غرس الفطرة في عالم الذر
- التصنيفات: التفسير -
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ} [سورة الأعراف: 172]
هذه شهادة الفطرة وقد أشهدنا الحق على وحدانيته و نحن فى عالم الذر و الإقرار سيد الأدلة و الأمر هنا أن الخلق شهدوا على أنفسهم و أخذ الله عليهم عهد الفطرة خشية أن يقولوا يوم القيامة {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ} وفى صحيح البخارى فى كتاب الأنبياء عن انس رفعه أن الله يقول : «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ» (صحيح البخاري: 3334) .
كما يذكر ابن القيم فى تفسير آية الأشهاد عن بن مسعود وعن أنس من اصحاب النبى قال: «لما اخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسح صفحة هر أدم اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال: أدخلوا النار ولا أبالي ، فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم اخذ منهم الميثاق فقال:(ألست بربكم؟) قالوا: بلى. فأعطاه طائفةٌ طائعين وطائفةٌ كارهين على وجه التقيه فقال هو والملائكة : " شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل»
الأيه (1)
المرجع: القضاء والقدر فى الاسلام الدكتور:فاروق الدسوقى.
والشاهد من كل هذا أن عملية الأشهاد وهى عملية تكوينية ، تحدد بعدها وبعد عملية عرض الأمانة ، ماهية وجوهرة وخاصته فالاشهاد حدد الماهية والأمانة حددت الخاصية التى أفردت هذه الماهية عن سائر الماهيات والقرآن يسمى هذه الماهية : الفطرة ، وذلك حيث يقول الله {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]
قال بن كثير فى التفسير عن أية الإشهاد قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الأشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد ، وفى " الصحيحين " عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة – وفى رواية اخرى "على هذه المله" – فأبواه يهودانه و ينصرانه و يمجسانه ، كما تولد بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء؟» (صحيح البخاري:1319) ، وفي "صحيح مسلم" عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله : {أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ}
بقلم : جلال عبدالله المنوفي