الموت للصهاينة ومن والاهم إلى يوم الدين!

ياسمينة صالح

ما ارتكبته الصهيونية اليهودية الدولية المتعجرفة، لم يكن جديدا، ولا
مفاجئا، فقد فعلوا أكثر من هذا طوال أكثر من سبعين عاما، شرّدوا،
وأحرقوا، وقتلوا، وحاصروا، وجوّعوا. لكن المدهش أن تتم نفس الجريمة
إزاء "تنديد" عربي وإسلامي شبه صامت، وإزاء تفرّج كامل

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -


ما ارتكبته الصهيونية اليهودية الدولية المتعجرفة، لم يكن جديدا، ولا مفاجئا، فقد فعلوا أكثر من هذا طوال أكثر من سبعين عاما، شرّدوا، وأحرقوا، وقتلوا، وحاصروا، وجوّعوا. لكن المدهش أن تتم نفس الجريمة إزاء "تنديد" عربي وإسلامي شبه صامت، وإزاء تفرّج كامل للمجتمع الدولي! المدهش أن الدول التي تتكلم عن القانون الدولي، وعن حقوق الأقليات في الدول الأخرى، هي نفسها التي تبرر اليوم الجريمة الصهيونية، عبر وصف رحلة سفينة الحرية إلى غزة "بالعملية الانتحارية من أساسها" كما قال وزير خارجية فرنسا، ومثلما قالت الصحف الإيطالية، وكما فعلت الصحف البريطانية التي بررت بشكل فاضح هذه الجريمة بالقول: من حق إسرائيل أن تحمي مياهها الإقليمية! فمتى يكون للمسلمين الحق في حماية أنفسهم إذا؟


دموع أردوغان، واختباء العرب الرسميين!
عندما خرج تقرير غولدستون إلى النور، ثارت ثائرة الصهاينة ومن والاهم، بمن فيهم رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس"، وكذلك " محمد الدحلان" الذي حرض المواقع الإلكترونية المحسوبة عليه بالسخرية والتقليل من قيمة التقرير مع أنه لم يصدر عن جهة فلسطينييه، بل عن هيئة أممية لم تستطع أن تخفي آثار الجرائم الفظيعة المرتكبة ضد المدنيين في غزة، ولم تستطع أن يمسح غبار " الفسفور" عن وجوه الضحايا، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، وإن صدم الكثير من الأوروبيين أن يتم "إخفاء" الحقائق من قبل بعض الفلسطينيين أنفسهم، إلا أن الجريمة كانت أكبر من مجرد إخفائها في ملف أسود! كان التقرير أشبه بالفرصة لإدانة رسمية لكيان دخيل، أصبح مع الوقت يشكل خطرا ليس على الفلسطينيين فقط، بل على الأمة العربية والإسلامية جمعاء، بل وعلى العالم كله، فبقاء التوترات، والنعرات الحربية في الشرق الأوسط سببه الصهاينة الذين اكتشفوا قبل ثلاثين سنة على لسان الصهيوني "شامير" أنهم لا يستطيعون إدارة "دولة" في وضع آمن، بل يجب أن يحرّكوا دفة الحرب، وأن يدقوا النواقيس، لأجل إثارة الخوف، وبالتالي خلق توازن بين السياسة وبين الأداة الحربية لأجل مكاسب مادية وسياسية كثيرة (الدعم العسكري المطلق من أمريكا والمالي من الإتحاد الأوربي)!

الصهاينة الذين شنوا حربا فظيعة ضد سكان غزة، فعلوا ذلك لأجل "شاليط" (وليس لأن صواريخ كانت تهدد أمنهم). شاليط الفرد يجوز لأجله قتل المئات، وتدمير منازل الآلاف، وتشريد الآلاف من المدنيين إلى يومنا هذا! لم يتكلم أحد عن الحق الفلسطيني في مجرد العيش كما يمكن لشعب بسيط وعار من السلاح أن يعيش، ولم يسأل أحد لماذا على الفلسطينيين أن يدافعوا عن كرامة المسلمين، وعن المسجد الأقصى، وعن الأراضي المحتلة؟

لماذا على الفلسطيني أن يموت وحده، ليتفرج عليه بقية العالم عبر نشرات الأخبار، ولماذا على الفلسطيني أن يتحمل وحده عبء كل هذه الخيانات التي تشترك فيها كل الأنظمة العربية والدولية، والحكومات، والمؤسسات، والهياكل الشعبية الغارقة في الحياة الدنيا وفي نعرات كرة القدم؟ وهل على الفلسطينيين وحدهم أن يحرروا القدس ليصلي المسلمين (كل المسلمين) فيه؟ إنها الجريمة التي تحوّلت مع الوقت إلى وسيلة سهلة للقتل العمدي، باسم السلام، وباسم التطبيع الذي استسهلته دول بكل أسف عربية تتبني اليوم أساسا شعار "العار للعرب"، تماما مثلما تبنته قبل سبعين سنة منظمات صهيونية في بداياتها الأولى!


دموع أردوغان، وشحوب المسلمين العرب!
منذ ظهور ما يسمى اليوم بالقطب التركي الجديد، اعترف الصهاينة أنفسهم أن ثمة حراكا دوليا أصبحت تلعبه تركيا لصالح القضية الفلسطينية، وأن الأمر أصبح مع الوقت يزعج الصهاينة اليهود! أردوغان الذي تربى على حب القدس، وعلى احترام النضال الفلسطيني كما صرّح به لقناة "أرونيوز" الإخبارية الفرنسية، ليس مجرد رجل تركي فقط، إنه تيارك كامل يضم الملايين من الأحرار الذين لأول مرة منذ سنوات طويلة يخرجون عن صمتهم للتعبير عن تقززهم الواضح من الصهاينة المجرمين. فقد استطاع هذا السياسي التركي المسلم أن يلفت إليه أنظارا دولية، واستطاع أن يوصل صوته دونما خوف أو تردد إلى الإتحاد الأوروبي بالقول لهم " لا نريد مقعدا في إتحادكم تساوموننا عبره على آرائنا وقناعاتنا وعقيدتنا" وهو التصريح الذي أثار صدمة الأوروبيين الذين اعتقدوا أنه سوف يحذوا حذو سابقه في تقبيل الأرجل لأجل أن يضموا بلده إلى الإتحاد الأوروبي الذي يعيش اليوم على وقع الفضائح والمساومات الدولية التي فجرها كتاب صدر أخيرا في فرنسا!

وعندما صرّح أردوغان في حوار مطول لمجلة "لودروا" الكندية، قال جملته الشهيرة:" من العار مجرد القول أن القدس يهودية، وليس ثمة قوة يمكن أن تشوّه الحقيقة الضاربة في إيماننا، بأن القدس مسلمة، سوف تظل مسلمة إلى أن يرث الأرض ومن فيها"، في الوقت الذي لا يجرؤ حاكم عربي مسلم على القول بصوت مسموع أن القدس عاصمة فلسطين! استطاع طيب أردوغان أن يحقق شعبية كبيرة، ليس في بلده، بل في دول إسلامية كثيرة، مثلما حقق شعبية غير مسبوقة في دول أمريكا الجنوبية، وهو الدور الذي حرّك تركيا لتتحوّل من دولة حالمة إلى دولة حاضرة!

على الرغم من أن السياسة الدولية تقول في أبسط بنودها أنه من الصعب تحقيق نتيجة عملية عندما يكون المحارب وحيدا وسط مجموعة من المنافقين عليه! لقد فهم أردوغان منذ مؤتمر دافوس الذي غادر منصته غاضبا، في الوقت الذي بقي فيه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى جالسا إلى جانب "شيمون بيريز"، فهم أن الحراك الذي تؤديه تركيا سيظل عقيما أمام التواطؤ العربي والغياب الإسلامي الفاعل، وأمام المشاكل المفتعلة التي تثيرها أنظمة العار العربية ضد بعضها البعض لإلهاء شعوبها عن الانحطاط الذي وصولوا إليه عاما بعد عام بعدا عام!

فكيف نستغرب دموع "أردوغان" أمس وهو يتكلم عن الجريمة الصهيونية الشرسة ضد سفينة الحرية ومقتل 19 تركيا وجرح العشرات من الأبرياء الذين ارتكبوا "ذنبا" في محاولة فك حصار على مدينة يساهم العالم كله في قتلها بالتقسيط الممل. دموع أردوغان كانت رسالة واضحة، لكل النظم العربية الفاشلة التي حاصرت سكان غزة، وجوّعتهم، ومنعت عنهم الماء والدواء والهواء! فقد كانت المساعدات قادرة على الدخول إلى الفلسطينيين من معبر رفح، ومن أرض عربية شقيقة، لولا أن النظام المصري يبني فيه جدارا لعزل الفلسطينيين عن الضوء ولقتلهم بالصمت!


لا صوت يعلو فوق صوت الشهادة!
لقد أكدت الجريمة الجديدة (ولن تكون الأخيرة) المرتكبة من قبل الصهاينة المجرمين أن القرآن (والإسلام) يظل محورنا الذي سوف نستمد قناعاتنا المطلقة منه إلى أن يرث الله الأرض ومن فيها، بأنه لن ترضى عنا اليهود ولا النصارى حتى نتبع ملّتهم، وأنه لا خيار يتبقى للمسلمين في أصقاع الأرض سوى خيار المقاومة، والقتال داخل الأراضي المحتلة نفسها، لإجبار الصهاينة على "التطبيع" مع السلام الذي يضحكون به علينا جميعا، فمن يعتقد أن المجرم يمكنه أن يمنح الحياة للفلسطينيين فهو واهم، ومن يظن أن الخونة يمكنهم أن يحققوا نصرا فهو واهم، ومن يظن أن ديمقراطية الأرداف، والشوفينية، والنفاق السياسي الدولي، والكيل بمكيالين وفق المعايير الدولية سوف تحرر الأرض والعرض فهو واهم، لأن التاريخ يشهد أن الشهادة (بفضل الله) هي التي تصنع طريقا نحو النصر، ومن يبقى في بيته يتفرج على الأخبار ويضحك على الأخيار عليه أن يخجل من نفسه، تماما مثلما قالتها تلك الأم الفلسطينية قبل عام عندما استشهد خمسة من أبنائها في مجزرة غزة، ونشرت صور صمودها في صحف العالم، تلقت "برقية تعزية" من محمود عباس، ردت عليه: يا ليتك تخجل من نفسك! ويا ليت له نفس أساسا لنطلب منه أن يخجل منها دون أن يستأذن من الصهاينة أولا!

وليس أفضل عنوانا كذلك العنوان الذي نشره موقع "تركيا اليوم" وجه من خلاله رسالة إلى الزعماء العرب بعنوان:" ليتكم تموتون في يوم واحد !".. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل في المجرمين الصهاينة والخونة العرب إلى يوم الدين!
 

18/6/1431 هـ

 

المصدر: موقع المسلم