[05] خلق الإنسان

من أوضح الأدلة على وجود الله وأقواها هو خلق الإنسان وقد قال تعالى: {وفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].

  • التصنيفات: الطريق إلى الله -

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلى الله، وأن محمدًا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين.

أما بعد: فأدلة وجود الله كثيرة جدًا وكل شيء في الكون يدل على وجود الله سبحانه وتعالى، إذ ما من شيء إلا وهو أثر من آثار قدرته سبحانه، وما ثم إلا خالق ومخلوق، والله رب كل شيء قال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164]. 

ومن أوضح الأدلة على وجود الله وأقواها هو خلق الإنسان وقد قال تعالى: {وفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، أي وفي أنفسكم أيها الناس من الدلائل والبراهين المتمثلة في خلق الإنسان وأطواره التي يمر بها من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى طفل إلى شاب فكهل وفي إدراكه وسمعه وبصره ونطقه إنها آيات أخرى دالة على وجود الله وتوحيده وقدرته على البعث والجزاء (أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 5/158) وفي الآية إنكار الله على من ترك التبصر والتفكر في خلق النفس الإنسانية.

والناس تتباهي في عصرنا بما حققوه من إنجازات في مجال أنظمة الاتصالات وأجهزة الحاسوب وشبكات المعلومات وشبكات الطاقة الكهربائية، وإن تركيب وطريقة عمل أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أولى بالتباهي والعجب ولما لا وجسم الإنسان هو من {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]، وكما أن اللوحة الفنية الجميلة تنطق أن لها فنان مبدع فجسم الإنسان ينطق بأن له خالق مبدع.

انظروا إلى الأنف كيف أحكم الله خلقها ليتناسب مع وظيفتها، فالهواء يدخل من ثقبين بين العينين لكن العليم الحكيم غطى هذين الثقبين بالأنف، وجعل النصف الأعلى من الأنف عظمًا، حتى لا تضغط الريح على هذا الغطاء، فتسد الثقبين، فيمتنع التنفس، كما يُشارك عظم جدار الأنف في حماية العينين، وفتح الأنف باستمرار لدخول الهواء، إذ لو كانت الأنف كلها من عظام لما تمكنا من إخراج المخاط، وجعـل الخالق جدار الأنف مائلاً لكي يصطدم الهواء بالجدار المائل، فيرده إلى الحواجز الداخلية، ليصطدم بها، فيلامس الهواء الداخل المخاط المُبطِّن لجـدار الأنف، فتلتصق به الجراثيم والأتربة، فيتصفى الهواء قبل دخوله، وفي الشتاء تتكاثر الدماء في الأنف، فنراها مُحمرة، وذلك لتدفئة الهواء الداخل، وفي الصيف تقوم الأنف بترطيب وتبريد الهواء الجاف أو الحار.

وتأملوا في التركيب الأساسي للعين وهو مدهش وشديد التعقيد، ولسوف تدرك أن آلة التصـوير التلفزيونية ما هي إلا مُحاكاة بدائية لعملية الإبصار التي تتم عن طريق العين! 
وتأملوا كيف حُميت العين من الخارج بسياج من عظـام الحاجب والأنف والوجنة، ثم ارجـع البصر كرتين في كيفية تهيئتها لأداء وظيفتها لتقف على العجب العجاب من صنع الله عز وجل! 
إن حدقة العين تتسع تلقائيًا في الضوء الخافت وتضيق في الضوء الساطع، لحاجتها إلى كمية كبـيرة من الضوء في عميلة الإبصار في الحالة الأولى وعدم حاجتها إلى ذلك في الحالة الثانية. وإن الشبكية تتكون من تسع طبقات مختلفة لا يزيد مجموعها عن سمك ورقة رقيقة. وإن الطبقة التي في أقصى قاع العين تتكون من الملايين من الأعواد والمخروطات منتظمة في تناسب مُحكم يمكنـها من أن تميز الألوان، ويتولى العصب البصري نقل هذا الإحساس إلى مركز معين في المخ يُترجم الإحسـاس إلى صورة مرئية تبصرها العين بوضوح، وإن كل هذه التنظيمات العجيبة لا بد أن تعمل في وقت واحد وإلا لاستحالت الرؤية.

