كذب الأخطبوط وإن فازت ألمانيا

ملفات متنوعة

أصْبح الأُخْطبوط (بول)، الذي يعيش في حوْضٍ مائي بمدينة (أوبر هاوزن)
بألمانيا، أحدَ الرموز الكبيرة حولَ العالَم، حيث توقَّع نتائجَ جميع
المباريات التي خاضتْها ألمانيا في كأس العالم 2010 المُقام بجنوب
أفريقيا، وجميعها جاءتْ صحيحة...

  • التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -

أصْبح الأُخْطبوط (بول)، الذي يعيش في حوْضٍ مائي بمدينة (أوبر هاوزن) بألمانيا، أحدَ الرموز الكبيرة حولَ العالَم، حيث توقَّع نتائجَ جميع المباريات التي خاضتْها ألمانيا في كأس العالم 2010 المُقام بجنوب أفريقيا، وجميعها جاءتْ صحيحة، وطريقة التوقُّع قائمةٌ على وضْع صندوقين زُجاجيين، كلٌّ منهما به طعام وعَلَم أحد البلدين أمام (بول)، وعندما يتوجَّه نحوَ أحد الصندوقَين تُصبِح هذه بمثابة إشارةٍ على فوْز منتخب الدولة التي يوجَد علَمُها داخل الصُّندوق.


جديرٌ بالذِّكْر: أنَّ الأُخطبوط (بول) طوالَ حياته لم يخطئْ سوى في توقُّع واحد، وكان يخصُّ مباراة أسبانيا وألمانيا في نهائي يورو 2008، حيث توقَّع فوزَ ألمانيا، وجاءتِ النتيجة 1-0 للأسبان...

وليس بعجيبٍ أن يؤمِنَ الألمان بهذه الخُرافات، وأن يعودوا إلى القرون الوُسْطى بهذا الاعتقاد الساذج، خصوصًا وأنَّ الصُّحف الألمانية ذكرتْ أنَّ مشجِّعي المنتخب الألماني يَثِقون في توقُّعات الأُخطبوط أكثرَ مِن لاعبيهم، لكنَّ العجبَ كلَّ العجبِ أن يَفتَتِن المسلمون بهذا الأُخطبوط، فنجد بعضَ الصحفيِّين والإعلاميِّين يقولون: "وصدَقتْ تنبُّؤات الأُخطبوط"، ونجد كذلك كتاباتِ الشباب على المنتديات حولَ تكهُّنات هذا الأُخطبوط العَرَّاف، وغيرها من التصريحات المستفِزَّة لأيِّ مسلِم عاقل.

وقُلت في نفسي: كيف نُصدِّق مثلَ هذه الخُرافات، وقد حذَّرنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أكثرَ مِن حديث مِن إتيان العرَّافين والكَهَنة والسَّحرة وأمثالهم، وسؤالهم وتصديقهم؟!


لقد روَى مسلم في صحيحه أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: « مَـن أتَى عرَّافًا [1] فسألَه عن شيءٍ، لم تُقبلْ له صلاةٌ أربعين يومًا»، وعن أبـي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: « مَن أتَى كاهنـًا [2] فصدَّقه بما يقول، فقد كفَر بما أُنزِل على محمَّدٍ»، وعن عِمران بن حُصَين رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ليس منَّا مَن تَطيَّر أو تُطيِّر له، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له، أو سَحَـر أو سُـحِر له، ومَن أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقدْ كفَر بما أُنزل على مـحمَّد ».

لذلك، وجَب علينا أن نَعلَم جيدًا أنَّه لا يجوز لنا أن نغترَّ بصحَّة جميع تكهُّنات هذا الأُخطبوط وأمثاله، وأن نُحذِّرَ إخواننا وأبناءَنا من الإيمان بمِثْل هذه الخرافات، حتى وإن كانت صحيحةً، فقد روَى الشيخانِ: أنَّ ناسًا سألوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن الكاهِن أو الكهَّان، فقال: « لا، ليسوا بشيءٍ »، فقالوا: يا رسولَ الله إنهم يُحدِّثونا أحيانًا بشيءٍ - أو بالشيء - فيكون حقًّا، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تِلْك الكلمة من الوحْي يخطفها الجنِّي فيقرُّها - أي: يُلقيها - في أُذن وليِّه، فيخلط معها مائةَ كذِبة »، وجاء في البخاريِّ: « إنَّ الملائكة تنزِل في العَنان - وهو السَّحاب - فتذكُر الأمرَ قُضي في السماء، فيسترِقُ الشيطان السمعَ فيسمعه، فتُوحِيه إلى الكُهَّان، فيَكذِبون معها مائةَ كذبة مِن عند أنفسهم»، وصَدق مَن قال: "كذَب المنجِّمون ولو صدَقوا"[3].


والله مِن وراء القصد.

ــــــــــــ

[1] العَرّاف: المُنَجِّم أو الحازِي، الذي يدَّعي عِلْمَ الغَيب.

[2] الكاهِن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدَّعي معرفة الأسرار.

[3] هذه العبارة ليست آيةً ولا حديثًا، وإنَّما هي من العبارات الصحيحة المعنى، التي اشتهرتْ على ألسنة الناس.
 
المصدر: عبدالرحمن المراكبي - موقع الألوكة