بيان بشأن استغوال المشروع الإستيطاني الصهيوني ، وتهويد القدس
حامد بن عبد الله العلي
لاريب أن أعظم خطر قد بات يهدد الإسلام اليوم ، هو ابتلاع القدس ،
وتهويدها ، وتهديد المسجد الأقصى ، وأنه من أوجب الواجبات توجيه كلِّ
الجهود الإسلامية لهذه القضية ، للتحريض على العدو الصهيوني ، ولتجنيد
الأمة للدفاع عن القدس ..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله الذي فرض الجهاد دفاعا عن الحق ، والإيمان ، أشهد أن لا إله إلاّ هو ، وحده لاشريك له ، والصلاة والسلام على المبعوث بالقرآن والسنان ، نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أولي القوة ، والعدل ، والإحسان ، وبعــد :
فلاريب أن أعظم خطر قد بات يهدد الإسلام اليوم ، هو ابتلاع القدس ، وتهويدها ، وتهديد المسجد الأقصى ، وأنه من أوجب الواجبات توجيه كلِّ الجهود الإسلامية لهذه القضية ، للتحريض على العدو الصهيوني ، ولتجنيد الأمة للدفاع عن القدس ، لاسيما بعد هذا النشاط المتسارع والمحموم في ابتلاع القدس بالمستوطنات ، وطرد عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها ، تهيئة لتهويد كامل للمدينة المقدسة.
ولاننسى أنه قبل نحو 33 سنة ، وفي يوم السبت 30 مارس من عام 1976م ، انطلقت مظاهرات شعبية كاسحة في فلسطين ، أدت إلى استشهاد ، وسقوط عشرات الجرحى ، وكان سببها هو الإستيطان ، فقد قامت السلطات الصهيونية آنذاك بمصادرة أكثر من 21 ألف دونما ، لمشروع الإستيطان ، ثم أصبحت هذه المناسبة هي يوم الأرض
ومعلوم أنَّ المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ، يقوم على ركنين أساسين ، أحدهما الإستيطان ، والثاني الهجرة ، ولهذا فقد أُسِّس صندوق الإستيطان اليهودي مع أوائل انطلاق الصهيونية ، بل مع المؤتمر الثاني أي عام 1898م ، ثـمَّ إنـَّه لم يحل موعد المؤتمر التاسع عام 1909م في ألمانيا ، حتى تقرر إقامة مستوطنات تعاونية في فلسطين ، ثم جاء المؤتمر 23 عام 1951م ، حيث عقد لأول مرة في فلسطين المحتلة ، فأقـر فيه ما يسمى بـ ( وثيقة القدس ) ، التي ركزت على الدعوة إلى تكثيف الإستيطان ، لإستيعاب المهاجرين الجدد .
ومنذ ذلك اليوم ومشروع الإستيطان الصهيوني الإغتصابي لفلسطين لاسيما في الضفة والقدس ، قائم على قدم وساق ، لم يتوقف قط ، حتى جاءت التسعينات الميلادية فرسمت السلطات الصهيونية المخططات الهيكلية للمستوطنات لتغطي مساحات شاسعة من الضفة الغربية ، ثم سارعت في عملية مصادرة الأراضي من خلال تحويل العديد من الأراضي الفلسطينية إلى محميات عسكرية مغلقة ، ومحميات طبيعية ، وممتلكات دولة ، ثم قامت بتجريف ما مساحته 188كم 2 من الأراضي الفلسطينية لصالح بناء المستوطنات ، حتى بلغ عدد المستوطنين في الضفة نحـو نصف مليون مستوطن ، نصفهـم في القدس ، وهذا يعني أنه زاد العدد في الضفة الغربية والقدس من 206 ألف في عام 1992م ، إلى نصف مليون تقريبا في 2006م .
وقد تم الإستيلاء على 80كـم 2 ، لبناء شبكة طرق تربط المستوطنات يبلغ طول هذه الطرق نحو 800 كم ، لعزل وتقطيع أوصال المجتمعات الفلسطينية في الضفة.
وفي حزيران 2002م ، بدء أخطر مشروع صهيوني لإبتلاع أكثر الأراضي الفلسطينية خصوبة ، فعزلت التجمعات الفلسطينية إلى جيوب ، لتقضي على التكامل الإقليمي للقرى ، والمدن الفلسطينية ، وللسيطرة على الموارد الطبيعية وضمها للمستوطنات.
وقد حددت وحدة نظم المعلومات الجغرافية ، و الاستشعار عن بعد ، القرى الفلسطينية المتضررة بسبب الجدار الفاصل بـ 138 قرية ، وحددت المساحة المعزولة من هذه القرى بـ 712,920 دونما (مساحة المحافظات التي يخترقها الجدار 1 573,80 هكتار) ، وهو ما يمثل 12.6% من إجمالي مساحة الضفة الغربية و التي تبلغ (5661 كم مربع).
ومن ضمن هذه القرى ، 28 قرية تتبع محافظة القدس ، وهو ما يعادل 44 في المائة من مساحة أراضي القدس ، كما أن المعازل الفلسطينية ، التي يحاصرها الجدار بلغت 29 تجمّعا فلسطينيا ، تضمّ 216,567 دونما.
وفي عام 2005م ، طرحت الحكومة الصهيونية مشروع قانون ، ينص على ضم الكتل الإستيطانية الكبرى في الضفة ، من خلال ضم الأراضي التي تقوم عليها إلى الكيان الصهيوني داخل الجدار ، وصرح شارون خلال لقاءه مع بوش بأنه ( قرار جيد لإسرائيل ، ومكانتها السياسية ، وإقتصادها ، وديمغرافية الشعب اليهودي ، في أراضي إسرائيل ) .
وآخر ما وصلت هذه الجريمة الصهيونية الشنعاء ، ما كشف عنه مؤخرا من إتفاق سري بين نتيناهو ،وليبرلمان ، على توسيع المستوطنات القائمة حاليا ، وبناء جديدة ، حتى صرح عوزي مراد ـ مرشح نتنياهو لمنصب مستشار الأمن القومي ـ أنه يؤيد توسيع الحدود ، وقال ( أعتقد أنه خلال الحل النهائي يجب نقل سكان القرى ،والمدن العربية في المثلثين الشمالي والجنوبي ، إلى مناطق غير مأهولة في النقب الصحراوي ، مقابل الكتل الإستيطانية في الضفة الغربية المحتلة ،وأن الحل الأمثل للفلسطينيين هو دولة هاشمية فلسطينية بين الضفة وغزة والأردن ! )
وتجري هذه الأيام عمليات كبرى لطرد الفلسطينيين من بيوتهم في القدس ، وإجبار عشرات العائلات الفلسطينية على النزوح ، والإستيلاء على منازل الفلسطينيين ،وضمها إلى إلمستوطنات المجاورة ، وذلك لتنفيذ مشروع صهيوني يدعى (القدس الكبري).
إنَّ هذا الزحف الإستيطاني المسعور ، لايقل خطورة عن مجازر الصهاينة في غزة ،
،
وإنَّ السكوت عنه ، والنكول عن مواجهته جريمتان ، لاتقـلان عن جريمة خذلان غزة أيام حرب الفرقـان الماضية ، والمشاركة في حصارها قبل ، وبعد تلك الحرب .
كما أنه لم يكن ليتحقق لولا :
أولا : استغلال الصهاينة لكل مهازل مسيرة اوسلو ، والمفاوضات العبثية ، إلى المبادرات الإستسلامية المشبوهة ، ومنها المبادرة العربية التي لازال النظام العربي يتباكى عليها ، رغم إهانات نتنياهو ، وليبرلمان !
تلك المؤامرات التي أدَّت ـ فيما أدت إليه من كوارث على قضية الإسلام المركزية أي القضية الفلسطينية ـ إلى التنسيق الأمني بين سلطة عباس ـ دايتون ، والصهاينة، بهدف إجهاض قدرة الفلسطينيين في الضفة على مواجهة مخططات الصهاينة لإبتلاع القدس ، وتهويدها ، ولهذا نرى أن أكثر رموز المقاومة في الضفة ، إنـِّما هـم في سجون سلطة عباس الخائنة ، وما ذلك إلاَّ لحماية مشروع الإستيطان الصهيوني !
وثانيا : إنشغـال الأنظمة العربية بإرضاء أمريكا فيما يُسمَّى (الحرب على الإرهاب) ، إلى أن وصل الأمر إلى محاربة ثقافة المقاومة ، ورموزها ، وتمجيد وبث روح الإنهزام في الأمة ، حتى أصبح الحديث عن الجهاد ، وعلى رأسه الجهاد الفلسطيني تهمة ! والتحريض على العدو الصهيوني والمشروع الصليبي الأمريكي الحامي له ، جريمـة !
ثالثا : محاصرة الشعب الفلسطيني في غزة ، بهدف تحقيق هدف الصهاينة في عزل المقاومة الفلسطينية ، فالقضاء عليها ، واستبدال سلطة الخيانة والتآمر بها.
وإنـَّه لايمكن مواجهة هذا الإستغوال الصهيوني في توسيع الإستيطان ، وتهويد القدس ، الذي يتحمَّل كبره اليوم الشيطانان ( نتنياهو ـ ليبرلمان ) ، إلاَّ بإطلاق مشروع أمـّة مقاوم مضاد ، يبدأ بفكِّ الحصار عن غزة ، ويمـرُّ بدعم شامل لخطِّ المقاومة ، وإنهاء مهازل المبادرات الخيانيّة ، والمفاوضات العبثيّة ، واستجداءات الحلول من العدوّ الصهيوالأمريكي نفسه ، وينتهـي بإنتفاضة ثالثة شاملة في الضفة الغربيـة ، والقدس ، تعيد الأمور إلى نصابهــا .
هذا ونسأل الله تعالى أن يمـدَّ المجاهدين في فلسطين ، والشعب الفلسطيني الصامد ، بمدد من عنده ، ويفرغ عليهم صبراً ، ويثبت أقدامهـم ، وأن يفتح لهذه الأمة فتحا من عنده ، يجمع به شملهم ، ويلمُّ به شعثـهم ، ويرفع راية جهادهم ، وينزع بـه ذلهَّـم ، وينصرهم على عدوِّ الله وعدوِّهـم ،
وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصير.
حامد بن عبدالله العلي
الأحد 17 ربيع الثاني 1430هـ ، الموافق 12 إبريل 2009م