ولنأتي إلى الحديث عن الدم لنرى بديع صنع الله إذ تصل كمية الدم فى جسم الإنسان إلى حوالى (5 لترات) ويصل وزنها إلى (60) كيلوجرام وتتجلى قدرة الله في خلق الدم وتكوينة، فكل كرة دم من كرات الدم الحمراء فتحوى 300 مليون جزىء هيموجلوب، ويبلغ عدد كرات الدم الحمراء في الرجل حوالي خمسة مليون خلية في المليمتر المكعب أما عددها في المرأة فهي حوالي أربعة ونصف مليون في المليمتر المكعب، ويزيد عدد كرات الدم الحمراء في الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن المرتفعة بسبب نقص نسبة الأكسجين في بيئتهم ودم الإنسان يقطع مسافة تصل إلى 9 آلاف كيلومتر يوميًا عبر الأوعية الدموية المختلفة. ومكونات الدم كثيرة منها على سبيل المثال كرات الدم الحمراء التى يصل عددها رقم مهول فعلى الرغم من أن حجم كرات الدم الحمراء صغير جدًا ولكن اذا جرى ترتيبها في صف واحد على خط الإستواء فإنها ستحيط بخط الإستواء سبع مرات وذلك بالنسبة لإنسان واحد، ولنتتدبر عظمة خلق الله ورحمته فى خلق كرات الدم الحمراء وقدرتها على الانضغاط فخلايا الدم الحمراء لها من المرونة مما يجعلها قادرة على المرور فى الشعيرات الدموية والتى يصل نصف قطرها من (4-5) ميكروميتر رغم أن نصف قطركرة الدم الحمراء يصل إلى (7.5) ميكروميتر، ويصل عمر خلية الدم الحمراء إلى (120) يومًا تقوم فيها بأكثر من مائة وستون ألف رحلة والعجيب أن هذة الخلية عند تكوينها يكون لها نواة تزول هذة النواة بطريقة كيمائية معقدة قبل أن تصب داخل التيار الدموى، إذ لو ظلت هذة النواة كما هى لاحتاجت الخلية إلى أكسجين وغذاءه وأساس وظيفتها نقل الغازات إلى داخل وخارج الجسم، ولذلك خلقها الله بهذة الكيفية حتى يكون هناك اقتصاد فى نقل الأوكسجين والغازات، ويوميًا يتم خلق أكثر من ألف مليار خلية لتعويض ما ينقص ويتلف منها. والماء يكون حوالى 70% من الجسم البشرى وهذا يضبط كيمياء السوائل داخل الجسم فمثلا إذا كانت درجة لزوجة الدم أعلى قليلا مما هى عليه لكان من المستحيل على الدم أن يتنقل بسهولة في الشعيرات الدموية.

ولنأتي إلى الحديث عن الرئتين لنرى بديع صنع الله إذ يصل وزن الرئتين حوالى (1.13) كيلو جرام ونسيج الرئة يحتوى على كثير من الشحوم التي تتمتع بقية حرارية عالية وفي الايام الباردة تحترق هذة الشحوم مولدة كمية كبيرة من الحرارة تكون حجابًا حراريًا واقيًا يحول دون تبريد الجسم. وتتجلى قدرة الله عز وجل في خلق الجهاز التنفسى فعندما نستنشق الأوكسجين فإنه يدخل 300 مليون حجرة دقيقة في رئتينا ثلاثمائة حجرة والأعجب من ذلك أن هذا العضو الرقيق لو تم بسطة بعناية وفك تلافيفه فإنه يصل إلى حجم حمام السباحة وهي مساحة تقدر أربعون مرة حجم الجسم، والعظام التي يتكون منها الأنف مصممة بطريقة حيث يمكن لهواء الشهيق أن يدور أكثر من مرة في الأنف وبذلك يصبح دافئًا. فإذا دخل الهواء باردًا فإن الأنف يتولى رفع درجة حرارتة إلى اثنين وثلاثون درجة حتى إذا مر بالحنجرة والقصبة الهوائية يتواصل رفع درجة حرارتة شيئًا فشىء حتى يصل إلى معاييرها المضبوطة داخل الحويصلات الهوائية.

