(14) الجهاد تأصيل وأحكام

أبو فهر المسلم

  • التصنيفات: فقه الجهاد -


ليس كلّ عجزٍ يَصلُح عذرًا .. !
فالجهادُ مُتعيّن على الدوام، إما بإقامَته، وإما بالإعداد له !
والدعاء ونُصرة القلب؛ ذلك أضعف الإيمان !

قال ابن تيمية رحمه الله :
( فإن الأئمة مُتفقون؛ على أنه لا بُد في المُتولّي - الأمير والحاكم - من أن يكون عدلًا، أهلًا للشهادة ... ومع أنه يجوز توليةُ غير الأهل للضرورة، إذا كان أصلحَ الموجود؛ فيجبُ مع ذلك؛ السعيُ في إصلاح الأحوال، حتى يَكمل في الناس ما لا بُد منه، من أمور الولايات، والإمارات ونحوها، كما يجب على المُعسِر؛ السعيُ في وفاء دَينه، وإن كان في الحال؛لا يُطلب منه إلا ما يَقدر عليه.
وكما يجبُ الاستعدادُ للجهاد؛ بإعداد القوة، ورباط الخيل، في وقت سقوطه للعجز؛ فإن ما لا يتمّ الواجبُ إلا بِه؛ فهو واجب ).
[انظر: السياسة الشرعية]
قلتُ :
فمَصلحةُ الجهاد للإسلام والمسلمين؛ مصلحةٌ ضرورية حياتيّة مُتعيّنة، وهو لازمٌ لبقاء الأمّة والدّين، واستقامة أحوال البلاد والعباد، وإقامة توحيد الله وحاكميّته في الأرض !
وإلَّا لذهبَ دينُ المسلمين ودنياهم، وصاروا رقيقًا في هذا العالَم، كما هو مُشاهَد اليوم في كل قُطرٍ مُستضعَف من بلاد المسلمين هنا وهناك.
فلا عُذر بحالٍ لهذه الأمّة، متى قعدَت عن الجهاد !
ومتى سَقط الواجبُ بالأداء لعَجزٍ؛ انتقل إلى واجب السَّعي والإعداد .. !
فلا انفكاك عن الوجوب بحال !
وليس أقلّ في ساعة العَجز، من حديث القَلب وثباته ونُصرته.. وإلَّا فاتَّهِم دينَك وإيمانَك، فقَد غرَّك إبليس؛ ببعض المُسكّنات، وما يرتَضيه هوَاك !
قال ابنُ القيّم رحمه الله :
( وتكلَّم يحيى بن معاذ الرازي، يومًا في الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فقالت له امرأة: هذا واجبٌ قد وُضع عنَّا ! فقال: هَبي أنه قد وُضع عنكنَّ، سلاحُ اليد واللسان .. فلَم يُوضع عنكنَّ سلاحُ القلب ! فقالت: صدَقتَ جزاك الله خيرًا. وقد غَـرَّ إبليسُ أكثرَ الخلق؛ بأن حسَّن لهم القيامَ، بنوعٍ من الذِّكر والقراءة والصلاة والصيام، والزُّهد في الدنيا والانقطاع، وعطَّلوا هذه العبوديات - الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - فلَم يُحدِّثوا قلوبَهم بالقيام بها ! وهؤلاء عند ورثة الأنبياء؛ مِن أقلّ الناس دينًا، فإن الدّين؛ هو القيام لله بما أمر به ! فتَارك حقوق الله، التي تجب عليه؛ أسوأ حالًا عند اللهِ ورسولهِ مِن مُرتكب المعاصي ).
[انظر: إعلام المُوقِّعين]
قلتُ :
فلئِن غرَّ إبليسُ أكثر الخَلق بشيءٍ من العبادات، ليصدّهم بذلك عن الجهاد الحقّ الذي هو ذروة سنام الإسلام وعموده؛ فكيف بمَن غرَّتهم: ديمقراطيةٌ عوراء، أو مدنيةٌ نكراء، أو مؤتمراتٌ رنَّانة، أو مُفاوضاتٌ هزيلة، أو تنازلات مَقيتة، أو سَلْك طُرق الغرب الخسيسة .. ؟! لا شكّ أن هؤلاء أسوأ حالًا وأضلّ سبيلًا !
فعَلى كلِّ عاقلٍ راشد : 
أن يَبذُلَ جُهدَه، ويَستفرغَ وُسعَه؛ في السَّعي لتمكين هذه الأمَّة، وعُلُوّ دينها، ورفع رايتها، وكيفية ذلك وآلاته، والوصول إليه، مع ما يستطيعُه من عبادةٍ وأسباب .. !
وعلى رأس ذلك: الجهاد في كلّ صُوَره وأشكاله ومعانيه و( بضوابطه الشرعية) .. !
ونحن كذلك علِم اللهُ الذي في السماء .. !
مُستَبشِرون رغْم الألَم، وكلّما نالَنا من أعدائنا، نَيلٌ، أو أذًى، أو قَتلٌ، أو حزَن؛ تباشَرنا ولله الحمد، بكلّ خير لأمّتنا، وديننا، ومُجاهدِينا، ومَظلومينا، ومُستضعفينا، ونحن على يقينٍ تامّ بوَعدِه سبحانه :
{ فعسَى الله أن يأتيَ بالفتحِ أو أمرٍ مِن عِنده }.
كان الله للإسلام وأهله .. !
أبوفهر المسلم