ما أنتم بالحَكَمِ التُرْضَى حكومتُهُ!

أم هانئ

- قال المصلحون للطرف المظلوم :ضاع نصف حقك لا مفر، وعليك بالمسامحة والعفو!

  • التصنيفات: تزكية النفس -

 ما أنتَم بالحَكَمِ التُرْضَى حكومتُه (1)

تخاصم طرفان حول إرث بينهم، فأعْوز أحد الطرفين أوراقاً تثبت ما لهم، ورغم أن الجميع يعلم أنه حقهم، فقد جحد الطرف الآخر ماجحدوا من إرثهم، وعلت من هذا الطرف الأصوات: "فليأت من يدعي حقًا بإثبات" فلما تعمقت الخصومة تدخل بعض الأتقياء للفصل وللحكومة، ولأنهم من المقربين كانوا بحقيقة الأمرعالمين، وعلى حق الطرف الآخر مطلعين.

فبماذا حكم القوم ليصلحوا ذات البين؟!

- قال المصلحون للطرف المظلوم: "ضاع نصف حقك لا مفر، وعليك بالمسامحة والعفو!".

- قال المظلوم: "يا قوم مالكم كيف تحكمون! إن كان ولابد من ضياع الحق: فكيف تأمرون في مثل هذا المقام بالعفو! كذا تعينون الظالم على ظلمه، وتؤكدون على العفو ليصفو أمره! هل الشأن شأن المظلوم وحده، أين حق الله على عبده؟! هبوا أن المظلوم غلب على أمره، ثم عفا بعد ذلك من قلبه، فما شأن الظالم مع ربّّه؟! ثم هل أنتم مثابون على عونه؟! يا قوم: إن لم تستطيعوا ردّ الحقّ لأربابه، فلا أقل من الجهر بأنهم تحملوا من الظلم، ووقعوا لا محالة في الإثم!".

ضنّ الحكام بمحض قول الحق الذي يعلمون؛ فخاطر القوم بزعمهم كانوا يطيّبون. قالوا: :مادام أخذ الحق دون أوراق محال، فعلام يجهرون بقول قد يسبب غضب بعضهم في المآل!".

ولا تعليق.

----------------------------------------------

(1) - وهذا العنوان مقتبس من  بيت الفرزدق الذي قاله في جلسة محاكمة شعرية :

ما أنتَ بالحَكَمِ التُرْضَى حكومتُه  *** ولا الأصيلِ ولا ذي الرأيِ والجدلِ

أي: لستَ أنت الذي تُرضى حكومتًه، أي حكمُه أو تحكيمُه.