ولنأتي إلى الحديث عن الكليتين لنرى بديع صنع الله إذ تحوى الكلية الواحدة وحدات صغيرة تسمى بالكبيبة وهى مجموعة من الأوعية الصغيرة التى يصعب تمميزها بالعين المجردة وتسمى بالنفرون وعددها يقدر بالمليونين ولو وضعت كل وحدة بجانب الأخرى لوصل طولها 80 كيلومتر تقريبًا أما لو بسط سطحها الداخلى لبلغت من خمسة إلى ثمانية أمتار مع العلم أن وزن الكليتين معا يساوى مائة و أربعون جرامًا. ويمر على الكليتين يوميًا 1930 لترًا من الدم تقوم بترشيحه وتصفيته من السموم والمواد الضارة ولا يقتصر الأمر على ذلك فالكلى تعمل بزكاء وقدرة خارقة فهى تعيد المواد النافعة إلى الدم مرة أخرى بعد ترشيحه ولها ميزان دقيق فهى تلتقط مواد ذائبة في الدم دون مواد أخرى.

ولنأتي إلى الحديث عن القلب لنرى بديع صنع الله القلب فيربط القلب مائة ترليون خلية في الجسم الإنسانى بجانب بعضهم، ودقات القلب تصل إلى مائة ألف دقة فى اليوم الواحد، ومن دلائل قدرة الله أن كل خلية فى القلب تنبض في وقت واحد، ولوحدث أى خطأ فى هذا الأمر لحدث تشويش كبير، وعملية ضخ الدم ليست أمرًا هينًا فهى تتم دون تدخل من الإنسان، ففى كل ضخة يضخ القلب 28 مللتر، وقلبنا يضخ حوالى (43000) لتر من الدم يوميًا، ويبذل القلب في ذلك الأمر يوميًا قوة كافية لرفع جسم صاحبه إلى أعلى مسافة كيلومتر ونصف وبحسبة بسيطة فإن القلب يضخ ما يقدر مائتى وخمسون طنًا من الدم تقريبًا حسب متوسط عمر الإنسان، أما عدد الأوعية الدموية فيصل عددها في الإنسان بمائتى وستون مليار ويصل طول الشعيرات الدموية في جسم الانسان إذا ما مدت إلى 950 كيلومتر.

ولنأتي إلى الحديث عن المخ لنرى بديع صنع الله ويتكون المخ من مادة هلامية القوام لون سطحها رمادي يميل إلى القرنفلي ولون داخلها يميل إلى الأبيض ويبلغ معدل وزنه عند الإنسان البالغ ألف وأربعمائة جرام وعلى الرغم من أن وزن المخ لا يشكل إلا 2% من وزن الجسم إلا أنه يستهلك 20% من الطاقة التي يولدها الجسم حيث يصله ما بين 15-20% من كمية الدم التي يضخها القلب إلى الجسم. والمخ مكون من أربعة أجزاء رئيسية وهي المخ والذي يسمى المخ الواعي والمخ البيني وجذع المخ والمخيخ والتي تسمى المخ غير الواعي والمخ هو الجزء الأعلى من الدماغ.

والمخ مكون من نصفين يفصل بينهما شق طولي كبير ويرتبط النصفان ببعضهما عند المنتصف بحزمة ضخمة من الألياف العصبية تسمى الجسم الثفني ويقدر العلماء عدد هذه الألياف (المحاور) بمائتين وخمسين مليون ليف ويتكون كل من نصفي المخ من أربعة فصوص وهي الفص الجبهي ويشكل 41 بالمائة من حجم المخ والفص الصدغي بنسبة 22 بالمائة والفص الجداري بنسبة 19 بالمائة والفص القحفي بنسبة 18 بالمائة. 

ويتكون المخ من طبقتين رئيسيتين وهما القشرة المخية ولب المخ فالقشرة المخية هي الطبقة السطحية للمخ وتتراوح سماكتها بين 1.5 و 4.5 ملم وتتركز فيها أجسام العصبونات ولذلك فإن لها لون رمادي. أما لب المخ فيحتوي على محاور العصبونات الموجودة في القشرة المخية والمحاور القادمة من أجزاء الدماغ الأخرى إلى القشرة المخية وهي ذات لون أبيض بسبب أن معظم هذه المحاور مغلفة بطبقة المايلين ذات اللون الأبيض.

