[1] الأذان
سهام علي
فالأذان تلخيصٌ لدعوة الإسلام؛ لأنه متضمن للشهادتين، والإسلام كله قام على أساسين عظيمين: أن يُعبد الله وحده، وتلك شهادة أن "لا إله إلا الله"، وأن يُعبد بما جاء به رسوله -صلى الله عليه وسلم- وتلك شهادة أن "محمداً رسول الله"، فالإسلامُ بناءٌ يقوم على أركانٍ خمسةٍ، أولها الشهادتان.
- التصنيفات: الأذكار -
الأذان شرعًا
الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
الحكمة من مشروعية الأذان
الإعلام بدخول أوقات الصلوات، لتنبيه الغافل، وتذكير الناسي، وتعليم الجاهل. ليكون من شعائر الإسلام الظاهرة، يتميز البلد المسلم عن غيره، فبه تذكير متكرر لجميع الناس ألا تشغلهم الدنيا ومتاعها الفاني عن تلبية أمر الله.
معاني كلمات الأذان
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى- وغيره: "أعلم أن الأذان على قلّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمّن وجود الله تعالى ووجوبه، وكماله، ثم ثنَّى بالتوحيد ونفي الشريك بقوله أشهد أن لا إله إلا الله، ثم ثلّث بالشهادة برسالة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم ناداهم لما أراد من طاعته المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم في الجنة، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً".
فقوله: "الله أكبر": أي أكبر من كلِّ شيء، أو أكبر من أن يُنسَبَ إليه مالا يليق بجلالِهِ، أو هو بمعنى كبير، غير أنه لا يمكن ولا يجوز مقارنته بأحد.
وقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله": أي اعلم أنه لا معبود بحق إلا الله وأقر أنه هو وحده المستحق لذلك.
وقوله "أشهد أن محمداً رسول الله": أشهد أن محمداً رسول الله حقّاً، فهو من جهة ليس إلهاً، وليست فيه أي صفة من صفات الألوهية، ومن جهة ثانية: ليس كذاباً، ولا ساحِراً، ولا كاهناً، ولا مجنوناً، فالذي يشترك فيه مع الناس هو البشرية، والذي يتميز به عنهم هو الوحي والنبوة، ما قال سبحانه: {قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ} [فصلت من الآية:6].
وقد قامت على صدق نبوته دلائل كثيرة: فمنها صفاته، ومنها معجزاته، ومنها نبوءاته، ومنها البشارات به في الكتب السابقة، ومنها ثمرات دعوته في الأرض، إلا أن أعظم آية تشهد له بالنبوة هي القرآن الكريم، قال الله تعالى: {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ} [الحاقة:43].
وقوله: "حي على الصلاة": أي أقبلوا إليها، أو أسرعوا.
وقوله: "وحي على الفلاح": الفوز والبقاء؛ لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله، فيبقى فيها ويُخلَّد، والدعوة إلى الفلاح معناها: هلموا إلى سبب ذلك.
وختم بـ"لا إله إلا الله": ليختم بالتوحيد وباسم الله تعالى، كما ابتدأ به.
فالأذان تلخيصٌ لدعوة الإسلام؛ لأنه متضمن للشهادتين، والإسلام كله قام على أساسين عظيمين: أن يُعبد الله وحده، وتلك شهادة أن "لا إله إلا الله"، وأن يُعبد بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم وتلك شهادة أن "محمداً رسول الله"، فالإسلامُ بناءٌ يقوم على أركانٍ خمسةٍ، أولها الشهادتان.
وكما في الأذان: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ففيه: حي على الصلاة، حي على الفلاح، والصلاة من أولها إلى آخرها تصديق عملي بالشهادتين وتلك شهادة "أن محمداً رسول الله".
حي على الصلاة، حي على الفلاح
هاتان الجملتان تعقبان الشهادتين في الأذان، وذكر الصلاة عقب الشهادتين يُوافِقُ الترتيبَ الذي رتبت به أركان الإسلام، وحيثُ إنَّ الإنسان مجبولٌ على تقديم العاجلة على الآجلة، وتفضيل النقد على النسيئة، وبما أن الدنيا عَرَض حاضر، والآخرة وعد صادق، فالدُّنيا يراها والآخرة يسمع عنها، فالذي يحدثُ -غالباً- هُو انشغالُ الإنسان بما يَرَى عمَّا يسمعُ، والإقبال على العرض الحاضر، والغفلة عن الوعد الصادق، فيأتي في الأذان "حي على الصلاة، حي على الفلاح"؛ لينادي على الناس في أسواقهم يبيعون ويشترون، أو في أعمالهم يصنعون ويعملون، أو في بيوتهم يأكلون ويشربون، أن يؤثروا الحياة الآخرة على الحياة الدنيا، كما أمرهم الله.
فنداء المؤذن: "حي على الصلاة، حي على الفلاح" عند كل صلاة إعلان عن وسطية الإسلام، وجمعه بين الدين والدنيا، فالمسلم في عبادة قبل الحضور إلى المسجد، وهو في عبادة عندما يحضر بعد سماع الأذان، وهو في عبادة عندما ينصرف بعد الصلاة إلى أشغاله وأعماله.
ما يقول مَن يسمع المؤذّن
1. يقول مِثْل ما يقول المؤذّن، إلاَّ في الحيعلتين: "حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح"، فإِنَّه يقول: لا حول ولا قوّة إلاَّ بالله، كما في حديث أبي سعيد الخدريّ: «البخاري [611]).
وسبب الحوقلة هو أن الإنسان ليس بيده شئء بما فيها التلبية والإقبال على الصلاة لنيل الفلاح إلا بحول الله وقوته وليس له من الأمر شئ.
2. أن يصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، بعد الانتهاء من الأذان، ثمَّ يسأل الله عزّ وجلّ له الوسيلة، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «
» (أخرجه مسلم [847]).وعن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
» (أخرجه البخاري [614]).قال ابن عثيمين في (الشرح الممتع) معلقاً على الحديث [2/87-88]: "وقوله: «
»، الدعوة التامة: هي الأذان؛ لأنه دعوة، ووَصَفَها بالتَّامة؛ لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده، والشهادة بالرسالة، والدعوة إلى الخير.قوله: «العلماء: التي ستقام فهي قائمة باعتبار ما سيكون.
»، أي: وربَّ هذه الصَّلاة القائمة؛ والمشار إليه ما تصوَّره الإنسانُ في ذِهنه؛ لأنك عندما تسمع الأذان تتصوَّر أنَّ هناك صلاة، و« »: قالقوله: «
»، آتِ: بمعنى أعطِ، والوسيلة: بيَّنها الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أنها: « »، قال: « »، ولهذا نحن ندعو الله ليتحقَّق لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما رجَاه عليه الصَّلاة والسلام.وأما «
»: فهي المَنْقبَة العالية التي لا يشاركه فيها أحد.قوله: «يوم القيامة « » أي: في مقام محمود الذي وعدته، وهذا المقام المحمود يشمل كلّ مواقف القيامة، وأَخَصُّ ذلك الشفاعة العُظمى، حينما يلحق الناس من الكرب والغَمِّ في ذلك اليوم العظيم ما لا يُطيقون، فيطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم الصَّلاة والسَّلام، فيأتون في النهاية إلى نبيِّنا محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام فيسألونه أن يشفع إلى الله فيشفع لهم".
»، ابعثه