الناصريون والشيعة علاقة غريبة؟

ممدوح إسماعيل

مصر الدولة الإسلامية العربية السنية، المتأمل لصحفها يجد عجباً من
تأييد كثير من الكتاب المعروفة ميولهم الناصرية لحزب إيران في
لبنان...

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


مصر الدولة الإسلامية العربية السنية، المتأمل لصحفها يجد عجباً من تأييد كثير من الكتاب المعروفة ميولهم الناصرية لحزب إيران في لبنان، ويزداد العجب من تواتر عبارات المديح والثناء الموجهة للأمين العام لحزب إيران حسن نصر إيران بطريقة ملفتة جدا ً مثيرة للإستغراب، وينعرج مدحهم بالطبع إلى إيران وكل ذلك من أجل ما يدعونه من دور حزب إيران وأمة إيران في مقاومة الصهيونية والأمريكان...

وسوف أتوقف في مقالي مع نقاط محددة لكشف الضبابية الرهيبة بين تلك الطائفة من الناصريين في علاقتها المريبة الغريبة مع حزب إيران:

1- مع إختلافي مع الفكر الناصري إلا أنني وجدت تناقضاً ملفتاً بين ما يقال عن فكر عبد الناصر القومي العروبي و مايكتبه بعض الناصريين الآن، فهم يخالفون ذلك تماماً في تأييدهم لحزب إيران الذي ينتمى لإيران الدولة الفارسية الصفوية المعادية للفكر القومي العروبي تماماً...

وهناك مثالان واضحان: الأول: معاصر، وهو ما فعلته إيران الفارسية في العراق من تواطؤ مع الأمريكان على احتلال العراق، فغيرت من نظامه السياسي القومي العربي إلى الشيعي الفارسي الأمريكي، وداخلياً عملت إيران على تغيير الهوية العربية من العراق تماماً سواء بقتل وإبادة السنة العرب أو بتغيير التركيبة السكانية بإدخال الإيرانيين الشيعة للتوطين و السكن في العراق، ومما يثير الاستغراب أن نظام صدام حسين كان قوميا عروبيا ناصريا فلماذا انقلبوا عليه، وقد كانوا يتغنون بمفاخره ليل نهار، ثم أن الرجل لم يتأخر عنهم في التمويل فيما عرف بكوبونات الجاز؟!!

المثال الثاني: هو من داخل لبنان، وما فعله الشيعة في لبنان سواء من حركة أمل في الحرب الأهلية أو حزب إيران مع حركة المرابطين الناصرية اللبنانية، ومافعله الشيعة بهم من مؤامرات لتصفيتهم وقتلهم ومحاربتهم، وهو أمر لا يخفى، فلماذا يتعمد هؤلاء الناصريون في مصر تجنبه وإخفائه، ولمصلحة من؟!

الواضح من المثاليين أن من يؤيدون حزب إيران متناقضون لناصريتهم القومية العروبية التي يدعونها.


2- أما ما يتعلق بالشماعة الإعلامية، وهي مقاومة الصهيونية فأرجو الهدوء قليلاً، فمع فرحي وسروري لكل طلقة تصوب تجاه العدو المحتل اليهودي الصهيوني، إلا أن م افعله حزب إيران يستوجب التوقف والتأمل، حيث أن مقاومة الصهيونية (يافطة) تخفي ورائها الكثير، منها أن مشروع حزب إيران هو في الأصل مشروع إقامة كيان شيعي قوي، يتطور مع الأحداث إلى دولة مستقلة للشيعة في لبنان...
وهو ماحدث على الأرض، فقد أُستغل الجنوب اللبناني لإقامة المشروع الشيعي بالإستيلاء على مساجد السّنة، وتهجيرهم من الجنوب وطردهم بطرق متنوعة، وبعد إنتهاء الحرب الأهلية لم يكن يوجد مبرر مطلقاً لتأسيس جيش مستقل لحزب إيران إلا عن طريق (يافطة) المقاومة، وقد كان واستغل الشباب الشيعي المجهل والمغيب عن الوعي بالخطب الحماسية في تكوين الجيش الشيعي في الجنوب، صحيح أنه دخل في معارك مع العدو الصهيوني، ولكنها كانت معارك لإثبات قوة الكيان الشيعي الجديد أمام قوى الداخل والخارج، أما نقطة تحرير القدس فهي خارج الحسابات في الواقع الحقيقي لاسترايجية حزب إيران، ولكنها تثار إعلاميا للسذج ولخطف القضية الفلسطنية باستغلال المشاعر الإسلامية الجياشة نحوها، وحرب يوليو 2006 كانت حربا بين مشروعين أمريكي صهيوني وشيعي إيراني صفوي، لإثبات القدرات في ظل إشكاليات بين الطرفين استعصت على السياسة في حلها خاصة الملف العراقي والنووي، وكان ملفتاً أنه في الوقت الذي كان حسن نصر إيران يقول أن حرب يوليو لم تكن لتحرير القدس إنما لسيادة لبنان، فتسارع وتبارى بعض كتبة الناصريين في وضعها في وهم مقاومة الصهيونية.


