(41) وحدث في صلاة العيد

أم هانئ

فما إن شرعنا نكبر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا إلا وانتهرتنا بعض النسوة انتهارا كبيرا!

  • التصنيفات: تربية النفس - قصص مؤثرة -

 تقول صاحبتنا:

وصلنا الحرمَ المكيَّ قبيل صلاة الفجر، وآثرنا التزام الساحة، وصلينا الفجر فيها جميعًا براحة، وانتظرنا صلاة العيد، وقلوبنا في توق لتلك الصلاة شديد: توق إلى تكبير يزلزل الأرجاء؛ حداني لكثرة الجموع بذلك الرجاء.

تصورت بعين الخيال، تكبيرًا يليق بمقتضى الحال، ولكن سوء الواقع دائمًا يغتال جميل الخيال! رغم الحشود العظام، إلا أن المكان ساده صمت تام، وكأن القوم صاموا عن التكبير والكلام! (1)، وزاد الطين بلة، من أمسك بمكبر الصوت يكبر بفتور شديد يكرر التكبير بعد فترات طوال من السكون والصمت! (2)، فنظرنا إلى بعضنا في عجب كبير، واتفقنا على أن نجهر نحن النسوة في وسط النساء بالتكبير! ليس تكبيرًا جماعياً بصوت واحد، ولكن تجهر كل منا بالتكبير وحدها عملاً بالسنة.

فما إن شرعنا نكبر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا إلا وانتهرتنا بعض النسوة انتهارًا كبيرًا!
- قلن: لا تفعلن فمن يمسك بمكبر الصوت يكبر عنا.
- قلنا: غفر الله لكن ولنا، ظننا أن اعتراضكن سيكون على سماع الرجال أصواتنا رغم بعدهم عن مكاننا.
- قلن بعجب: لا ليس ذلك، فتكبيركن السبب!
- فسألنهن: إذن نساؤكن لا تكبّر، فلماذا الرجال كذلك لا تفعل؟! ألم يقل تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185].

- فلم يُحِرنَ جوابًا؛ فأبدينا وجومًا واكتئابًا! واضطررنا إلا التكبير همسًا، وزادنا صوت من يحمل مكبّر الصوت فتورًا ويأسًا! وبعد انتهاء الصلاة وخطبتي العيد، انصرفنا في وجوم وإحباط شديد؛ أهذه صلاة العيد في الحرم المكي؟! فما بالنا كنا ننقم على صلاة عيدنا في مسجد الحي!

ويتبـع بإذن الله.
_____________________________________________
(1) ما يشرع لمن أتى مصلى العيد  
لاحظت أن بعض الناس عندما يأتي لصلاة العيد يصلي ركعتين، وبعضهم يشتغل بالتكبير (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد) أرجو توضيح حكم الشرع في هذه الأمور، وهل هناك فرق بين كون الصلاة في المسجد أو في مصلى العيد؟
السنة لمن أتى مصلى العيد لصلاة العيد، أو الاستسقاء أن يجلس ولا يصلي تحية المسجد، لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما نعلم إلا إذا كانت الصلاة في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» (متفق على صحته) .

والمشروع لمن جلس ينتظر صلاة العيد أن يكثر من التهليل والتكبير ، لأن ذلك هو شعار ذلك اليوم ، وهو السنة للجميع في المسجد وخارجه حتى تنتهي الخطبة . ومن اشتغل بقراءة القرآن فلا بأس . والله ولي التوفيق .
(كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: م: [13] ص: [13]).

(2) آداب العيد  
ما هي السنن والآداب التي نفعلها عليها يوم العيد؟
من السنن التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي:
3- التكبير يوم العيد : وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

وعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا: نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى". قال وكيع يعني التكبير (انظر إرواء الغليل [3/122]).

وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يخرج الإمام .

وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال :" كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا" (انظر إرواء الغليل [2/121]). 

ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمراً مشهوراً جداً عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي شيبة و عبدالرزاق والفريابي في كتاب (أحكام العيدين) عن جماعة من السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول: ألا تكبرون.

وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول: "كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام".
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد . وأما في الأضحى فالتكبير يبدأ من أول يوم من ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

- صفة التكبير:
ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد . ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير.
وروى المحاملي بسند صحيح أيضاً عن ابن مسعود : "الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ ، الله أكبر ولله الحمد" (أنظر الإرواء: [3/126]).