لماذا فرحنا بفشل الانقلاب في تركيا؟
تركيا بلد إسلامي كبير، وموقعه الاستراتيجي مهم جدا للعالم الإسلامي، فالأحداث فيه تهمنا بقدر أهميته، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
تركيا بلد إسلامي كبير، وموقعه الاستراتيجي مهم جدًا للعالم الإسلامي، فالأحداث فيه تهمنا بقدر أهميته، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولا يلزم أن يكون الحكم فيه أنموذجاً يُحتذى به أو منهجًا يجب أن نسير عليه، لكن الأمور هنا نسبية ومصلحية، فإذا ترجحت المصلحة أو المصالح على المفسدة أو المفاسد في أي نظام أو منهج فإنه ينبغي تشجيعه والوقوف معه بقدر مصلحتنا منه مع بيان الخطأ والخلل، بل قد نفرح ونشجع حكم بعض الكافرين على بعض، فالنظام الديمقراطي مع ما فيه خير من النظام الدكتاتوري، والحزب الذي يتعايش مع المسلمين وينصفهم لا شك أنه خير من الأحزاب العنصرية واليمينية.
هذا منهج شرعي أصيل، فالمؤمنون فرحوا بغلبة الروم على الفرس {غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ} [الروم:2-5] وذلك لأن الروم أهل كتاب وعداوتهم للمسلمين أقل، ومثل ذلك فرح مهاجرو الحبشة بانتصار النجاشي على عدوه في قصة طويلة مشهورة؛ لأنه أنصفهم وآمنهم، ففضلوه على غيره وربنا يقول في أهل الكتاب {لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران من الآية:113].
والوضع في تركيا لا يقاس بما استدللنا له لأنه شعب مسلم في الجملة وحكامه يعتزون بإسلامهم، ولهذا نقول:
- فرحنا بفشل الانقلاب لأنه يهدف إلى طمس الإسلام في تركيا ومواصلة النهج العلماني الأتاتركي المتطرف ضد الإسلام.
- ولأن طائفة غولن الصوفية الغالية في التصوف هي من قام بالانقلاب، وهي مدعومة من أعداء الإسلام، وتنهج منهج العلمانية المتطرفة.
- ولأن حكومة حزب العدالة رفعت عن المسلمين الأغلال والكبت الذي كان مفروضًا عليهم.
- ولأن الحريات ضمنت للمسلمين التعليم الذي يرغبون فيه والزي الذي يختارونه وممارسة العبادة بكل حرية.
- ولأن الشعب التركي عانى كثيرًا من الانقلابات التي أفسدت حياته، وجعلته متسولاً على أبواب الغربيين يمتهن أسوأ المهن ويأخذ أقل الأجور.
- ولأن المساجد أصبحت عامرة بالمصلين وبحلقات العلم والقرآن.
- ولأن الحزب الحاكم اتخذ خطوات جريئة نحو الدستور العلماني الذي لا يجيز الخروج عن النظام الأتاتركي المقدس لدى العسكر والمنظومة العلمانية، وهو صنيعة استعمارية أطاح حينها بالخلافة الإسلامية.
- ولأن هذا النظام وقف مواقف مشرفة مع قضايا المسلمين وخاصة القضية الفلسطينية والسورية.
- ولأن هذا النظام فتح أبوابه لأهل الشام الفارين من النظام النصيري الرافضي الذي طمس معالم الحياة وقتل مئات الآلاف من المسلمين تشبثا بالحكم وتمكينا للرافضة الصفوية.
- ولأنه فتح أبوابه للمضطهدين المسلمين من الأنظمة القمعية التي عاثت في الأرض فسادا.
- ولأنه أظهر استعدادا كبيرا للوقوف أمام المد الرافضي الصفوي الذي أطبق علينا من كل جانب.
- ولأن الشعب التركي يعيش ازدهارًا اقتصاديًا لم يشهده منذ الإطاحة بالخلافة، وقد كان في الدرك الأسفل من الفقر.
- ولأن الجيش التركي يمثل أقوى ثاني قوة في حلف الناتو، وهذا لا شك مكسب للمسلمين، ولولا الحكم الحازم والخطط الاستراتيجة الطموحة لما وصل إلى هذا المستوى.
- ولأن أعداء المسلمين هم المعنيون بهذا الانقلاب، ويشجعون كل ما من شأنه إضعاف المسلمين ونشر الفوضى بينهم.
هذه الأسباب وغيرها كثير هي من جعلت المسلمين يفرحون بفشل الانقلاب الآثم وحق لهم ذلك، وأملنا أن تعود تركيا إلى دينها وتنتهجه عقيدة وتشريعا وسلوكا في كل ميادين الحياة، وما ذلك على الله بعزيز.
محمد عبد الله عايض الغبان