3- تمجيد حسن نصر إيران أمر عجيب ومريب، فماذا فعل للقضية الفلسطينية ومقاومة اليهود بجانب القادة العظام للجهاد ضد اليهود من المعاصرين من قافلة الشهداء نحسبهم كذلك ولا نزكى على الله أحدا مثل الشيخ البطل المجاهد أحمد ياسين، والرنتيسي، وصلاح شحادة، هل يعرف الناصريون صلاح شحادة؟ إنه القائد العسكري للجناح المسلح لحماس، لقد أذاق العدو اليهودي الذل ليل نهار، وزلزل دولتهم المزعومة بعمليات بطولية نادرة لامثيل لها في العالم المعاصر كله، وهو المحاصر داخل أرضه المحتلة، لا يأتيه دعم لا من سوريا ولا من إيران، ويجاهد من أجل الأقصى ليس من أجل قم أو النجف...
أين هى مقالات المدح التي يستحقها بلا شك ذلك البطل الشهيد؟ لا تجد لهم مقالا واحداً يمدحون صلاح شحادة البطل المجاهد...
ثم الدكتور محمود الزهار قائد حماس داخل آتون النار في غزة، يجاهد وسط حصار من الخونة والعملاء والأعداء، وإن كان حسن نصرإيران قُتل له ولد فالزهار استشهد له ولدان فمن كتب عنه ومدحه؟! وهو المستحق المدح والثناء بلا شك لأنه يجاهد من أجل القدس ،وليس من أجل رضا الملالي وقبض الخمس، ولن يتساوى مطلقاً جهاد وبطولات حماس الكبيرة العظيمة مع عنتريات نصر إيران، ومع ذلك إذا راجعت ما كتب من هؤلاء الناصريين ومن تبعهم من أزلام اليسار لا تجد مقالات مدح لحماس كما كُتب عن حزب إيران!!!!


4- وفي هذه النقطة بالذات أوجه حديثي فيها للناصريين ومن تبعهم، وأيضا النفر القليل من الإسلاميين الذين سقطوا في هذا الفخ، ألا وهي مسالة العداء لأمريكا ومشروعها الاستعماري الإجرامي في المنطقة، فلايختلف العقلاء على أن أهل السّنة هم المقاومون لهذا المشروع وحدهم في العراق وفلسطين وأفغانستان والصومال وعلماء أهل السّنة وشيوخهم يقاومون بكل ما يملكون ويستطيعون الطغيان الأمريكي، ولا يخفى على كل ذي عينيين أن إيران ساعدت الأمريكان في احتلال العراق وأفغانستان، وهنا يزداد تعجبي فلماذا يدندن هؤلاء الكتبة بزيف مقاومة إيران لأمريكا؟ هل بسبب عنتريات الخطاب الإيراني في ظل حالة الاستسلام من الأنظمة العربية للطغيان الأمريكي! ربما، ولكن الواقع يفضح إيران في صفقاتها مع الشيطان الأكبر ومنها فضيحة إيران جيت التي مول فيها الإيرانيون ثوار الكونترا مقابل دعم أمريكا لهم بالسلاح وفي ذلك تقول لجنة التحقيق في الفضيحةعام 86 "إنّّ الولايات المتحدة الأمريكية يتعين عليها أن تشجع حلفائها الغربيين وأصدقائها على مساعدة إيران في الحصول على طلباتها واحتياجاتها بما في ذلك المعدات الحربية التي تحتاج إليها".

