أين بضاعتك...؟!
أسماء محمد لبيب
عباد وإماء الله... توضؤوا.. وشدوا المآزر... وأيقظوا القلوب.. وجافوا المضاجع..
واسعوا فيما بقي من رمضان، سَعْيَ أمِّ إسماعيل وراء ماء الحياة في القفار.. فلا زالت السوق مقامة لمن يرجون تجارة لن تبور...
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
سؤال يعرف جوابه الصغير قبل الكبير...
- أولئك التجار أصحاب مكتبات الأدوات المدرسية الشهيرة والبائعون المنتشرون على الأرصفة في كل مكان منذ بداية شهر أغسطس وربما قبله بأسبوعين، ماذا يفعلون؟
الجواب: يعرضون بضاعتهم استجلابا للزبائن بالتزامن مع "موسم" المدراس الوشيك، فتسمع صيحاتهم الطريفة المروجة لبضاعتهم، ,تراهم قد أعدوا نداءات جذابة تتبارى في التنافس على "نقود" أكبر قدر من أولئك "الزبائن"، فتارة هنا تسمع "أيوة البرايات اللي بتسلم ع القلم المبري، خدي يا مدام لعيالك وعليهم واحدة هدية"... وتارة هناك تسمع "أيوة الاساتيك اللي بطعم الفراولا"، وترى أصحاب المكتبات الكبرى وقد علقوا لوحات ضخمة في الميادين عليها عروض وخصومات لنفس الغرض، إلى آخر تلك الوسائل التي استعدوا بها للموسم.. أليس كذلك؟
- محلات بيع الملابس ولعب الأطفال، منذ بداية شهر شعبان تقريبا، كيف ترون حالهم؟
الجواب: بيبدؤون في تجهيز "أوردرات" البضاعة ويدرسون متطلبات وميول الأسواق جيدا قبلها بأشهر ليتمكنوا من التخطيط جيدا لـ"موسم" التجارة حتى يحققوا أعلى عائد من الأرباح.. أليس كذلك؟
- بائعو الخراف والعجول، من بعد أن ينتهي عيد الفطر بأيام قلائل وحتى قدوم عيد الأضحى، ماذا نرى حالهم؟
الجواب: نراهم بأعيننا قد انتشروا في الشوارع يعبرون الطريق أمامنا بخرافهم وعجولهم، يسوقونهم صوب كل المراعي الخضراء المتوفرة، يتنقلون من مكان لمكان لتسمين ماشيتهم بقدر يجعلها تملأ العين والمعدة في "موسم" الأضاحي فتمتليئ جيوب التجار بالنقود.. أليس كذلك؟
فلِم كل ذلك؟
الإجابة يا إخوتي: لأن تلك الأوقات من العام تسمى "مواسم".. تنشط فيها التجارة للذروة، وتمتلئ فيها جيوب التجار المهرة..يتأهب لها من العام للعام كل تاجر حاذق ماهر خبير..
لو رأيتم تاجرًا من هؤلاء، طوال العام يبيع قطعة أو اثنتين بكسل ولا مبالاة بحجة أن: "الموسم لم يحن بعد، وأنا أوفر مجهودي وطاقتي للموسم، حتى أنزل السوق التي ستقام حينها بكل ثِقلي، فأعوض خسارتي كلها".. ثم رأيتم نفس هذا التاجر في ذاك "الموسم" قد أغلق دكانه أو قام بتحويله إلى بيتٍ للحمام والعصافير أو مخزنٍ للقش مثلا، لأنه بالطبع لم يستعد للموسم ببضاعة كما كان متوقَّعا، مع أنه يعلم موعد الموسم باليوم والساعة والدقيقة والثانية...!
ترى كيف يكون حكمكم على هذا التاجر؟ عاقل و حاذق وفطن؟ أم مجنون عافانا الله من الجنون؟
تُرى الرسالة قد وصلت؟
صدق الذين قالوا: "رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر"..!علمتم الآن لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه الترمذي وصححه الألباني).
إخوتي في الله... {قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيرٌ مِنَ الَّلهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة:11].
إخوة الإيمان... {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة}[التوبة:111]
عباد وإماء الله... توضؤوا.. وشدوا المآزر... وأيقظوا القلوب.. وجافوا المضاجع..
واسعوا فيما بقي من رمضان، سَعْيَ أمِّ إسماعيل وراء ماء الحياة في القفار..
فلا زالت السوق مقامة لمن يرجون تجارة لن تبور...
والعشرُ طرقت الأبواب.. وفيها ليلة القدر.. وتلكمُ ذروة الموسم..
أجل.. تلكمُ ذروة الموسم........ فأين بضاعتك؟