للتاريخ: مبادرة وقف العنف والجماعة الإسلامية
ممدوح إسماعيل
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
شاهدت على الفيس احتفال حزب البناء والتنمية بمبادرة الجماعة الإسلامية فرجعت بى الذاكرة للوراء 19عام فى 5 يوليو وليس 26 اغسطس -كما احتفلوا- وكنت بالمحكمة العسكرية فى الهايكستب فى قضية اغتيال اللواء رؤوف خيرت رئيس قسم مكافحة الإسلام بأمن الدولة المعروفة برقم 235، المهم قبل الجلسة فوجئت بأحد المتهمين ينادي بصوت عالٍ جداً مبادرة الجماعة الإسلامية، وكان يجلس بجانبى الأستاذ فاروق الشاذلي (نائب رئيس تحرير الاخبار وقتها والمحرر العسكري الأول وأستاذ ياسر رزق أي أنه كان رجل المخابرات الحربية فى الصحافة) ففوجئت به يقول لي - وهو مندهش - ما تفاصيل تلك المبادرة قلت له والله لا أعلم شىء فصرخ بصوتٍ عالٍ أحا !!!طب مين يعرف؟ وجرى نحو القفص وهو ينادي على الأستاذ منتصر الزيات يا منتصر يا منتصر الشاهد أن المخابرات الحربية فوجئت بالمبادرة ولم تكن تعلم عنها أي شىءٍ وكانت القوة لأمن الدولة وقتها تماماً بإنفراد بعكس الآن، أمن الدولة تعمل عند وتحت يدِ المخابرات الحربية، وتوالت تفاعلاتها،
ويهمني التركيز على:
1_أن الزمن والموقف والوقائع مختلفةٌ تماماً فلا يمكن إحياء الموتى إلا بمعجزة لله لسبدنا عيسى عليه السلام،
الجماعة الإسلامية كانت فى أزمةٍ حقيقيةٍ فلم يكن لها ظهيرٌ شعبيٌ وتُركت وحدها، وكان الإسلاميون من الإخوان والسلفيون بمشايخهم ينعمون بتحقق الممكن مع أمن الدولة، من التواجد والمصلحة والبيزنس كمان، والجماعة الإسلامية كان ظهرها للحيط، ولكن كانت حيطة السجن! فذاقوا ماتشيب له الولدان، وتقشعر له الجبال، من أهوال التعذيب وقتل المئات داخل السجن نحسبهم شهداء.
2_كانت المبادرة هي فن الممكن وحلحلةٌ لأزمةٍ حاول الشيخ الشعراوي والغزالي حلها عام 92 فأفشلها كلابٌ مسعورةٌ فى الحكم، كنت أرى وقتها أنها حلٌ سياسيٌ وقتي لابد منه للخروج من المأزق، ولوقف قتل خيرة الشباب فى السجون ولم يبالى بهم بقية التيار الإسلامي الذي كان مخدراً ببنج أمني للمصلحة تحت وهمٍ، هم يدفعون ثمن تهورهم ونحن عقلاء مؤدبين، ولكن كنت أرفض ماتلاها من تجاوزٍ من وقف العنف الى العبث فى ثوابت الدين ودفعت ثمن رفضي ان تمت الوشاية بى واعتُقلت.
3_ فهمي هويدي تلميذ هيكل الأمين الذى لم ينتقد هيكل فى خروجه عن الإسلام ولا خيانته للأُمة من أيام عبدالناصر حتى تآمره وخيانته لمرسي، كتب مقالاً يمدح المبادرة ويلمح ويشير لأهميتها الآن وأتعجب لأن القياس فاسدٌ تماماً من خلال نقطتين:
الأولى: أن الآن توجد حالةٌ شعبيةٌ رافضةٌ لانقلاب وصاحبة شرعية فى كل أدوات الرفض شرعاً وقانوناً وعرفاً بعكس وقت الجماعة الاسلامية،
ثانياً: صحيح يوجد أزمةٌ، ولكنها أزمةٌ صنعها العسكر وعليهم هُم إن كان عندهم ذرة انتماء للوطن وليس الإسلام أن يقدموا مايبرهن على حرصهم على حل الأزمة، ثم فى وقت مبادرة الجماعة الإسلامية مع الاختلاف كانت الدولة تعمل على إنجاح المبادرة وكانت تحتاجها أيضاً لحلحلة الازمة.
4_بلاشك نحن فى واقعٍ جديدٍ بكل ظروفه ولايمكن إنكار أن العسكر استولوا على الحكم بالقتل والقهر والظلم، وان قيادات الإخوان فشلت فى قيادة تحقيق نجاحٍ لقوى الرفض للانقلاب والواقع الجديد فرض عدة نقاط:
أن المواجهة فى مصر مع الإسلام وليس جماعة، وان آلاف من أولياء الدم يطلبون قصاصاً عادلاً، وأن 70الف معتقل ظلماً، وأن سياسة العسكر موالاةٌ واضحةٌ لليهود والصليبيين على حساب المسلمين، وأن حالة رفض الانقلاب شعبيةٌ إسلامية، وأن أي مبادرة لابد أن تعي أن أساس المشكلة متعلق بالحكم وليس بحلٍ جزئيٍ فتافيت كإخراج المعتقلين.
أن العسكر المستولين على الحكم يرفضون أي حلٍ بدليل 25 مبادرة خرجت لم يسعى العسكر لحلحلة أي جزءٍ منها بحل، وأخيرا بلاشك نحتاج مبادرة وقف العنف والمراجعات ولكن من العسكر.