أما علاقة إيران بالشيطان الأصغر فيوضحها ما ذكره الكولونيل (أوليفر نورث) مساعد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض والمسؤول الأهم في ترتيب التعاون العسكري بين إسرائيل وإيران، ذكر في مذكراته التي نشرها في أواخر عام 1991م بعنوان (تحت النّار) أنّ حجم مبيعات السلاح الإسرائيلي لإيران وصل إلى عدة بلايين من الدولارات؟!!
ولا يفوتنا الإنتباه إلى مغزى زيارة نجاد إلى العراق ودخوله المنطقة الخضراء الأمريكية تحت حراسة المارينز الأمريكي، فهل يعقل أنه عدو لأمريكا ويقابل بكل ذلك الترحاب والحراسة، إنها السياسة ومشاريع التوازن بين القوى في المنطقة والشيعة لا يتورعون عن عمل أي شيء في السياسة، فلا عقيدة تحكمهم ولا قيم تزجرهم طالما أن عدوهم هم السّنة...
وأرجو أن يقرأ الجميع التاريخ والواقع بعين فاحصة وأن لا ننخدع بالهجوم الخطابي المتبادل بين إيران وأمريكا فهي السياسة والخبث سيدا الموقف لأن عدوهم المشترك واحد هو العرب السّنة.

وهنا نقطة مهمة مهمة لا يختلف المراقبون على أن لبنان يتخاطفها مشروعان أمريكي صليبي غربي وشيعي رافضي صفوي، فهل إذا كّنا ضد المشروع الأمريكى نقف مع المشروع الإيراني الشيعي؟!! ومن لم يكن مع المشروع الإيراني فهو مع المشروع الأمريكي؟!!
عجباً إنه استغفال للعقول فكلا المشروعين ضد الأمة العربية الإسلامية فلينتبه المغفلون.


5-ويتفق مع الناصريين أيضا الكثير من التيار اليساري، الذين يضعون صورة جيفارا بجانب حسن نصر إيران وأتعجب أنتم ضد الإتجاه الإسلامي ولا تحتفلون بأحمد ياسين ولا الزهار ولا صلاح شحادة ولا القسام، ولا تذكرونهم إلا مرورًا سريعاً أحياناً ذرًا للرماد في العيون...
فهل احتفالكم بحسن نصر إيران مرده إلى عدائكم إلى الإتجاه الاسلامي السّني وكيداً فيه...
نعم، فل اعجب أن تجمعوا صورة الشيعي المبتدع مع اليساري الملحد، أو أنتم كما يقول البعض أن باب التمويل الإيراني مفتوح على مصراعيه بعد إغلاق باب كوبونات الجاز و فتح باب السجاد والفستق الإيراني الشيعي، ربما رغم أنني ضد الإتهامات لكني أمام عدم وجود مبرر فكري ولا سياسي مستساغ!


ملحوظة:
همس لي صديق قائلاً إن علاقة الناصريين بالشيعة سببها هو معاداة عبد الناصر للسعودية السّنية فهم يعملون بميراثه، وأيضًا ما يقال أن زوجة عبد الناصر السيدة الفاضلة تحية أصولها إيرانية!!
ثم ختم كلامه الهامس قائلاً: "إن هؤلاء الكُتاب يقولون طالما أن كُتاب الحكومة يكتبون ضد إيران فنحن سنكون مع إيران".
معقول بهذه البساطة وهل يُصدّق ذلك في المعارك الرئيسية للأمة؟!!

ويبقى أن ما دفعني لكتابة هذه التوضيحات المهمة يقيني باختلاط الرؤية وتغييب الكثير من الحقائق عمدًا في الإعلام، وسقوط كثير من المتحمسين في فخ الدفع الإعلامي المتعمد، وبالطبع ليس كل الناصريين أقصد في مقالي.

وأخيرًا انتهت أزمة لبنان مؤقتاً بقرار إيراني ونجاح حزب إيران في إملاء ما يريد، وبسط سيطرته على القرار السياسي في لبنان بعد أن بسط سيطرته العسكرية على الجنوب، ولكني على يقين كما أن لبنان كانت نقطة التضليل للمتحمسين المندفعين في العالم العربي، فإنها ستكون نقطة كشف الستار عن الوجه الحقيقي لأهداف حزب إيران في لبنان، فهل انتبه المصفقون جهلاً ودفعاً وغفلةًً.
 
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
[email protected]

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام