للأسف!
أبو فهر المسلم
كثيرون من إخواننا في عَرضهم لكثير من أمهات المسائل الكبار، التي تحتاج إلى بسطٍ وشرحٍ وتفنيدٍ وتفصيلٍ واستدلالٍ وتعليلٍ ومُقارنةٍ ومُباحثةٍ ودراسةٍ وتعمّقٍ وسَبرٍ وتقسيمٍ وتحقيقٍ وتثبُّتٍ وإحكامٍ وتدقيقٍ وتنزيلٍ وتطبيق؛
للأسف .. يَكتفون في مثلها بالمانشتّات العريضة، والأحكام المُجملة، دون شيءٍ مما ذُكر!
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
كثيرون من إخواننا في عَرضهم لكثير من أمهات المسائل الكبار، التي تحتاج إلى بسطٍ وشرحٍ وتفنيدٍ وتفصيلٍ واستدلالٍ وتعليلٍ ومُقارنةٍ ومُباحثةٍ ودراسةٍ وتعمّقٍ وسَبرٍ وتقسيمٍ وتحقيقٍ وتثبُّتٍ وإحكامٍ وتدقيقٍ وتنزيلٍ وتطبيق؛
للأسف .. يَكتفون في مثلها بالمانشتّات العريضة، والأحكام المُجملة، دون شيءٍ مما ذُكر!
فضلًا عن كونهم لا يَتحمّلون خلاف غيرهم معهم فيها، بل يُطلقون على مُخالفيهم؛ أحكامًا فجَّة، وإطلاقاتٍ فذَّة، ويُلزمونهم بلوازم باطلة، ويُحمّلون اجتهاداتهم فوق ما تحتمل، دون أدنى مراعاةٍ لأصول المسائل، فضلًا عن القائل!
في الوقت الذي هم فيه، يَتنكّرون ويُنكرون بكلّ شدّة وضراوة؛ التَّعدّي والجَور في الأحكام على الناس، والحُكم باللازم والمآل، والغلوّ في تطبيق ذلك وتنزيله!
وكذلك تراهم -غفر الله لهم وعفا- يتحايلون على طلب المعاذير من هنا وهناك، ويتلقَّفونها من ذات اليمين وذات الشمال، ويتكلَّفون كثيرًا في سبيل ذلك؛ تخريجًا وتأويلًا وتبريرًا؛ لأجل إعذار من وقع وقوعًا صريحًا في المُخالفة!
بينما من اجتهد في تنزيل الأحكام وتطبيقها، على واقعٍ حصل، وفاعلٍ فعَل؛ فهذا مطرود عن ملكوت المعاذير، خارج عن جنّة التأويل والتبرير!
بل حتى هذا الذي يُخالفهم بالأناة والموعظة الحسَنة، وعنده من السَّعة ما يتحمّل اختلافهم؛ ما له في هذه الجِنان من نصيب!
مع أن الأصل والأوْلَى:
هو الْتماس العُذر للمُجتهد في تطبيق الأحكام بحقّها؛ فهو أولى ممّن قارفَها ولم يعبأ بها!
يقول ابن القيّم رحمه الله، في زاد المعاد: "إن الرجل إذا نَسب المسلمَ إلى النفاق والكفر متأولًا، وغضبًا لله ورسوله ودينه، لا لهواه وحظّه؛ فإنه لا يكفر بذلك، بل لا يأثم به، بل يُثاب على نيَّته وقَصده.
وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع؛ فإنهم يُكفرون ويُبدعون لمخالفة أهوائهم ونِحَلهم، وهم أولى بذلك ممن كفَّروه وبدَّعوه".
وأكرِّر نصيحتي السابقة لنفسي ولإخواني -وأنا في مقام طالب علم لا مُتحزّب لجماعة غير جماعة المسلمين، ولا مُتحيِّز لفئة غير عوامّ الموحّدين، ولا هو مقام تزكية- أقول: لا تُحزِّبوا العلم، ولا تَحصروا قضاياه الكبرى، في خندق فئةٍ أو جماعة تُخالفونها!
فإنَّ هذا على العلم وأصوله؛ من الخطر بمكان!
لأن العلم قديم، والمسائل ثابتة عند غير مُخالفيك والجماعة اللي مزعلاك!
فإمّا تُهدِر أصول المسائل، وجميع الرؤوس القائلين بها .. أو تُنكِر المُمارسات وفقط!
أمّا غير ذلك .. فهو التعدِّي نفسه، والجَور عينه!
فلا تثريب عليكم .. اجتهدوا وحقِّقوا واجهروا بما تدينون به لله!
لكن عليكم كذلك: بسط العلم للناس، ونشر المسائل بتفاصيلها، وتفنيد شُبهها تفنيدًا علميًّا لائقًا، يقطع الأعذار، ويُقيم الحجَّة، ويهدي إلى صراطٍ مستقيم!
فإنما العلمُ ما ثبتَ وقَرّ .. لا ما فتَن وفرَّ!
فيا كِرام .. أقسِطوا، وإذا قُلتم فاعدِلوا!
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55].