ويوجد في لب المخ عدد من العقد العصبية التي ترتبط بالقشرة المخية وببقية أجزاء الدماغ. والقشرة المخية لها سطح كثير التجاعيد يحتوي على أخاديد وتلافيف كثيرة تعمل على زيادة مساحة سطحها إلى عدة أضعاف مساحتها فيما لو بقيت بدون هذه الأخاديد وذلك لحكمة بالغة تتضح من خلال الشرح التالي. 

إن زيادة عدد الخلايا العصبية في الدماغ لا يمكن أن يتم من خلال زيادة حجمه فقط وذلك لأن ربط الألياف العصبية القادمة من مختلف أجزاء الجسم بالخلايا العصبية في طبقات الدماغ الداخلية ستزيد من تعقيد تصميمه ولذلك كان من الأسهل أن يتم توزيع أجسام الخلايا العصبية على سطح الدماغ وترك داخله لمرور حزم الألياف العصبية التي تربط بين مناطق الدماغ المختلفة وبين أعضاء الجسم. 

وهذه المشكلة هي نفسها التي واجهها مهندسو الإلكترونيات عند تصميمهم لمعالجات وذاكرات الحواسيب التي تحتوي على ملايين الترانزستورات فكان الحل من خلال بناء الدوائر الإلكترونية على أسطح شذرات المواد شبه الموصلة في طبقة واحدة في بداية الأمر وعلى عدة طبقات في الأنواع الحديثة. 

ولو تطلب الأمر بناء مكونات الدماغ على شكل دوائر إلكترونية بحيث يقوم الترانزستور مقام الخلية العصبية لبلغت مساحة السطح الذي تحتله على الرقائق الإلكترونية أكثر من ألف متر مربع ولكن بما أن الخلية العصبية تحتل حيزًا أقل من الترانزستور وتقوم بوظائف أكثر تعقيدًا من الوظيفة الوحيدة التي يقوم بها الترانزستور فإن المساحة التي يتطلبها بناء الدماغ باستخدام الخلايا العصبية قد تم تقليصها إلى أقل من متر مربع. 

إن باستطاعة العلماء المهتمين بدراسة المخ أن يبرهنوا على أن الطرق التي يعمل بها المخ لأداء بعض وظائفه تقوم على أسس مادية يمكن استخدامها لبناء حواسيب تقوم بنفس الوظائف إذا ما توفرت التقنيات المناسبة لذلك ولكنهم لا أظنهم يتجرؤون فيقولوا أن مثل هذه الحواسيب قادرة على القيام بوظائف أخرى يقوم بها الدماغ البشري كالإحساس بوجوده والإحساس بالمشاعر والعواطف الإنسانية المختلفة كالحب والكره والفرح والحزن وإلى غير ذلك من المشاعر.

و بعد هذا العرض الموجز نسأل العديد من التساؤلات:
هل تستطيع الطبيعة خلق كلية من كليتي الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق رئة من رئتي الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق عين من عيني الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق قلب كقلب الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق أنف كأنف الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق دم كدم الإنسان؟

هل تستطيع الطبيعة خلق أذن كأذن الإنسان؟

أيها الملاحدة إن الإنسان هو خلق الله فأروني ما الذي خلقته تلك الطبيعة العمياء الصماء البكماء. 

شبهة الملاحدة حول دليل خلق الإنسان و دحضها: 
زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلق الإنسان، وأن الطبيعة خلقت خلية واحدة حيّة بالصدفة وتطورت هذه الخلية وتكاثرت عبر مليارات السنين لتصل إلى مرحلة الحيوان والإنسان واستدلوا على ذلك بأدلة لا علاقة لها بالتطور فضلًا عن إثباتها صحة التطور و هي: 
اختلاف الأعراق. إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية؟ ولادة أطفال مشوهين، معاقين، أو غير محددي الجنس. اجتياح طوفان زمن النبي نوح عليه السلام الأرض ويستحيل أن يضع نوح عليه السلام جميع الحيوانات والطيور والأفاعي فيها فإذا لم يكن على زمن النبي نوح هذا العدد الهائل من الحيوانات فهذا يدل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح مما يثبت صحة نظرية التطور.

