ما أحوج كلّ مُتصدّر لهذه..!!

أبو فهر المسلم

  • التصنيفات: الزهد والرقائق - دعوة المسلمين -

قال ابن الجوزيّ رحمه الله: "ينبغي للعاقل ألا يُقدِم على العزائم، حتى يَزن نفسه؛ هل يُطيقها..؟! ويُجرّب نفسه في ركوب بعضها سرًّا من الخلق! فإنه لا يأمن أن يُرى في حالةٍ لا يَصبر عليها، ثم يَعود فيُفتَضح". انظر: صيد الخاطر

قلتُ:
وصدق والله ..!
فكم من مُتشبّع بما لم يُعطَ؛ قد سَتره الله وصانَه ولم يَخذِله!
حتى إذا فحُش غرورُه، وعظُم بحِلم الله اغترارُه، وسهَا عن حقيقة قلبِه ومَكنونه؛ وكَله الله إلى نفسه، وكشف للعالَمين عن خُبثه ونَتْنِه!
فعاد مُنتكسًا إلى سابِق عَهده، وسقط من عين ناظريه وحِزبه!

ومن أمثلة ذلك:
الخروج للجهاد، وإنكار المُنكر علانية، ومُقاومة الطواغيت جهرًا... إلخ هذه العزائم!
فقد يتقدَّم المرءُ ويتصدَّر لمثل ذلك، ولا يكون أهلًا لهذا التصدُّر، وتحمُّل عواقبه!
فيُبتلَى .. فربَّما جزع ولم يصبر، فيُفتَن ويَنتكس، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله !

كهذا الذي أخبر الله عنه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}[العنكبوت:10].
أي: جعل فتنة الناس وأذاهم إيَّاه؛ صادًّا له وزاجرًا، عمَّا كان يدعو إليه من حقٍّ وإيمان، قدْر ما ينزجر الناس عن عذاب الله لهولِه وشدّته!

فعلَى المُتصدّر لهذه العزائم: أن يَصدُق مع الله ليَصدقه الله، وأن يَتبرأ من حوله وقوّته، إلى حول الله وقوّته، وأن يُجرّب نفسَه ويُدرِّبها على صغائر ذلك، حتى يُثبّته الله عند كبارها!

فاللهمّ استُرنا .. واجعل تحت السّتر ما يُرضيك عنّا!

ولْيَقِسْها كلٌّ على ما يُناسبُه!