نعم... نستطيع!
محمد علي يوسف
نعم؛ نستطيع... ذلك الشعور الذي إذا ترسخ في قلب إنسان وآمن به فالغالب أنه فعلا سيستطيع. التجربة والخبرة الحياتية تقول ذلك.
- التصنيفات: دعوة المسلمين - الواقع المعاصر -
"على الانسان ألا يخشى من المجهول لأن كل إنسان قادر على اكتساب ما يريد وما هو ضروري له فكل ما نخشاه هو أن نخسر ما نملك؛ حياتنا أو زرعنا.. لكن هذا الخوف يتلاشى عندما ندرك أن صيرورتنا وصيرورة العالم قد خطتهما يد واحدة؛ يده سبحانه" باولو كويللو في روايته الشهيرة الخيميائي ترجمة بهاء طاهر..
قال كويللو هذه الكلمات في معرض حديثه عن أحد شخصيات قصته وقد فقد ماله وزرعه وبارت أرضه بعد الفيضان وكان يظن أنه لا حيلة له في الدنيا من دون تلك الزروع والحياة المستقرة..
لكنه اضطر بعد فقدها لأن يضرب في الأرض وليكتشف حياة جديدة في دروب الصحراء من خلال عمله الجديد كمرشد للقوافل وحادياً لجمالها.
المفاجأة أنه رغم تأخر تلك البداية الجديدة والحياة المختلفة فإنها بشهادته لم تكن حياة سيئة بل العكس هو ما حدث
لقد استطاع التغيير والمضي قدما في مسار حياته وأيضا النجاح فيه!
كم في حياتنا الواقعية من أمثال هذا المزارع الذي صار حاديا يجول الصحاري ويقود الناس في دروبها؟
كم في حياتنا الواقعية من أناس آمنوا بقدرتهم على المواصلة والاستمرار مهما كانت البلاءات والظروف القاسية التي يتعرضون لها؟
فقط راهنوا على قابليتهم للتكيف ولم يركنوا للاستسلام واليأس المريح؛ حين وثقوا أنهم يستطيعون؛ إنه شعار يلخص فكرة يرنو إليها كل إنسان بفطرته إن لم يكن قد طمسها وغطى عليها بركام الكسل وغبار اليأس؛ فكرة تحدي النفس وإثبات قدرتها على التغيير.
نعم؛ نستطيع... شعار ملهم هو..
لذلك على ما أعتقد اتخذه باراك أوباما ليداعب به مشاعر الأمريكيين أثناء انتخابات رئاسته الأولى التي خاضها ليكون بعدها الأمريكي الأول من أصول إفريقية الذي يشغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
اختار أوباما وحملته هذا الشعار الذى يستفز مكامن الرغبة فى التغيير ويستثير طاقات التحدى وإثبات الذات؛
تلك الطاقات الموجودة داخل البشر الطبيعيين.
نعم؛ نستطيع... ذلك الشعور الذي إذا ترسخ في قلب إنسان وآمن به فالغالب أنه فعلا سيستطيع. التجربة والخبرة الحياتية تقول ذلك.
أكبر العوائق في طريق أي إنجاز هي مظنة الفشل وانعدام الثقة في القدرة على تحقيقه؛ وأهم عدو للإنسان في مسار حياته العملية هو يأسه المسبق وإحباطه المبدئي والذي يحول بينه وبين الإقدام على أي تغيير؛ أما العكس فهو دأب الناجحين المغيرين الذين آمنوا بتلك القيمة ووثقوا في قدرتهم على تحقيقها.
للأسف الشديد كثير من الناس يستصعبون تلك القيمة وتأبى نفوسهم إلا الراحة والدعة فيتعاملون من منطلق العجز والهوان لأنه أسهل وأيسر.
ما أسهل أن يختار الإنسان الركون إلى الراحة بحجة أنه لا فائدة والمسألة كما يقولون "خربانة خربانة" أو كما يحلو للبعض بدلا من إيقاد شمعة البذل الاكتفاء بلعن ظلام العجز؛ أن يقرروا المبدأ البغيض "إياكش تولع"
ذلك الإحباط والانكسار الذى هو أشد ضررا على الأفراد والشعوب من أعتى الأسلحة.
أن يفقد الإنسان الأمل والثقة وأن ينعدم لديه الطموح فى التغيير وأن يترسخ فى وعيه أنه لا يستطيع؛ مهما بلغ الهم والحزن والكرب والضيق فكل ذلك إن كان فى مواجهة نفوس قوية لا تتزعزع فإنه سيتحطم على صخرتها وسيزول إن آجلا أو عاجلا إن شاء الله.
إن قتل الحلم والأمل فى القلوب جريمة لا تقل قسوتها فى نظرى عن قتل النفس التى حرم الله قتلها؛ وإن البعض لا يستنكف أن يئد تلك الأحلام والآمال دون أن يطرف له جفن بدعوى واقعية مزعومة وربما لا يدرك هؤلاء أنهم بوأدهم لتلك الأحلام والآمال فى نفوس الناس يصنعون جيلا منبطحا يائسا يعانى من سفول الهمة ودنو الغاية؛
جيلا مستسلما لقهر الإحباط تسيطر عليه مشاعر السخط والرغبة فى الفرار من واقعه الذى فقد الأمل فى تغييره لأنه ببساطة فقد الثقة في أننا نستطيع.
نعم... نستطيع!