الإنسان البدائي كان يعيش في الأدغال ويتواصل بالإشارات والرموز والأصوات تمامًا مثل الحيوانات وقبل اختراع الكلام واللغة، بينما الإنسان المعاصر يعيش في المباني الشاهقة ويركب الطائرات ويتواصل بملايين اللغات منها التواصل عبر الإنترنت مما يدل على تطور عقل الإنسان وعاداته وتقاليده وسلوكه عبر الزمن. وجود بعض الحيوانات الذكية مثل الدولفين والشيمبانزي، وحيوانات ناطقة مثل الببغاء، وحيوانات تملك أجسام وأعضاء مشابهة للإنسان مثل الشيمبانزي، وحيوانات تملك الحواس الخمسة للإنسان كالنظر واللمس والشم والسمع والتذوق، مما يدل على تقارب كبير بين الإنسان والحيوان. استطاع العلماء خلق خلية حية باستخدام مواد أولية طبيعية وتركيبها باستخدام الكمبيوتر وفعلاً بدأت هذه الخلية بالتكاثر إلى ملايين الخلايا مما حل معضلة خلق الكائنات الحية وأثبت العلماء إمكانية أن الطبيعة تستطيع أن تخلق خلية حيّة بالصدفة.

والجواب أن قولهم دعوى بلا برهان ورجم بالغيب فهل شهدوا خلق الإنسان على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأته وهل شهدوا خلق الكائنات الحية على الأرض حتى يتسنى لهم الحديث عن كيفية نشأة الكائنات الحية على الأرض، ولا يوجد أي دليل قاطع يحوي ظروف الأرض قديمًا قبل الحياة فكلامهم مبني على ظنون وتخمينات.

والحياة شيء غير مادي لا ترى ولا تحس ولا تشم ولا تتذوق ولا تسمع بل فقط نلاحظ آثارها من حركة للكائن الحي وتكاثر وتغذية وإخراج ونمو وغير ذلك فكيف يدعى أن بعض عناصر الطبيعة وهي شيء مادي كان سببًا في نشأة الحياة وهي شيء غير مادي ؟!!!

والقائلون بأن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان يفترضون أن مركبات عضوية قد تكونت مع الزمن من مركبات غير عضوية، و كونت مراحل ما قبل حياتية، ولأن بعض العلماء قاموا بتكوين سلسلة من جزيء الـ آر إن ايه RNA تمكنت بنفسها من إعادة استنساخ ذاتها مما جعل البعض يزعم أن الـ آر إن ايه RNA الاحتمال الافضل لبداية الحياة، وأن جزيء RNA آر إن آيه هو الذي قام بلعب دور نشط في الخلية الحية، فكان بداية النسخ أو التكاثر الذاتي، وأدى التكاثر الذاتي لجزيء آر إن آي RNA إلى وجود اختلافات في الأجناس، وإن جزيء الـ دي إن آيه DNA لم يظهر إلا بعد نشأة الحياة، لأنه حتى يكون قادرًا على التكاثر أو النسخ لا بد من وجود ميكنة خاصة تمكنه من ذلك. 

وهذه الميكنة لا توجد إلا في الخلية الحية التي لا بد من وجودها قبل تكاثر أي كائن حي ولهذا جزيء دي إن آيه DNA لا بد من أنه وجد مع نشأة الحياة، ومع نشأة الحياة خلقت الأجناس والأنواع، و تأقلمت على الظروف البيئية المحيطة بها.

وافتراضهم أن جزيئات غير DNA تكونت بالصدفة قامت بعملية التكاثر أو النسخ ، وأنتجت بواسطة الخيار الطبيعي جماعة من جنس ما، أو نتيجة أخطاء عشوائية في النسخ أجناس أخرى لا يكفي أن يفسر مسيرة حياة منظمة ودورات حياة طبيعية لكل هذه التشكيلات العديدة والمختلفة من الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض التي يوجد منها حوالي 30 مليون جنس حي تقريبًا.


