السلطان والجهاد والمال
أبو فهر المسلم
فالعزّ والتمكين بالجهاد لا غير!
وإلا كان الأمر هزلًا ولعبًا، لا يليق بأمّة التمكين!
فأمّة بغير جهاد .. سفينةٌ تجري على يَبس!
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
إفاقَة ومَعذرة إلى الله .. لعلَّ قومنا يُفيقون ويتَّقون!!
لو كان تَضرُّعُك وتَعبُّدُك، وتَنسُّكُك وتَزهُّدُك، وصلاتُك وصيامُك، وذِكرُك وقيامُك، وعِلمُك وقَلمُك، ولسانُك وبيانُك!
لو كان هذا كافيًا في نُصرتك على عَدوِّك، دون سلاحِك وسهمِك، وسنانك وسيفِك؛ لنصر اللهُ قَبلك مَن هو خيرٌ منك، وأعلم بالله، وأشدّ له خشية، وأكثر طاعةً وعبادة .. محمدًا صلى الله عليه وسلم، وصحبَه، ولكفاه اللهُ مؤنةَ الجهاد والحرب والعِراك!
ولكنّه عليه السلام؛ حمَل سيفَه، ونصبَ قوسَه، وشدَّ سهمَه .. وشُجَّ وجهُه، وجُحشَت ركبتُه، وكُسِرت ربَاعِيَتُه -إحدى أسنانه-!
فجَمع كما أُوحي إليه: بين جهاد النفوس وتزكيتها وتثبيت دعائم إيمانها، وبين جهاد أعداء الله سيفًا وسلاحًا، وتحرّكًا واقعًا!
وعليه .. فاعْلَم أن النصرَ من عند الله، وما عند الله لا يُنال إلَّا بطاعتِه، وكلُّ سبيلٍ للنَّصر، غير سبيل المؤمنين المُجاهِدين؛ فلَن يكون به نصرٌ أو تَمكين؛ لأنه ليس السبيل الذي يرضاه ربُّ العالمين، بل هو مارضيناه نحن لأنفسنا وصدق الله: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال من الآية:7].
وليس الشأنُ مايُرضيك .. إنما الشأن مايُرضيه!
والذي يُرضيه تعالى هو:
المُدافعَة .. والمُماحقة .. والمُصاولة .. والمُقاتلة .. والمُجاهَدة؛ للظالمين والكافرين .. دفعًا وطلبًا، علمًا وعملًا!
{إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة من الآية:11].
وهذا هو الصراطُ المُستقيم، والسبيلُ القويم، الذي يَرضاه اللهُ ربُّ العالمين .. وغير هذا السبيل؛ سبيل المغضوب عليهم والضّالين!
= قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وهاتان السبيلان الفاسدتان: سبيل من انتسَب إلى الدِّين، ولم يُكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال .. وسبيل مَن أقبل على السلطان والمال والحرب، ولم يقصد بذلك إقامة الدين؛ هما سبيل المغضوب عليهم والضالين" (مجموع الفتاوى).
= وقال أيضًا رحمه الله: "فإن قوام الدين؛ بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، كما ذكَره الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد من الآية:25].
فعَلى كلِّ أحدٍ؛ الاجتهادُ في اتفاق القرآن والحديد، لله تعالى، ولطلب ما عنده؛ مستعينًا بالله في ذلك".
= وكذا قال ابن كثير رحمه الله، في تفسيره: "فلما قامَت الحُجَّة على مَن خالف؛ شرعَ الله الهجرةَ، وأمرَهم بالقتال بالسيوف، وضرْب الرقاب والهامّ، لمن خالف القرآن وكذَّب به وعانده .. قال جابر: أُمِرنا مَن خالف كتابَ الله؛ أن نَضربَه بالسَّيف".
= وكذا قال السعدي رحمه الله في تفسيره: "وقرَن تعالى في هذا الموضع بين الكتاب والحديد؛ لأن بهذين الأمرين ؛ يَنصر الله دينَه، ويُعلِي كلمتَه، بالكتاب الذي فيه الحُجة والبرهان، والسيف الناصر بإذن الله".
فالعزّ والتمكين بالجهاد لا غير!
وإلا كان الأمر هزلًا ولعبًا، لا يليق بأمّة التمكين!
فأمّة بغير جهاد .. سفينةٌ تجري على يَبس!
أمّة بغير جهاد ؛ كجُندٍ بغير عتاد .. كحديثٍ بلا إسناد .. كعِلمٍ بغير كتاب .. كأُسْدٍ بلا أنياب! الكلُّ .. ساقطٌ هاوٍ، لا قدْر ولا حساب!
ومن تطلّب للأمّة عزًّا وتمكينًا، بغير جهاد؛ فلاهٍ عابث .. كمَن يطلب سقفًا بغير عماد!
وأفٍّ لآخر .. ينتظر لها تمكينًا في حِضن الكلاب!
أفيجوز يومًا؛ أن تحمي الغنمَ الذئاب؟!