هل تعود أوروبا إلى عصور الاضطهاد والعنصرية؟!
طعنها 16 طعنة في ثلاث دقائق أمام زوجها وابنها الذي لم يتجاوز من العمر 4 سنوات.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
هل تعود أوروبا إلى عصور الاضطهاد والعنصرية بعد النمو السريع لأحزاب اليمين المتطرف؟!
من المؤكد أن اختيار عمدة مسلم لمدينة من أكبر المدن الأوروبية مثل لندن كان علامة كبرى على تغلب التسامح واحترام العقائد والمعتقدات الأخرى على الاضطهاد، ولكن هذا العمدة أثناء خوضه الانتخابات قد واجه العديد من الاتهامات وحملات التشويه من أبرزها حملة منافسه (لا تتركوا لندن في أيدي من يدعم الإرهاب!) الذي ينتمي إلى الفكر اليميني المحافظ.
وأما عن الصيدلانية المصرية مروة الشربيني التي قتلت في قاعة محكمة بمدينة ديرسين بألمانيا عام 2009 التي طُعنت على يد المواطن الألماني ذي الأصل الروسي أليكس دبليو الذي طعنها 16 طعنة في ثلاث دقائق أمام زوجها وابنها الذي لم يتجاوز من العمر 4 سنوات, الحادثة التي وصفها وزير الداخلية الألماني آنذاك فولفجانج شويبله بأنها عمل جبان ذو دوافع يمينية متطرفة.
ما هو اليمين المتطرف أو أقصى اليمين؟
هم الذين غالبًا ما ينطوي فكرهم على التركيز على العادات الوطنية دون السياسة, وأيضًا يفضلون التقاليد التي تنتمي إلى هويتهم على مظاهر الحداثة والعولمة، وهم أيضًا رافضون لكثير من أشكال الليبرالية والاشتراكية ولذلك ستجدهم معارضين دائمًا لفكرة انسياب الأجانب بينهم بل أيضًا قد يصل بهم الأمر إلى العنصرية ضد كل ما هو جديد سواء كان دينًا أو فكرًا أو نظامًا اقتصاديًا واجتماعيًا, وأي مظهر لا ينتمي إلى هويتهم الأصلية التي نشؤوا عليها.
ما هي أشهر الأحزاب التي تنتمي بشكل كامل إلى أقصى اليمين في أوروبا؟
النمسا: حزب الحرية
تأسس هذا الحزب على يد مجموعة من النازيين السابقين عام 1956 وهو معروف بسياسته المناهضة للمهاجرين، وهم يعتبرون السوريين واللاجئين المسلمين خطرًا على حضارة أوروبا المسيحية, وفي أحد التصريحات لصحيفة نيويورك تايمز قال هاينز كريستيان رئيس الحزب: "نحن لا نريد أسلمة أوروبا, نحن لا نريد الهلاك لثقافتنا المسيحية الغربية".
لطالما كانت إشكالية الخطر من المهاجرين إلى النمسا وضررهم على الاقتصاد والثقافة والأمن هي تيمة حزب الحرية اليميني لفوز الانتخابات، وقد حقق الحزب نتائج متقدمة في الدورات البرلمانية الأخيرة, حتى إن الحزب كان قاب قوسين أو أدنى منذ أيام قليلة أن يكون أول حزب في أوروبا ينتمي إلى أقصى تيار اليمين يفوز مرشحه ويصبح رئيسًا للدولة، ولكن نوربرت هوفر مرشح الحزب خسر لصالح مرشح الحزب الأخضر أليكسندر فان دير بفارق لا يتجاوز 0.6% من مجمل الأصوات, وهي النتيجة التي توضح مدى تأثير حزب الحرية اليميني على اختيارات الشعب السياسية في النمسا.