ولا يوجد علاقة بين اختلاف الأعراق وبين التطور إذ اختلاف الأعراق إنما هو اختلاف الإنسان الواحد حسب اختلاف البيئة والمناخ، وهو كاختلاف النبات الواحد والحيوان الواحد حسب اختلاف البيئة والمناخ، مع دخول جميع الأفراد تحت نوعية واحدة، وليس تطور نوع من نوع وتعدد الألوان في "بني آدم" لا يتعلق بالضرورة بأبنائه المباشرين بل قد يعنى سلالته التالية بعد تفرقها إلى أجناس عدة.

والمناخ له علاقة بتطور السمات الرئيسية بعد آلاف السنين من العزلة وعدم الاختلاط؛ ففي أفريقيا مثلا تساعد الأنوف العريضة على تبريد وسحب أكبر قدر من الهواء الحار والخفيف بطبعه أما الشعر المجعد فيعمل كعنصر (تكييف) يساعد على تغلغل الهواء وتبخر العرق وانطلاق الحرارة، وفي المقابل يعيش شعب الاسكيمو وسكان روسيا في ظروف باردة تجعل أجسادهم مكتنزة وقصيرة نسبيا للحد من فقد الحرارة، كما تبدو وجوههم منتفخة وجفونهم ممتلئة بسبب غطاء شحمي يحمي الوجه والعينين من البرودة القارصة، وهكذا...

والقول أن اختلاف الأعراق دليل على التطور كالقول أن الطين كما يمكن أن يُصنع منه الآجر والخزف والطوب، كذلك يمكن أن يُصنع منه الحديد والعاج والماء.

وسؤال الملاحدة إذا كان أصل البشر هو آدم، فكيف استطاع أولاده الهنود الحمر الوصول إلى القارة الأميركية؟ سؤال لا علاقة له بالتطور وينم عن عدم معرفة بالعلوم الكونية فالأرض كانت موصولة فيما بينها وفصلت على مر الزمن بالمحيطات والبحار ومما يدل على ذلك تطابق حواف القارات شكلًا كأنها مكملة لبعضها كأرض واحدة منبسطة منذ ملايين السنين ولذا التنقل بينها كان سهلًا، ولقد وجد العالم فاجنر أن هناك تطابقًا كاملًا تقريبًا في حواف القارات الحالية وقد حاول تركيب القارات على بعضها بناءً على ما سبق وقد تطابقت أمريكا الجنوبية على أفريقيا مثلًا تطابقًا كاملًا وفي نهاية الأمر حصل على قارة واحدة اسماها بنجايا وكان هذا قبل 200 مليون سنة ثم حصل بعد ذلك الانجراف القاري.

ووجد العلماء أن القارتين أمريكا الجنوبية وأفريقيا بعيدتان عن بعضهما ويوجد بينهما المحيط الأطلسي ومياه عميقة مالحة وأحفورة الحيوان الميزوسورس موجودة في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية ومن المعروف أن هذا الحيوان يعيش في بيئة انتقالية (أي يعيش في المياه الحلوة) وهو زاحف لا يستطيع عبور مياه المحيط الأطلسي المالحة سباحة ولهذا فلا يوجد تفسير لوجوده وانتشاره في القارتين معًا إلا تفسير واحد وهو أن القارتان كانتا في السابق قارة واحدة متصلتان معًا ولم يكن يوجد بينهما المحيط ولا البحر وقد كان هذا قبل 200 مليون سنة ثم يعد ذلك انجراف قارة أفريقيا باتجاه الشرق وانجراف أمريكا الجنوبية باتجاه الغرب وتكون المحيط الأطلسي بينهما.

و قولهم أن ولادة أطفال مشوهين أو غير محددي الجنس تدل على تطور وتغير الصفات الوراثية والجينية عبر الأجيال غير صحيح، ولا علاقة بين ولادة أطفال مشوهين أو معاقين أو غير محددي الجنس بالتطور فولادة أطفال مشوهين ما هو إلا تشوه في بعض أفراد النوع الواحد، وليس تشوه بتحول بعض أفراد الإنسان إلى نوع آخر، وتشوهات الجنين ليست فقط بسبب العوامل الوراثية فلها أسباب عديدة أخرى مثل: إصابة الطفل بالداء السكري، و إدمان الأم الحامل للكحول أو التبغ، واختلاف فئات الدم بين الأب والأم، و الاضطرابات الصبغية وإصابة الحامل ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية والتوكسوبلازما وتعرض الأم للأشعة السينية قبل الشهر السادس من الحمل وتناول الحامل بعض الأدوية.

ومعنى قولنا أن مرض من الأمراض مرض وراثي أي مرض تنتقل صفاته من الأب أو الأم أو كليهما، عن طريق مورثات مصابة ( جينات مصابة ) بخللٍ ما بحيث يؤدي هذا الخلل الى حدوث تظاهرات المرض، وبعض الأمراض الوراثية التي تورث بصفة جسمية متنحية قد تغيب لأجيال، ثم تظهر عند زواج أم و أب حاملين للمورثات المسببة.

وقولهم أن الطوفان الذي حدث في زمن النبي نوح عليه السلام اجتاح كل الأرض غير مسلم؛ لأن العذاب وقع على من كذب نوح عليه السلام فقط، وليس كل من عاصره ممن ليس من قومه قال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ} [الأعراف: 64]، ولاشك أن الطوفان الذي حدث عم منطقة كبيرة من الأرض بدليل أمر الله لنوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين من الحيوانات وأمره بصنع السفينة، وليس معنى هذا أن الطوفان عم جميع الأرض. 

ونوح عليه السلام أرسل إلى قومه فقط وليس إلى جميع الناس قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [هود: 25] والله لا يهلك قومًا لم يبعث فيهم رسولًا قال تعالى: {و َمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15]، ونوح عليه السلام جاء إلى قومه نذيرًا، لذلك لم يهلك الله الأقوام الأخرى التي لم يُبْعَثْ فيها نذير في زمن نوح عليه السلام. ولا نسلم لهم أن نوحًا عليه السلام وضع جميع الحيوانات والطيور والأفاعي في السفينة وعليه فلا دليل على ظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح. 

و قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود: 4] يدل أن الله أمر نوح عليه السلام أن يأخذ مما كان موجودًا في المنطقة التي كان بها من كل زوجين اثنين وليس المراد أن يأخذ زوجين اثنين من كل بقاع الأرض لاستحالة ذلك ولأن ذلك فوق طاقته فالآية مخصصة بالعقل كقوله تعالى: {تدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] أي تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته أو تدمر كل شيء قابل للتدمير مما أُرسلت بهلاكه، وكقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: 62] أي خالق كل ما سواه و قوله تعالى: {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] أي أوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا.

والتخصيص بالعقل وارد في القرآن والسنة ووارد في كلام البشر بعضهم لبعض كقول الأستاذ لتلميذه ذاكر كل شيء أي ذاكر كل شيء في منهجك الداراسي ومقررك الدراسي، و كقول الأم لابنتها اعملي كل شيء أي اعملي كل شيء أمرتك بها.

وعلى التسليم باصطحاب نوح عليه السلام جميع الحيوانات من كل بقاع الأرض فلم يصطحب نوح عليه السلام سوى الكائنات البرية والطيور التي لا تستطيع النجاة من الطوفان ولم يصطحب النباتات والكائنات البحرية والتي تشكل قطاعًا كبيرًا من إجمالي الأنواع في العالم وكذلك لم يصطحب كل الكائنات المعروفة بقدرتها على النجاة من الطوفان مثل الحشرات والديدان.

والظاهر أن نوح عليه السلام اصطحب من كل زوجين اثنين من الكائنات التي بالبقعة من الأرض التي كان يسكنها قومه أما الكائنات التي توجد في بقاع أخرى من الأرض فلا ضرورة لحملها لعدم احتمال انقراضها بالطوفان. 

