التطرف الكنسي

ملفات متنوعة

من الثابت أن تيار التطرف في الكنيسة المصرية، ظهر مع بدايات عام 1972
وتنامت قوته إلى أن بلغت ذروته مع أحداث الزاوية الحمراء في يونيو عام
1981، حيث سحقه الرئيس الراحل أنور السادات وبجسارة ولا بلا تردد...

  • التصنيفات: اليهودية والنصرانية -


من الثابت أن تيار التطرف في الكنيسة المصرية، ظهر مع بدايات عام 1972 وتنامت قوته إلى أن بلغت ذروته مع أحداث الزاوية الحمراء في يونيو عام 1981، حيث سحقه الرئيس الراحل أنور السادات وبجسارة ولا بلا تردد، ولم تتسامح معه الدولة إلى أن أطلق الرئيس مبارك سراح البابا شنودة بعد وفاة السادات ـ رحمه الله ـ بعامين.


كانت تجربة التطرف الكنسي مع السادات كافية، لأن تُخفى أجندته في السرائر خشية الصدام مجددا مع دولة يرأسها الجنرال القوي الجديد القادم من المؤسسة العسكرية، وظلت الرغبة في مشاغبة الدولة طائفيا، دفينة داخل الأديرة القلاعية، تخشى التعبير عن نفسها، في بيئة تميل فيها كل الظروف الدولية والإقليمة لصالح القيادة السياسية التي تولت الحكم بعد الرئيس السادات.


بعد أحداث سبتمبر عام 2001، تبدلت الأوضاع على نحو أحال الملف الطائفي إلى ورقة ضغط في يد واشنطن، تلك القوة العالمية الجبارة التي شعرت بالإهانة بعد تدمير برجي التجارة، وتحاول إعادة الهيبة لقوتها العسكرية والاقتصادية من خلال حملات تأديب عسكرية وثقافية للدول العربية والإسلامية التي حملتها مسئولية تخريج المنظمات الإسلامية الجهادية التي هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية في عقر دارها وألحقت بها هزيمة عسكرية مهينة إلى حد كبير.


كانت مصر في مقدمة الدول التي تعرضت لضغوط دولية عاتية، لحملها على تجفيف منابع التدين الإسلامي، وهي الحالة التي شجعت تيار التطرف داخل الكنيسة على أن يتجرأ مجددا في التعبير عن نفسه، خاصة بعد ان اعتمدت الإدارة الأمريكية عددا من التشريعات التي تجيز لها التدخل في شؤون الدول الأخرى "المتهمة" بالإساءة إلى الأقليات الدينية، وربط ما تقدمه من مساعدات اقتصادية وعسكرية بمدى ما تتمتع به تلك الأقليات من حقوق حتى لو كانت خصما من حقوق الأغلبية التي تدين بعقيدة مخالفة.


سقوط حركة طالبان في أفغانستان ونظام صدام حسسين في العراق، خلف قدرا كبيرا من الأوهام داخل الجماعات القبطية المتطرفة، جعلها تعتقد بأن سيناريو سقوط هذين البلدين الضعيفين في يد القوات الأمريكية، يمكن يكون ورقة تخويف للقاهرة، وتهديدها بأنه قد تلقى المصير ذاته، حال نجح المتطرفون الأقباط في الداخل والخارج، من إثارة الشوشرة على النظام المصري، وتصويره عالميا باعتباره نظاما يقمع الأقلية المسيحية في مصر، لخلق بيئة دولية متعاطفة مع الأقباط، وضاغطة في الوقت ذاته على النظام المصري، لحمله على النزول عند المطالب الطائفية للأقباط، وقبوله بما يملونه عليه من طلبات تستهدف في النهاية "نصرنة" الهوية المعمارية لمصر المسلمة، وتوفير حصانة دولية للكنيسة المصرية، وانزالها منزلة الدولة الموازية، تمارس سلطاتها الدينية والسياسية مستقلة عن القانون والمحاكم والمؤسسات الدولة الأم "مصر"، وأن تتخلى الدولة المصرية عن ممارسة حقوقها الدستورية والقانونية على مواطنيها الأقباط، لصالح الكنيسة وترك الأخيرة لتستبيح حقوق المواطنين الأقباط، دون أن تخضع لأية مساءلة من قبل الدولة.


والحال أن الظروف الدولية ، لم تساهم وحدها في قدرة الكنيسة على انجاز مشروعها الطائفي والانعزالي، على هذا النحو، الذي جعل الدولة نفسها تقوم بدور "الشرطة الدينية" التابعة للكنيسة.. تلاحق الأٌقباط الخارجين على الأخيرة وتلاحقهم من حارة لحارة ومن سيارة لأخرى ومن بلد لبلد آخر وتلقي القبض عليهم وتسلمهم للكهنة والقساوسة المتطرفين، كما حدث مؤخرا في واقعة المواطنة كامليا شحاتة.. بل إن ثمة استحقاقات داخلية ساعدت الكنيسة في ابتزاز السلطات المصرية ووضعها في صورة الطرف الأضعف والمحتاج إلى الدعم الكنسي..

محمود سلطان
[email protected]


22-08-2010 م
 

المصدر: محمود سلطان - المصريون