فرنسا: حزب الجبهة الوطنية
كانت لهجمات باريس العام الماضي والتي راح ضحيتها قرابة 130 شخصًا أثرٌ بالغ على الانتخابات الإقليمية في فرنسا إذ إن حزب الجبهة الوطنية اليميني المعروف بمواقفه ضد المهاجرين والمسلمين استطاع أن يحقق 28% فوزًا من مجمل الأصوات وهي نتيجة تاريخية لم يحققها هذا الحزب منذ أن تأسس في منتصف القرن الماضي.
في أكتوبر الماضي مثلت ماري لوبين زعيمة الحزب أمام المحكمة في ليون لكي تواجه اتهامًا بنشر الخطب العنصرية والتفريق بين الناس على أساس دينهم، عندما تحدثت في إحدى خطبها وشبهت صلاة الجماعة للمسلمين بالتجمعات النازية, مما دفع مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني الفرنسية التي تعمل ضد العنصرية وانتهاك حقوق الإنسان لتقديم مذكرة اتهام ضدها في محكمة ليون.
ومن الجدير بالذكر أن ماري دو لوبين ستخوض الانتخابات الفرنسية القادمة لعام 2017 ضد كل من نيكولا ساركوزي الرئيس السابق، وفرنسوا أولاند الرئيس الحالي.
المجر: حزب تحالف الديمقراطيين الشبان
وكان المشهد المفطر للقلب حينما ألقى لاجئ سوري بنفسه ومعه زوجته وطفله على شريط القطار في المجر تهديدًا بالانتحار اعتراضًا على منع الشرطة لهم من المرور إلى النمسا, فرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والذي ينتمي إلى حزب تحالف الديمقراطيين الشبان من أشد المعارضين لاستقبال عدد كبير من اللاجئين إلى أوروبا خوفًا على تغير القيم والتقاليد، بجانب الجانب الأمني والاقتصادي, وفي أحد الحوارات الصحفية قال: "أنا أب لأربع بنات لا أريدهن أن يكبرن في عالم يحدث فيه ما حدث في كولون".
اتهامًا منه للاجئين السوريين بالتسبب بحوادث التحرش الجماعي التي حدثت في كولون خلال احتفالات أعياد الميلاد, التهمة التي برأت الشرطة الألمانية السوريين منها.
بعد العمل الإرهابي في مجلة شارلي إيبدو الفرنسية, استغل رئيس الوزراء المجري حملة #أنا_شارلي، لشن حملة ضخمة ضد المهاجرين الأجانب وبخاصة المسلمين, تهديدًا منه بأن المهاجرين سوف يقومون بتغيير قيم المتجمع الغربي الأوروبي وثقافته.
ألمانيا: حزب البديل من أجل ألمانيا
كانت حفاوة استقبال الألمان للاجئين السوريين من أروع المشاهد الإنسانية على الإطلاق, إذ أن ألمانيا استقبلت دون غيرها من دول أوروبا ما يقرب من مليون لاجئ سوري ووفرت لهم سبل العيش والأمان, ولكن سرعان ما تعالت الأصوات اليمينية المتطرفة في ألمانيا والتي تندد بسياسة المستشارة الألمانية ميركل في تعاملها مع أزمة اللاجئين السوريين, وكان أبرز هذه الأصوات هو حزب البديل من أجل ألمانيا.
تأسس هذا الحزب عام 2013 بوصفه حركة مناهضة لعملة اليورو، وعلى الرغم من حداثة تأسيسه إلا أنه استطاع استغلال حوادث التحرش الجماعي التي حدثت في مدينة كولون في احتفالات أعياد الميلاد السابقة سببًا يستطيع به جذب كل مواطن ألماني ضد المهاجرين، وسياسة الانفتاح والتعامل الجيد مع اللاجئين السوريين, مما جعله يحقق نتيجة كبيرة وصلت إلى 25% في انتخابات ثلاث ولايات في شهر مارس الماضي, بالإضافة إلى ذلك صدر عن هذا الحزب بيان معادٍ للإسلام بعنوان (الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا).