امنع الكلام

محمد علي يوسف

امنع الكلام...
هي خلاصة ما يفكر به المؤيد المنحاز حتى لو لم يكن له ناقة ولا جمل في أمر تأييده وانحيازه ولا يمكن وصفه بأنه من المنتفعين بوجود من يؤيدهم. في نظر هؤلاء المانعين للكلام فليس من حقك أن تختلف أو تنتقد أبدًا. من حقك فقط أن تمتنع... تمتنع عن الكلام.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

- امنع الكلام..
هذا هو فحوى أغلب ما يقوله أو يكتبه كثير من المنحازين لفئة أو لشخص أو جماعة أو نظام بغض النظر عن الاتجاهات والخيارات التي يتبناها من يتم الانحياز إليهم.

امنع الكلام...
هي خلاصة ما يفكر به المؤيد المنحاز حتى لو لم يكن له ناقة ولا جمل في أمر تأييده وانحيازه ولا يمكن وصفه بأنه من المنتفعين بوجود من يؤيدهم. في نظر هؤلاء المانعين للكلام فليس من حقك أن تختلف أو تنتقد أبدًا. من حقك فقط أن تمتنع... تمتنع عن الكلام.

ولذلك المنع والامتناع عدة مسالك من خلالها يصل المؤيد أو المنحاز إلى فكرته التي يفرض عليك بها أن تسكت ولا تتكلم ولا تجادل ولا تناقش ولا تعترض فضلاً عن أن ترفض مثلاً لا سمح الله.

يصل مانعو الكلام لفرض فكرتهم إما من خلال مسلك تسفيهك وتسفيه كل من يتكلم من باب أن هؤلاء المعترضين بتوع كلام وخلاص ولا علاقة لهم بالعمل والإنتاج وبالتالي عليهم بالسكوت خالص والتفرغ للعمل وكأن هناك تعارض لازم بين القول والفعل، أو من خلال ادعاء وجود بواطن للأمور يستحيل على فهمك الضيق أن يدركها كما أدركها الوعي الخارق لمن يؤيدونهم وبالتالي عليك أن تضع لسانك داخل فمك ولا تنطق لأن ببساطة مش فاهم حاجة ولا تعلم ما يعلمه الأخ الأكبر أو الإخوة اللي فوق.

يمكن أن يسكتك مانعو الكلام أيضًا من خلال اتهامك ضمنيًا بالمبالغة أو الكذب حيث أن كل شيء في نظرهم = تمام وليس في الإمكان أحسن مما كان ويكون وسيكون وبالتالي فكيف تجرؤ على تجاهل كل تلك الإيجابيات الصارخة والإنجازات الباهرة وأستغفر الله أستغفر الله تنتقد وتعترض والعياذ بالله.

يمكنهم أيضًا أن يخرسوك بالتعجيز، مش عاجبك الشيء الفلاني أو الموقف الفلاني أو المقولة الفلانية... طب فين البديل؟ هااا فين؟؟
مخبيه فين؟؟
طلع البديل كدة لو راجل.

وكأن الخطأ يصير صوابا لمجرد أنه هو الأمر الواقع وأن المنابع قد جففت والسُبُل قد غُلِّقت فلا يستشرف البعض بديلًا جاهزًا ومن ثم فلا مجال إلا لحل واحد.
اسكت..
اخرس..
امنع الكلام..

زد على ذلك الإسراف في وصف نظريات المؤامرات الكونية التي تحاك دومًا ضد من يؤيدهم مانعو الكلام والمعارك الفاصلة التي يخوضونها ضد المتآمرين تحت كل حجر وخلف كل باب وطبعًا هنا تبرز المقولة المشهورة: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
ومفادها في النهاية أيضاً = اسكت .. اخرس.. إمنع الكلام.

أما لو فشل كل ذلك وتجاوز الشخص أسوار التحقير والتسفيه والتعجيز والتفزيع وتكلم واعترض والعياذ بالله
فهنا يأتي دور التشكيك والتخويف: لا شك أنك من المغرضين الحاقدين.

بالطبع أنت بنقدك واختلافك أو حتى معارضتك واعتراضك ستكون جزءاً لا يتجزأ من المؤامرة على تحاك على من يؤيدهم مانعو الكلام، ستكون عدوًا لا محالة وسيسري عليك ما يسري على أعداء من ينحاز إليهم مانعو الكلام
ولابد أن تخشى المصير الأسود الذي سيلاقيه أعداؤهم في الدنيا وفي الآخرة، وليس ثمة حل ينجيك من كل ما سبق إلا حلاً واحدًا: أن تسكت تماماً، أن تبتلع لسانك وأن تقصف قلمك وأن تمتنع، تمتنع عن الكلام.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بشكل ملح هو:
لماذا؟!
ما دام الكلام في نظر مؤيدي كل فئة أو شخص أو نظام هو مجرد تضييع للوقت أو للجهد وما دام لا يؤثر أو يغير أو يضر أو ينفع وما دام المتكلمون مجرد سفهاء أو حاقدين أو مشككين أو جاهلين أو مغرضين متعامين عن روعة وعظمة من قرر المؤيدون تأييدهم فلماذا إذاً يضايقهم الكلام إلى هذه الدرجة ويحرصون كل الحرص على إسكاته؟!
بجد... لماذا؟!

أليس في النهاية كما تزعمون = مجرد كلام؟!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام