أى عقل استراتيجى، ولا عزاء لأحبابنا لاعبى الحوكشة الذين يظنون أن السياسة والاستراتيجية هى الكلام المعسول لهذا، وذاك مع السعى لكسب رضا أمريكا وأوروبا لعقد صفقة ما بجانب الردح على منابر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى دون امتلاك أى موارد سياسية واستراتيجية حقيقية ودون أدنى قدرة على نفع الصديق والإضرار بالعدو.