وعلى التسليم بظهور أنواع جديدة من الحيوانات بعد زمن النبي نوح فهذا لا دليل فيه على التطور بل دليل على أن الله خلق كائنات جديدة لاستحالة إيجاد هذه الكائنات بدون موجد واستحالة أن تكون هذه الكائنات متولدة من كائنات ليست من نوعها، ولم يشاهد أحد أن نوع من الكائنات نشأ من نوع بخلاف نوعه، والمشاهد أن أي كائن حي ينشأ من كائن حي يماثله في النوع والقول بالتطور مخالف للحس والمشاهدة.

ولا دليل معتبر على أن الإنسان في الماضي بخلاف الإنسان الحالي وكل ما يقولونه من أن الإنسان في الماضي كان شبه عاري وكان لا يعرف الكتابة وكان وكان لا أثارة عليه من علم إن يتبعون إلا الظن الخالي من دليل يرجحه فهل شاهدوا الإنسان البدائي وهل كانوا معه وهل عاشروه ولو سلمنا جدلًا بمشاهدتهم بعض الناس القدامى فهذا البعض ليس دليلًا جازمًا أنه ينطبق على الكل. ولو سلمنا جدلًا بوجود إنسان في الماضي يخالف الإنسان الحالي في بعض الأمور فهذا لا يستلزم أن يكون الإنسان الحالي متطورًا عن الإنسان في الماضي. 

والتشابه بين الكائنات الحية لا دليل فيه على التطور إذ من البدهي أن التشابه في الأنواع المختلفة لا يقتضي النسب بينها، ولا يستلزمه عقلًا والتشابه لا يستلزم أن يكون أحد المتشابهين أصلًا والآخر فرعًا. فلو كان إنسان يشبه إنسانًا أو طير يشبه طيرًا، فهل يدل ذلك على أن أحدهما أصل، والآخر فرع؟
والتشابه التشريحي لبعض الكائنات لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة، وإنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على أن خالقها جميعًا واحد وخروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي.

وهل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار. ولكن يدل على أن هذه الماكينات كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في الأصل هي "الطوب" أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء.

وزعمهم أن العلماء استطاعوا خلق خلية حية زعم باطل فكل ما قام به العلماء هو تخليق (وليس خلق) خليّة صناعيّة من خليّة حيّة فالعلماء لم يوجدوا شيئاً أصلاً؛ لأنّ الخلية أصلاً حيّة و الحياة ليست بشيء مادي يمكن أن يخلق في المعمل ومازال العلماء غير قادرين على خلق الخلية نفسها، والخلية هي الوعاء الذى تتم داخله جميع العمليات الحيوية؛ لأنه لا يمكن وضع الجينوم الجديد في طبق وانتظار أن يصنع خلية مخلقة.

وفكرة عمل الخلية المصنعة كالتالي: 
انتقى فريق من العلماء - مكون من 19 عالمًا من جنسيات مختلفة برئاسة د فينتر - كائنًا بكتيريا وحيد الخلية وهو المايكوبلازما، وانتزعوا تركيبة الحمض النووي الخاصة به خارجًا، وتم حفظ ما تبقى من الخلية بكامل تكوينها الداخلي جانبًا ثم ركبوا نسخة مطابقة للحمض النووي صناعيًا، وأخيرا زراعوا هذا الحمض النووي المصنع داخل الخلية البكتيرية، حيث كانت النتيجة عودة الخلية البكتيرية إلى العمل والتناسخ بشكل طبيعي. ورغم بساطة الفكرة لكن تطبيقها استهلك ما يقارب 40 مليونا من الدولارات.

والخلاصة أن الذي تم فى التجربة هو إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية، وهذه التجربة يمكن تشبيهها بزرع الأعضاء ولكنها لا تشابه خلق خلية إذ الخلية الجديدة ببساطة تحمل مادة وراثية صناعية، ولكن كل مكوناتها الأخرى نشأت من الخلية الأصلية الطبيعية. ود. فنتر نفسه بعد انتقاد صياغة خبر هذا الإنجاز قال: لقد خلقنا أول خلية صناعية قطعًا نحن لم نخلق حياة من العدم؛ لأننا استخدمنا خلية طبيعية لتشغيل المادة الوراثية الصناعية. ومن هنا ندرك أن زعم الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان زعم باطل لا أثارة عليه من علم هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.